الخاطرة 134 : الفتنة ومقارنة الديانات
خواطر من الكون المجاور
موضوع اليوم حساس جدا وربما قد يجعلني - والله أعلم - أخسر نصف معجبي صفحتي ( عين الروح ) ، ولكن إظهار الحقيقة بالنسبة لي هو أحد أهم أسباب وجودي ، لذلك فإنني لن أتراجع عن إبداء رأيي طالما أن اﻷمر يشكل مشكلة كبيرة تتعلق بمصير ليس المسلمين فقط ولكن جميع شعوب العالم. وأتمنى من أولئك القراء - سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين - الذين سيشعرون بالضيق من اﻷفكار التي أطرحها في مقالتي هذه ﻷنها قد تعارض آرائهم أن لا يحكموا عليها بالباطل من البداية ، ولكن أن يتريثوا ويتابعوا قراءة كامل الفقرات لتتكون لديهم نظرة شاملة عن فكرة الموضوع من جميع نواحيه . ولا ننسى أن أهم تعاليم القران الكريم هو إعطاء اﻷشياء حقها بالكامل ، وهذا ما نقرأه في سورة المطففين (ويل للمطففين. ..الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون.
..وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون...) فالمطفف بمعناه الشامل ليس فقط ذلك اﻹنسان الذي يغش بالميزان في المحلات التجارية ، ولكن هو اﻹنسان المقلل في حق صاحب الحق ، المطفف هو ذلك اﻹنسان الذي لا تهمه الحقيقة فيرفع قيمة شأن كل شيء له مصلحة به سواء كان بضاعة أو عمل أو فكرة أو نظرية أو أي شيء آخر ، ويخفض قيمة شأن كل شيء لا يناسب مصلحته الشخصية..... بناء على هذا المبدأ المذكور في القرآن الكريم تم كتابة أفكار هذه المقالة ﻹظهار ما أستطيع إظهاره من الحقيقة لتراها أعين القراء أيضا. ليساهموا هم بدورهم في الحكم وبشكل عادل على فكرة موضوع المقالة.
قبل فترة كنت أحضر موضوع يحمل عنوان ( فلسفة الديانات ) ﻷنشره على أجزاء في صفحتي ( عين الروح ) وكانت مقدمة هذا البحث تتكلم عن حوار الديانات وكيف وصل هذا الحوار في عصرنا الحاضر إلى شكله السلبي ، والذي بدأه الداعية الهندي المسلم المرحوم أحمد ديدات ، وكانت هذه المقدمة تتكلم بشكل عام عن أسلوبه وآرائه ونتائج أعماله ، ليأخذ القارئ فكرة شاملة عما حصل في موضوع حوار اﻷديان حتى يومنا هذا .ولكن شاءت اﻷقدار أن تتناقل وسائل اﻹعلام خبر إتهام الدكتور ذاكر نايك الداعية اﻹسلامي ( باﻹرهاب وغسل اﻷموال ) ومطالبة الشرطة الدولية ( اﻹنتربول ) بالقبض عليه وإرساله إلى بلده الهند لمحاكمته. ...وبسبب هذه التهمة شهدت مختلف مواقع التواصل اﻹجتماعي تفاعلا كبيرا مع الدكتور ذاكر ، وكثير من المسلمين هموا بإرسال هاشتاق كحملة إلى جميع معارفهم فيه لمحة عن حياة وأعمال ذاكر نايك وأن رأيهم به أنه ليس إرهابيا ، وطلبوا في هذا الهاشتاق أن يرسلوا هم بدورهم هذا الهاشتاق إلى معارفهم أيضا لينشروا هم أيضا بأن الدكتور ذاكر ليس إرهابيا وليجعلوا من هذا الخبر ضجة عالمية تمنع جميع السلطات مهما كانت من إتهام الداعية الهندي الدكتور ذاكر بتهمة اﻹرهاب وغيرها. طبعا وصل هذا الهاشتاق لي أيضا ، وهذا ما دفعني إلى تعديل الموضوع وبدلا من أن أتحدث عن أحمد ديدات فقط رأيت أهمية أن أتحدث بشكل شامل عن اﻹثنين معا لنأخذ صورة شاملة عن سلوك وأعمال الدكتور ذاكر . ..هل هو إرهابي فعلا ، أم أنها تهمة باطلة سببها الحقيقي هو خوف السلطات الهندية من براعته في الدعوة إلى دين اﻹسلام؟
