دماء الحجارة و آهات الخشب
الحرب ... كلمة من نار ، معجونة بالدمار و الدماء و التشريد ، ذمَّها الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى و مما ذكره ( متى تبعثوها تبعثوها ذميمة ) ذكرَ مآسي الحرب حين كانت الحرب بالسيف و الرمح و النبال ، الحرب العالمية الأولى و الثانية كانت للهيمنة على العالم و تقاسم النفوذ ، أدت إلى مقتل أكثر من أربعين مليوناً من الناس .
تهزني الآلام بأنيابها و أظافرها و تعصرني تيارات المآسي ، و أنا أرى على أرض بلدي أجساداً قنصها الموت ، فأصبحت في رحمة الله ، و هم أحياء عند ربهم ، الطهر في دمائهم ، و الخلود في أرواحهم .
ينقل التلفاز باستمرار صوراً حزينة لأبنيةٍ انحنت جدرانُها ، و تهاوت سقوفها ، و التوت أعمدتها ، و أصبحت تلالاً من المآسي ، تمتزج ذرات التراب بقطرات الدم لتكوِّن فطيرة يعشق طعمها المجد ، و قد أنضجتها نار الأحزان .
إني حين أرى أحجار المباني راكعة ساجدة ، أرى في عروقها دماء أصحابها نازفة باكية ، لقد شقي أصحابها شقاءً مراً ، حتى هيأ لهم المولى شراءها و السعادة في تقبيل أحجارها الباسمة ، و حين أصابها الإعصار تهاوت نفوسهم و تفجرت دماؤهم في عروق الحجارة المتدحرجة كرؤوس الأضاحي .
في صور التلفاز .. أكاد أسمع آهات و أنات الأبواب و النوافذ الخشبية المتهشمة ، نحيبٌ مستمرٌّ على سعادةٍ تلاشت و سرورٍ سرقه الطوفان
وسوم: العدد 678