الدور العربية والدور الإفرنجية
من الذاكرة :
الدور العربية اسمها يبعث على الفخر لأنك عربي ، والدور الافرنجية اسمها يبعث على الآسى !
فبلاد الافرنج أعداؤنا ، وكل ما جاءنا من الغرب نسميه افرنجي !
حتى البندروة كان اسمها فرنجي لأنها كانت غريبة عن ديارنا .
وكذلك المرحاض الافرنجي ؟
الدار العربية فيها اتساع ، ومن بركات الزواج الدار الوسيعة ، والمرأة المطيعة .
في الدار العربية أكثر من عشر غرف ، هذه للقعدة ، وهذه للضيوف ، وهذه للنوم ، وهذه للخلوة ، وهذه للسهرة الكبيرة وللأسف دمرها الطيران الروسي والمجوسي الحاقد .
الدار العربية أفضل ألف مرة للأعراس إذا ذكرنا الصالات ،
في الدار العربية يتعايش أجيال وأجيال ، وعند العرس يحتار الجد الذي سيمسك إيد بأيد ، إيد من لمن ؟؟؟
الطاسة ضايعة ، لكن كان هناك شيء اسمه الحياء !!!
الدار العربية يمكن للأطفال أن يلعبوا فيها كرة القدم أو كرة السلة ، في الدار العربية دكة أو مصطبة لنشر البرغل ، أو مد صواني دبس البندورة ، أو دبس الحلو ، أو لنوم الصيف عند اشتداد الحر .
الدار العربية تحوّر أي تطلى بحجر الحور الأبيض الرخو الذي كان يؤتى به من مقطع الزاغ على سفح جبل الشيخ عقيل ، ويباع المحمول على الجحش ، ولتصنيعه يحتاج إلى خبرات العجائز ، كانت الدار تحوّر حتى الآسطحة ، وهذا يتكرر كل عام ، ويتعاون فيه الجيران والآقارب .
رأيت دارا عربية لواحد من آل عثمان عند ساحة مرطو ، لو وقفت على بابها لا تشاهد من في آخرها إلا بمكبر ؟
يتزوج أربع أولاد في هذه الدار ، ولو اختلف الزوجان الجدد ونتفوا بعضهم لايسمع بالأمر سوى الأم ، واسمها الحماة ، وهي فرعونة الدار .
في الدار العربية تنور للخبز ، وقاطع يملأ بالبعر أو القرم ، يعجن العجين في السهرة ويخبز عند الفجر ، والذي يقارن خبز الفرن بخبز التنور يكاد يُراجع ، أي يستفرغ مافي معدته ، خبز التنور يحتاج سعادة قبل أكله ، وخاصة رغفان بفلفيلة ، ماهذه الرغفان ؟؟ أصبحت سرا لايُعرف ، وخبز الفرن يأنف أكله الكلب ، ومع ذلك تجري المعارك أمام الأفران من أجل الدور ، حتى القرويات ماعدن يخبزن على الصاج بعد أن لبسن البنطال الضيق وصرن على الموضة !
إن مهنة لم البعر وصنع الجلة اختفت واندثرت عندما لبسنا الجينز ، وصارت بنت القرية تعتمد على خبز الفرن ولو كان عجين بعجين ! ياسبحان الله .
في الدار العربية سقيفة للحطب استعدادا للشتاء وغالبا هو من أغصان الكرم ، وخزانة حجرية تسمى قاطع ، مملوءة بالمنظفات ، ودكة وصندوق نصفه للبرغل الخشن ونصفه للبرغل الناعم ، وشعرية وهي خزانة يوضع فيها الطعام الزائد عن الحاجة ، وهي مصفحة بالمنخل من جهاتها الثلاث لمرور الهواء فيها ، وبجانبها خابية من طين معين يبرد فيها الماء بالصيف ، ولها مصّغر وهي الشربة ، وهي صغيرة وماؤها عذب وبارد في الصيف ، هل نسيتم حلب وسوق الخابية فيها !
في الدار العربية بئر ماء عمقه على الغالب ٤٠ متر ، ماؤه بارد صيفا دافئ شتاء ، في سقفه بكرة عليها حبل في آخره القادوس وهو الذي يغرف الماء بعد تحريك الحبل للاسفل .
كان من هوايتي في الصيف النزول للبئر إذا خلت الدار من ساكنيها ، في مقدمة البئر حجرة كبيرة تسمى الخرزة ، وفي جدران البئر مايسمى دواسات ، وهي حفر صغيرة توضع فيها القدم ، والامر يحتاج إلى مهارة وإلا هوى النازل إلى القاع ولم يخرج إلا ميتا ومطبشا تسيل الدماء منه !
تسمع المنادي في سوق البلد :
ياسامعين الصوت صلوا على النبي ، مادارنا إلا الدار الآخرة
للبيع دار فلان ابن فلان خمس غرف ومطبخ وجب ماء ودكة ٥ في ٥ .
في الدار العربية يزحف الأطفال لمدة نصف ساعة ليصلوا إلى تجمع الأعمام ، ويأتي بالصغير فيحمله عمه أو جده في حضنه فينتف له لحيته وهو يظنه أباه .
في الدارالعربية القديمة لو وقف من بشمالها وخرج لم يسمعه من بجنوبها ، لذا تختفي أصوات الشجار بين الكنائن ، ولا يعرف إلا من عبوس في الوجه !
الدار العربية تتسع لأكثر من عشر دور افرنجية ، والدار الافرنجية يسميها الأديب علي الطنطاوي علب كبريت ، وهي غرفتان وصالة ، أو ثلاث وصالة ، لو خرج ريح من ضيف خطأ لتغير هواء الغرفة ؟ وعمت ريح غاز الفحم أو الكلور حسب الأكل !!
الدار الافرنجية تفو عليها ، إذا شخر النائم فيها أزعج جاره ، وكثيرا مايحدث شجار من أجل ذلك .
الدار الافرنجية بلاء ، خاصة إذا صارت ضيقة ، فإذا قصف طيار دارا ضيقة تهدمت أغلب الدور
فلتذهب البيوت الإفرنجية إلى الجحيم ؟؟؟؟
أين مساكن هنانو !!
خربت في حرب الإرهاب !
وبدون مصعد كهربائي لن تستطيع زيارة صديق أو قريب !
لكن ماحيلة الفقير ، الخيمة أفضل من شقة ولو شقت المرارة !
تقول : خيمة أفضل أم دار افرنجية !
مارأيك ؟؟ الخيمة للقرباط !
وشقة في طابق عاشر أفضل من خيمة ؟
اسمع ماقالت ساكنة القصر ميسون الكلبية زوجة معاوية بن أبي سفيان
لبيتٌ تخفق الأرواح فيه
أحب إلي من قصر منيف
وكلب ينبح الطراق دوني
أحب إليّ من قط أليف
خشونة عيشتي في البدو أشهى
إلى نفسي من العيش الطريف
اللهم أهلك من هدم ودمر دورنا ومساجدنا ومستشفياتنا ، اللهم عليك بالروس والمجوس ، وأحفاد القرامطة
خذهم يارب أخذ عزيز مقتدر ، أرنا فيهم يوما أسودا يا أرحم الراحمين
وفرجك ياقدير .
وسوم: العدد 721