ما شد إنتباهي في البداية هو تصرف المسلمين في سرعة إعطاء الحكم على براءة الدكتور ذاكر ، فجميع وسائل اﻹعلام وكذلك جميع مواقع التواصل اﻹجتماعي أعطت رأيها مباشرة ( الدكتور ذاكر نايك ليس إرهابيا )... هل يحق لنا نحن المسلمون أن نصدر هذا القرار في تهمة تعتبر من أعظم المشاكل التي تعاني منها اليوم معظم شعوب العالم وخاصة الدول اﻹسلامية. ..المسلمون الذين يعيشون في دول إسلامية لا تزال - والحمدلله- حتى اﻵن في آمان ، كاﻷردن ، ودول الخليج والمملكة العربية السعودية والمغرب والجزائر وتونس ومصر وغيرها من البلدان اﻹسلامية غير العربية ، هؤلاء المسلمين الذين يدافعون عن براءة الدكتور ذاكر من تهمة اﻹرهاب. ما هو موقفهم إذا رأوا أن بلادهم تهددها الفتنة وأن عدم محاربتها قد تجعل بلادهم تتحول إلى دول مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان ،حيث 70% من بيوتهم قد تدمرت ، وبسبب الحروب اﻷهلية نصف شعبهم قد نزحوا إلى دول مجاورة، وبسبب كثرة عددهم قد سببوا مشاكل كثيرة لسكان هذه البلاد جعلت النازحين يعيشون مكروهين في هذه البلاد ، هؤلاء المسلمون الذين يعيشون في بلاد آمنة قبل أن يعطوا رأيهم ببراءة الدكتور ذاكر ، هل وضعوا أنفسهم في مكان أولئك الذين بعد دراسة اﻷمور التي تخص الدكتور ذاكر وجدوا أنه يشكل خطر على بلادهم وشعبهم فاتهموه بتهم اﻹرهاب ؟ هذا القرار الذي يتهم الدكتور ذاكر لم يصدر من شخص يكره المسلمين ، ولم يصدر من حكومة حيث التعصب الديني فيها قد أعماها عن رؤية الحقيقة ، ولكنه صدر عن لجنة المحكمة العليا في الهند ، ودولة الهند وضعها من الناحية الدينية حساس جدا جدا ﻷنه يختلف عن الدول الأخرى في العالم بسبب تعدد الديانات وتعدد الآلهة ، وتعدد اللغات والقوميات في هذه البلاد ، والله وحده فقط يعلم كم من جهود عظيمة تحتاج حكومة هذه الدولة لتستطيع السيطرة على هذه اﻹختلافات في طبيعة سكان بلادها ، لذلك عظماء هذه الدولة يتبعون مبدأ ( مصلحة الدولة الهندية وشعبها فوق كل جميع اﻹنتماءات اﻷخرى ) ، فرغم أن نسبة أتباع الديانات الهندوسية تعادل 80% من سكان الهند نجد أن أشهر نجومها في السينما هم مسلمين أمثال ، شاروخان وسليمان خان وعامر خان وشاهيد كابور وغيرهم ، ما يحدث في الوسط السينمائي الهندي من ديمقراطية في التعامل يحدث أيضا في جميع مجالات الحياة في الهند ، وما أقصده هنا أن اللجنة التي أصدرت القرار في تهمة الدكتور ذاكر التي تتهمه بأن أعماله تسبب تدمير وحدة الشعب الهندي، ليست لجنة هندوسية ولكن لجنة يتألف أعضاؤها من مذاهب دينية مختلفة ، وربما بعضهم مسلمين أيضا.
ويجب أن نعلم أن هذه التهمة الموجهة إلى الدكتور ذاكر نايك ليست فقط من السلطات الهندية ، فالحكومة البريطانية لها نفس الرأي به ، فقد حظرت الوزيرة تيريزا ماي دخول الدكتور ذاكر بلادها طبقا لقوانين تتيح إستثناء أي شخص أعماله بإمكانها تأجيج العنف والفتنة بالطوائف التي تعيش في بلادها ، وحسب رأي حكومتها أن الدكتور ذاكر لا يخدم الصالح العام ولكن يخدم مصلحته الشخصية فقط ، لذلك يعتبر من غير المرغوبين في بلادها. والحكومة الكندية أيضا أصدرت قرارا بمنع الدكتور ذاكر من دخول بلادها لممارسة أعماله ، وحسب رأيها بأنه آرائه مثيرة للفتنة وتهدد أمن شعبها. قرأت في أحد المواقع في اﻹنترنت أن أمريكا أيضا وضعت إسم ذاكر نايك في قائمة غير المرغوبين في بلادهم لنفس اﻷسباب.
المحكمة العليا في الهند إتهمت الدكتور ذاكر نايك أيضا بتهمة غسيل اﻷموال والكسب الغير المشروع عن طريق مؤسساته والقنوات الفضائية الدينية التي يديرها ، بالنسبة لي هذه التهم لا تهمني ولا أريد أن أتكلم عنها ، وما يهمني هو تلك التهم التي صدرت بحقه وهي تهديد الأمن القومي لشعب الهند بسبب آرائه التي تدعو إلى نشر الطائفية وتنمية اﻹرهاب في بلادها... بمعنى آخر أي أن السلطة الهندية تدافع عن حقها ضد الدكتور ذاكر لتمنعه من تحويل بلادها اﻵمنة إلى دولة ينهش شعبها الفتنة والحروب اﻵهلية ، كما يحدث في سوريا والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان والعديد من الدول الأفريقية.
هل يعلم أولئك المسلمون الذين يطالبون ببراءة الدكتور ذاكر وإعطائه كامل الحرية في الهند ليمارس أعماله ونشاطاته ، بأن السلطات الهندية تخشى على أمن المسلمين الهنديين أكثر من خوفهم على الهندوسيين ، ﻷن بما يفعله الدكتور ذاكر - حسب قرارهم - يؤجج نار الفتنة بين الهندوسيين والمسلمين ، وأنه إذا ثار الهندوسيين ضد المسلمين وبسبب أعدادهم الهائلة ، عندها السلطة الهندية نفسها لن تستطيع تأمين الحماية الكافية للمسلمين هناك الذين نسبتهم لا تزيد عن 13% من سكان الهند. ... هل فكر هؤلاء المسلمين الذين يدافعون عن الدكتور ذاكر قبل على اﻷقل أن يتحققوا من صحة التهمة، ماذا يمكن أن يحدث لأولئك المسلمين الذين يعيشون في الهند من غضب الهندوسيين المتعصبين لدينهم إذا إندلعت شرارة الفتنة هناك ؟ هل هناك قوة أمنية تستطيع حماية المسلمين في الهند إذا ما حدث ذلك ؟ الفتنة هي أقوى أسلحة الشيطان ولا يستطيع إخمادها أحد سوى التدخل اﻹلهي ، نتائجها وخيمة جدا على جميع اﻷطراف المشاركة فيها ﻷنها تصل إلى مستوى تستطيع به الروح الشيطانية تشويه التكوين الروحي في اﻷطفال فتحولهم من كائنات مسالمة ( مشابهة لهابيل ) إلى كائنات متوحشة شيطانية خالية من روح الله ( مشابهة لقابيل ) ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكد على ذلك في حديثه الشريف ( إذا جاءت الفتنة إكسروا سيفكم وإقطعوا أوتاركم وإلزموا فيها أجواف بيوتكم وكونوا فيها كالخير من بني آدم ) أي كونوا مثل هابيل إبن آدم الذي قال ﻷخيه ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي ﻷقتلك إني أخاف رب العالمين ) وأفضل مثال على النتائج الوخيمة للفتنة هو ما حدث في أفغانستان التي لها أكثر من 20 عاما منذ إندلاع شرارة الفتنة فيها ،حيث حولت الفتنة هذه البلاد إلى منطقة يحكمها الشيطان نفسه. والمسؤولين عن هذه الفتنة بشكل مباشر هم مسلمون أرادوا تكوين دولة إسلامية تحكمها الشريعة اﻹسلامية ، ولكن بسبب تخلفهم الفكري وسوء فهمهم ﻵيات القرآن وتعاليم اﻹسلام إستطاعوا تكوين دولة شيطانية بكل معنى الكلمة يسودها قانون الفوضى والوحشية واﻹنتقام.
والسؤال هنا هل الدكتور ذاكر نايك هو فعلا داعية إسلامية قصده خير للإسلام ، أم أنه فعلا داعية للكراهية والفتنة كما تم إتهامه من قبل السلطة الهندية والبريطانية والكندية وأن قصده الحقيقي هو تنمية التعصب الديني وتأجيج نار الفتنة بين الطوائف المختلفة لتدمير اﻷمن القومي في تلك البلاد ؟... في أسطر هذه المقالة سنجيب على هذا السؤال وبكامل التفاصيل.
أود أن إعلم القراء الجدد أن الهدف الحقيقي لنشر مقالاتي هو تصحيح البيئة الروحية للأطفال لتنمو بشكل سليم مطابق لسنة الله. وأنا لا أطلب من كل شخص أن يؤمن او لا يؤمن بصحة أفكاري مباشرة ولكن أن يفكر بها ويترك أمرها لله ، فكما تقول اﻵية 159 من سورة البقرة ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) وأنا أذكر لكم تلك العلامات التي رأتها عيني لتراها أعينكم أيضا ، وأرجو الله أن يكون هو - لا أنا - من سينير عقولكم لتستطيعوا التفريق بين الحقيقة والدجل.
واﻵن لنعود إلى موضوعنا الرئيسي، من هو الدكتور ذاكر نايك ؟ فكما يقول هو عن نفسه بأنه يعتبر نفسه تلميذ للداعية أحمد ديدات حيث أن شدة إعجابه به وبإسلوبه في نشر الدين اﻹسلامي ، جعله يتخلى عن عمله كطبيب جراح ليتحول إلى داعية إسلامية يلقي المحاضرات ويقيم المناظرات مع أنصار الديانات اﻷخرى. وكثير من المسلمين يعتبرونه خليفة الداعية أحمد ديدات. لذلك حتى نفهم حقيقة الدكتور ذاكر وهدفه لابد أولا أن نتكلم عن أستاذه أحمد ديدات الذي أسس وترأس المركز العالمي للدعوة الإسلامية في مدينة ديربان في جنوب أفريقيا.
أحمد ديدات ( 1918 - 2005) هو مسلم هندي هاجر في صغره مع عائلته إلى جنوب أفريقيا ، رغم أن دراسته لا تتعدى المرحلة اﻹبتدائية ، ولكنه إستطاع من خلال قراءته لمختلف الكتب الدينية أن يكتسب ثقافة عامة سمحت له بمناظرة المبشرين المسيحيين في جنوب أفريقيا - حسب رأي المسلمين - واﻹنتصار عليهم ، وهذا ما ساعده على توسيع نشاطه في الدعوة إلى اﻹسلام. فأسس المركز العالمي للدعوة اﻹسلامية وأصدر عدة كتب وكتيبات يذكر فيها أخطاء الكتب المقدسة للمسيحية واليهودية ، وقام بإلقاء آلاف المحاضرات في جميع أنحاء العالم ، وهو أول من طالب بقيام مناظرة مع علماء الديانات اﻷخرى لمقارنة الديانات ، كثير منهم رفض المشاركة فيها بحجة أن هذا النوع من المناظرات لن تفيد في شيء سوى إثارة الفتنة والعداوة بين الشعوب ، ولكن البعض اﻵخر وبسبب شدة إصرار احمد ديدات الذي وصل إلى نوع من التحدي قبلوا المشاركة ، فعقد عدة مناظرات مع كبار رجال الدين المسيحي والتي تم تسجيلها على اشرطة الفيديو حيث تم بيعها وتوزيعها تحت إشراف المركز العالمي للدعوة اﻹسلامية التي أسسها أحمد ديدات .
إذا بحثنا عن رأي الناس في اﻹنترنت عن أحمد ديدات سنجد تناقضات غريبة عجيبة ، حيث الكثير من المسلمين يعتبرونه وكأنه أكبر علامة إسلامية في العصر الحديث ، بينما الكثير من غير المسلمين يعتبرون أكبر داعية للكراهية ونشر الحقد والبغضاء بين الشعوب.وحتى نستطيع فهم حقيقة هذا الشخص، لعل من اﻷفضل أن نتكلم بالتفصيل عن أعماله وسلوكه وإسلوبه في الدعوة إلى اﻹسلام.
إذا ألقينا نظرة سريعة في مقاطع الفيديو القصيرة المنشورة في الانترنت عن أحمد ديدات سنجد أن معظم عناوينها تستفز المتفحص المسيحي وتجعله من قراءة عنوان المقطع يشعر بكره نحو أحمد ديدات بشكل خاص وللمسلمين بشكل عام، ونعرض بعض منها :
- زلزال " أحمد ديدات " يدمر عرش الكنيسة في أستراليا
- أحمد ديدات يسحق القسيس بسؤال واحد ويجعل النصارى يهربون من القاعة.
- قسيس يتحدى أحمد ديدات وبعد دقائق ينهار ويعترف بالهزيمة النكراء.
- شاهد خوف ورعب القساوسة من أحمد ديدات.
- أحمد ديدات يهزم جميع المسيحيين في دقيقتين وينهي المناظرة.
- مسلم يصفع القس بسؤال صعب واحمد ديدات يجهز عليه.
- ديدات يهزم القس شروس وينهي المناظرة في دقيقة واحدة.
- ديدات يسحق المسيحيين بسؤال ليس له إجابة في اﻹنجيل.
وغيرها. ...وغيرها. .....
بكلمات قليلة نستطيع أن نقول بأن هذا الأسلوب القاسي في العبارات السابقة هو نفسه في أسلوب أحمد ديدات أثناء الحوار والمجادلة مع المسيحيين. قد يعترض البعض على هذا الكلام ويتحجج بأن هذه العناوين منشورة من مسلمين متعصبين ، وأن هذا اﻷسلوب التعصبي لا يعبر عن أسلوب أحمد ديدات. ولكن من يذهب إلى المناظرات التي أقامها أحمد ديدات ويبحث بشكل مفصل في أسلوب إلقائه أمام الجمهور، وأقصد هنا ليس فقط اﻷفكار التي تخرج بكلمات وجمل من فمه ، ولكن أيضا بطبيعة ملامح وجهه وبحركة جسده وبنبرة صوته ، سيجد أن أسلوبه في اﻹلقاء لا يختلف عن نوعية العبارات المختارة في هذه العناوين، فأسلوبه يستفز المشاهد المسيحي ويضعه من بداية المناظرة في حالة تحدي يجعله يتخذ موقغ عدائي لأحمد ديدات وللإسلام أيضا.
أحمد ديدات يستخدم أسلوب الممثل المسرحي الساخر الفظ القلب حيث سخريته بعض اﻷحيان تصل إلى مرحلة الشتيمة وبأسوأ أنواعها ، فنراه في مناظراته يتكلم عن اﻹنجيل والتوراة بأسلوب وكأنها كتب لا يؤمن بها سوى المختلين عقليا، فنجده مثلا يفعل حركته الشهيرة حيث يرفع يده إلى اﻷعلى ويوجهها بإتجاه خصمه ويخفضها بقوة نحو اﻷسفل قائلا تعابير مثل ( عار عليكم. ..أنتم حمقى..أيها المنافق....)
بعض اﻷحيان نجده يستخدم عبارات قاسية جدا في وصف الكتاب المقدس فيقول مثلا ( ما هذه اللغة القذرة التي يستخدمها هذا الكتاب. .... هل هذا كتاب مقدس أم كتاب جنس).
في أحد المقاطع مثلا نجده قد أحضر معه عصا لتساعده أكثر في تصوير القصة المذكورة في سفر القضاة ( اﻵية 31 من اﻹصحاح الثالث: وكان بعده شمجر بن عناة فضرب من الفلسطينين ستة مئة رجل بمنساس بقرة...) ، فيرفع أحمد ديدات العصا أمام الجمهور ، ويحركها بسخرية كما يحرك الطفل سيفه الخشبي ويقول ضاحكا بصوت ساخر ( إنظروا بمثل هذه العصا قتل شمجر 600 رجل فلسطيني) ، وينتقل باسلوبه الساخر إلى قصة شمشون ويذكر كيف بفك حمار قتل شمشون ألف رجل من أعدائه كما هي مذكورة في سفر القضاة ، فيقول ساخرا من هذه القصة ( لو أن كل رجل من هؤلاء بصق على شمشون ﻷغرقوه ). ثم يشبه قصة شمشون بشخصية سيلفيستر ستالون في فيلم رامبو متابعا سخريته من هذه القصة المذكورة في الكتاب المقدس دون أن يراعي شعور المسيحيين ،فشمشون بالنسبة لهم يعتبر نبي.
كيف سيشعر المسلم إذا رأى قس مسيحي يسخر من معجزة اﻹسراء والمعراج ،مستخدما نفس أسلوب أحمد ديدات الساخر ونفس الفاظه القاسية؟ إن إستخدام عبارة ( لو أنهم بصقوا على شمشون ﻷغرقوه ) تعبر تماما عن شدة الكره والحقد الذي يحمله أحمد ديدات في قلبه على المسيحيين. فطالما أن أحمد ديدات يؤمن بأن قصة شمشون مجرد خرافة، يوجد عشرات الجمل التي بإمكانها أن تعبر عن خرافية قصة شمشون ودون أن تثير إشمئزاز المسيحيين منه. فمن المعروف عند الجميع أن الغضب يوقف خلايا الدماغ عن العمل فبمجرد أن أحمد ديدات قد أثار إشمئزاز المسيحيين بإسلوبه الفظ ، هذا يعني أن خلايا دماغهم قد توقفت عن العمل للتفكير بالأدلة التي ذكرها لهم، فما الحاجة إذا إلى القيام بمثل هذا النوع من المناظرات طالما أن هدفها فقط شتيمة الطرف اﻵخر .
في عام 1996 نجد أحمد ديدات يختار يوم الجمعة العظيمة التي تصادف يومين قبل عيد الفصح عند المسيحيين، حيث فيها - حسب دينهم - تم صلب ووفاة يسوع المسيح ، وهذا اليوم عندهم يعتبر أقدس يوم ديني من أيام السنة، ﻷنه يعبر عن أرقى أنواع التضحية والمحبة والتسامح. وأحمد ديدات إختار هذا اليوم ليلقي محاضرة تتعلق بموضوع يوم الجمعة العظيمة ،يثبت فيها أن عيسى لم يصلب وأن هذه القصة وهذا اليوم المقدس هي مجرد خزعبلات. وطبعا سلوك ديدات هذا وإختياره لهذه اليوم بالذات ليلقي محاضرته ، أثار إستفزاز الشعب اﻹسترالي ، وإعتبروه نوع من إستغلال النظام الديمقراطي وحرية الفكر التي تتمتع بها هذه البلاد لشتم الدين المسيحي ، ونجد في المقابلة التلفزيونية عندما تسأل مقدمة نشرة اﻷخبار أحمد ديدات عن سبب إختياره لهذا اليوم بالذات ، ﻷن تصرفه يعتبر إساءة وإستفزاز للشعب اﻹسترالي ، نجد أحمد ديدات يجيبها بأنه لم يعلم أن يوم المحاضرة يصادف في نفس يوم الجمعة العظيمة. من لديه خبرة بسيطة في قراءة ملامح الوجه وينظر بتمعن إلى وجه أحمد ديدات وهو ينكر عدم معرفته وأن ما حصل كان مجرد صدفة ، سيفهم مباشرة أن أحمد ديدات في تلك اللحظة كان يكذب فهو يعلم تماما بأن موعد المحاضرة سيتم في يوم الجمعة العظيمة وأنه وبشكل متقصد قد إختار هذا اليوم ليحدث ضجة إعلامية في إستراليا ، مقدمة البرنامج هي أيضا فهمت ملامح وجه أحمد ديدات لذلك نراها تنظر في عينيه ببسمة ساخرة وتهز رأسها وتقول ( إذن كان اﻷمر مجرد صدفة ) .
هل تصدقون أن أحمد ديدات الذي يعيش في بلد مسيحي ( جنوب أفريقيا ) والذي يبحث في موضوع يوم الجمعة العظيمة ليلقي محاضرة طويلة عنها، لا يعلم متى يصادف يوم الجمعة العظيمة ؟ هل يعقل هذا ؟ في كل الاحوال إن ملامح وجهه وهو ينكر ذلك موجودة في الفيديو ويمكن ﻷي شخص له خبرة بسيطة في فهم تعابير الوجه التأكذ بأن أحمد ديدات يكذب وأنه قد إختار ذلك اليوم عن قصد.
وحتى نفهم شدة قلق الكنيسة اﻷسترالية من سلوك ديدات سنذكر عليكم هذه الحادثة :
في تركيا قبل عامين وبسبب نشر رسومات تسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيفة تشارلي الفرنسية ، خرجت مظاهرة إحتجاجا على هذه الصحيفة ، فحدث عندما مرت هذه المظاهرة بالقرب من كنيسة مسيحية فدخلها المتظاهرون وراحوا يحطمون كل شيء داخلها وعندما خرج عليهم القسيس متوسلا لهم بالتوقف عن تخريب مقدساتها إنهالوا عليه ضربا ولم يتوقفوا حتى فارقت روحه جسده. ..جميع أولئك المسلمون الذين يكتبون عن أحمد ديدات وكأنه أكبر علماء المسلمين في العصر الحديث ، هل يتصورون ماذا سيحصل لو أن قس مسيحي فعل مثل ما فعل أحمد ديدات ، فذهب إلى دولة إسلامية في منتصف شهر رمضان المبارك ليلقي محاضرة في قاعة ضخمة يثبت بها بأن القرآن الذي أنزل في شهر رمضان ليس كتاب الله وأن محمد صلى الله عليه وسلم هو نبي مزيف لم يرسله الله. هل يعلم هؤلاء المسلمون ماذا سيكون ردة فعل المسلمين على هذه الحادثة . ..الكل يعلم تماما بأن تلك القاعة في ذلك اليوم ستتحول إلى مجزرة يقتل فيها مئات اﻷشخاص وأول ضحاياه سيكون هذا القسيس الذي أراد شتم القرآن.
هذا تماما ما كان خوف الكنيسة في إستراليا في ذلك اليوم، أن يؤدي إستفزاز أحمد ديدات لشعب أستراليا إلى إثارة غيظ بعض المتعصبين المسيحيين هناك فيدفعهم غيظهم إلى الذهاب إلى القاعة التي ستقام بها المحاضرة ليمنعوا قيامها، فتتحول القاعة إلى ساحة معركة دموية بين المسلمين والمسيحيين.ولكن والحمدلله وبقدرة إلهية مرت اﻷمور بسلام هناك. لا أدري ربما بهذه الطريقة المسيحييون بسلوكهم هذا أرادوا أن يثبتوا لأحمد ديدات والمسلمين بأنهم شعب أرقى. أو ربما تركوا أمر أحمد ديدات لله ليعاقبه هو وليس هم. هل من تعاليم اﻹسلام أن يحلل المسلمون ما يحرمونه على غيرهم. ..معاذ الله.
بعض المسيحيين في إستراليا ذهبوا ليسمعوا ما سيقوله أحمد ديدات ، وبدلا من أن يكون سلوكه معهم لائقا ليسمعوا حديثه بفكر محايد ليساعدهم في فهم وجهة نظر اﻹسلام في هذا الموضوع، نجده يستفزهم من بداية المحاضرة ، فنجد أحدهم عندما أراد أن يجيب على سؤال وجهه أحمد ديدات للمسيحيين الموجودين في القاعة ، وبسبب منعه للإجابة بالطريقة التي يريدها هو ، نجده ينظر إلى ديدات نظرة مليئة بالكراهية وكأنه يقول ﻷحمد ديدات ( أنت لا تريد سماع الحقيقة ) ويترك مكانه رافضا متابعة حديثه مع أحمد ديدات .
المحاضرة بأكملها كانت بالنسبة للمسيحيين فقيرة، حيث جميع الأدلة التي ذكرها ديدات لم يكن لها القدرة على إقناع مسيحي بسيط ليشك في قداسة يوم الجمعة العظيمة. وقبل نهاية المحاضرة نجد رجال أحمد ديدات يحملون شاب مسيحي ليرموه خارج القاعة ، وآخر أراد أن يسأل سؤالاً ولكن أسلوب أحمد ديدات جعله يخرج هو اﻵخر من القاعة رافضا التحدث إلى أحمد ديدات .... يبدو أن أحمد ديدات لم يعلم أن يوم الجمعة عند المسلمين يعتبر أقدس أيام اﻷسبوع ﻷنه إسم هذا اليوم مصدره من ( الجمع ) إي بمعنى جمع العلوم للوصول إلى الحقيقة ، جمع النفوس لتتعاون فيما بينها ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ). ...ولكن في ذلك اليوم في محاضرة أحمد ديدات بدل أن يكون يوم الجمعة يوم تعارف تحول إلى يوم تفرقة حيث مناخ المحاضرة كان مناخ عدائي مثير للفتنة بحيث جعل بعض المسيحيين في أستراليا بدلا من أن يشعروا بنوع من اﻹلفة للمسلمين زاد كرههم لهم أكثر بدون أن يكون هناك أي فائدة ﻷي طرف من الطرفين .
يبدو أن أحمد ديدات لم يكن يعلم أهم مبادئ تعاليم الدين اﻹسلامي ، أن علم اليقين لا يملكه إلا الله تعالى ، وما على اﻹنسان إلا أن يعطي إثباتاته على صحة رأيه مستخدما أجمل اﻷلفاظ وأرقها. تماما كما علمها الله لرسوله الكريم ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) أو كما علمها لموسى وهارون عندما ذهبا إلى فرعون ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) . وكذلك اﻷية ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) .هذه هي تعاليم دين اﻹسلام في المجادلة والحوار ، للأسف أحمد ديدات كان في جميع مناظراته مع المسيحيين فظا غليظ القلب ، هدفه إثارة غضبهم ، وليس المجادلة معهم للوصول إلى الحقيقة.
عندما تكون المجادلة بين الطرفين ضمن الشروط التي إتبعها رسول الله ، عندها تعمل جميع خلايا دماغ اﻹنسان لفهم اﻷدلة المذكورة ،وعندها يكون الله ثالثهم فيساعدهم في الوصول إلى الحقيقة ، ولكن عندما تأخذ المجادلة شكل تحدي هدفها الفوز فقط عندها يفور الدم في شرايين الجسم وتتوقف خلايا الدماغ عن العمل ،وعندها في هذه الحالة يكون الشيطان ثالثهم ويصبح هدف المجادلة هو إثارة الفتنة والعداوة بين الطرفين. إذا تمعنا جيدا في جميع مناظرات أحمد ديدات نجد جميعها لها شكل تحدي ، والمسبب اﻷول في تحول المناظرة لتأخذ شكلها السلبي هو أسلوب أحمد ديدات الساخر ورداءة نوعية الفاظ التي يستخدمها في طرح أفكاره واثباتاته ، والجميع يعلم أن شعار أحمد ديدات في المجادلة هو ( إقلب الطاولة على الخصم ). لذلك نجد أن المسيحيين يلقبونه بداعية الكراهية بدلا من الداعية اﻹسلامية. ولهذا السبب الكثير من علماء اللاهوت المسيحي رفضوا إشتراكهم بمثل هذه المناظرات رغم إلحاح أحمد ديدات لهم.
إذا وضع علماء النفس أحمد ديدات تحت التحليل النفسي ليفهموا أسلوبه وطريقة إلقائه لأفكاره المعادية للمسيحيين ، سيجدوا أن أحمد ديدات قد إستغل المسلمين - عن قصد أو بدون قصد - لتحقيق إنتقامه من أولئك المسيحيين البيض في جنوب أفريقيا الذين كانوا يعاملوه هو وعائلته وكأنهم عبيد عندهم ، هذا الحقد الذي حمله لهم في قلبه منذ صغره جعله يبحث عن طريقة يستطيع بها اﻹنتقام منهم ، فوجد أن أفضل طريقة تحقق له أقسى أنواع اﻹنتقام هو الطعن في أغلى شيء عندهم وهو دينهم وكتابهم المقدس.لذلك عندما راح يبحث أحمد ديدات في اﻹنجيل والتوراة لم تكن نيته صافية هدفها البحث عن الحقيقة التي تكمن فيها عظمة الخالق، ولكن كان هدفه إظهار نقاط الضعف فيها والسخرية منها ليجرح نفوسهم ، إنظروا إلى الفيديو الذي يحمل عنوان( أحمد ديدات وإثنان من القساوسة ) في هذا الفيديو نجد المرأة المسيحية والقس يجلسون امام أحمد ديدات بكامل اﻹحترام ، بينما هو يجلس على مقعده وكأنه مستلقي على فراشه ورجله فوق الرجل اﻷخرى وكأنه بهذا الأسلوب في الجلوس يريد أن يظهر لهم وللمشاهدين بأنه إستطاع أن يقلب الوضع رأسا على عقب ، فهو اﻵن هو السيد والمرأة والقس هما العبيد. ...علم النفس لم يخلقه الله كعلم فقط ليستخدمه علماء النفس في علاج المرضى النفسيين ، ولكن أيضا لتحليل نفوس المشاهير ﻹظهارهم على حقيقتهم لحماية الناس البسطاء من خداعهم. هذا واجب عليهم والله عز وجل سيسأل علماء النفس يوم الدين عن سبب عدم محاولة تحليل نفسية أحمد ديدات وغيره ليعلم الناس حقيقة هذه الشخصيات التي اتخذها الناس قدوة لهم.
أنا كباحث عدا عن دراستي العلمية ، درست أيضا اﻹخراج المسرحي والسينمائي ولدي خبرة كافية في فهم التعبير الروحي لحركات الجسم وملامح الوجه ونوعية نبرة الصوت ، وبعد دراسات طويلة على شخصية أحمد ديدات في مناظراته ، وجدت أنه جميع حركات جسده ونبرة صوته وملامح وجهه تعبر بدقة تامة عن شخص فظ القلب هدفه فقط جرح مشاعر المسيحيين واﻹنتقام منهم ، كل مخرج أو ممثل يتمتع بموهبة فهم التعبير الروحي للجسد والصوت سيوافقني على هذا الرأي ﻷنه شيء واضح جدا ﻷي إنسان له خبرة في هذا اﻹختصاص، وﻷن أحمد ديدات كانت دراسته بمستوى المرحلة اﻹبتدائية فقط، لذلك كانت طريقة إلقائه فطرية تماما فلم يعلم أن جسده وصوته وملامح وجهه تكشف حقيقته للآخرين .
للأسف أحمد ديدات إستغل جهل المسلمين المطلق عن طبيعة الديانة المسيحية وكتبها المقدسة ، لذلك عندما شاهدوا أحمد ديدات يحفظ اﻹنجيل والتوراة عن ظهر القلب ورأوا قدرته على الطعن بها بأدلة قوية حسب رأيهم ، ظنوا أن حججه ستجعل المسيحيين يقعوا في مأزق من دينهم وكتابهم المقدس ، ولكن بالنسبة لي وﻷنني عشت مع المسيحيين منذ صغري وحتى اﻵن وخلال هذه السنوات الطويلة وبنية صافية هدفها الوصول إلى الحقيقة ، درست سلوكهم ودينهم وكتابهم المقدس بشكل عميق ، بحيث أنني إكتسبت القدرة على أن أرى من خلال أعينهم نفسها تلك اﻷسباب التي تجعلهم يؤمنوا بصحة دينهم دون أي شك منه. لذلك وجدت أن جميع اﻷدلة التي ذكرها أحمد ديدات للطعن في كتابهم المقدس كانت بالنسبة لي أدلة ضعيفة ليس لها القدرة على زعزعة أي مسيحي يؤمن بدينه ، عدا أولئك المسيحيين الذين عانوا من التفرقة العنصرية التي عانى منها أحمد ديدات نفسه.
التحريف الذي يتكلم عنه أحمد ديدات يختلف معناه بالنسبة للمسيحي ، المسيحي لا يهتم بإختلاف الكلمات والجمل مثل المسلم ، ولكن يهمه المعنى العام للحدث ، واﻷحداث المذكورة في كتابهم المقدس لها نفس المعنى العام ، أما مسألة نقص بعض اﻵيات أو إختلاف الكلمات من نسخة إلى نسخة ، والتي يذكرها أحمد ديدات كإثبات قوي وكأنه قد إكتشف خطأ عظيم سيهز عرش البابا في الفاتيكان ، فهذا النوع من اﻹثباتات التي يذكرها لا تدل سوى على جهله في أهم مبادئ البحث في الكتب المقدسة. فالله عز وجل يقول عن القرآن ( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. ....وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون. ... وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها...) وهذا يعني أن كل عالم يريد أن يبحث في علوم القرآن يجب أن يقرأه بلغته اﻷصلية أي العربية ليفهم آياته ، ولكن أحمد ديدات لا يعرف اللغة العربية ، وهو نفسه يؤكد على أنه لا يعرف اللغة العربية ويقول أنا أفكر وأحلم باللغة الإنكليزية ، ودراسته للقرآن قد حدثت على القرآن بالنسخة الانجليزية. لذلك لم يستوعب المعنى الشامل للآيات القرآنية.
أيضا اﻹنجيل له لغته الأصلية ، وهي اللغة اليونانية ، فمن يريد أن يبحث في الدين المسيحي يجب أن يقرأ إنجيل النسخة اليونانية ، فلو قرأ أحمد ديدات النسخة اليونانية للإنجيل لكانت معظم اﻷدلة التي يذكرها في مناظراته لا مكان لها في الوجود. ﻷن النسخ اليونانية هي نفسها منذ إنعقاد مجمع نيقيا ( عام 325 ميلادي ) وحتى اﻵن. في اليونان مثلا يوجد ثلاث نسخ للقرآن وكل نسخة ترجمتها مختلفة عن اﻷخرى، هل هذا يعني أن أي قس يوناني يستطيع أن يثبت أن القرآن تم تحريفه إعتمادا على نسخ القرآن اليونانية ، أحمد ديدات للأسف فعل نفس الشيء وإتهم تحريف اﻹنجيل إعتمادا على النسخ الإنجليزية وليس اليونانية اﻷصلية. موضوع تحريف اﻹنجيل والتوراة كما هو مكتوب في القرآن الكريم موضوع أرقى بكثير من هذه البساطة التي ظنها أحمد ديدات.
اللغة الإنجليزية لغة ضعيفة التعبير الروحي لذلك هي ملائمة فقط للعلوم المادية كالفيزياء والكيمياء والطب. ..إلخ ، ولكنها غير مناسبة نهائيا للبحوث الدينية والروحانية ، ولعل أفضل دليل على الإنحطاط الروحي الذي يعاني منه عصرنا الحديث هو كون اللغة الإنجليزية هي اللغة التي يتكلمها معظم مثقفي العالم.
بعد محاضرة ( الجمعة العظيمة ) التي ألقاها أحمد ديدات في أستراليا التي ذكرناها قبل قليل ، وبعد عدة أيام من عودته إلى بلاده أصيب بجلطة في الشريان القاعدي شلته تماما. وبعد أن كان يبدو بطوله الفارع ونظراته الصارمة وسخريته اللاذعة كشخص مليء بالقوة والجبروت ، أصبح فجأة يبدو وكأنه أضعف خلق الله وكأنه مجبر أن ينظر ويسمع إلى اﻵخرين وبدون أن يستطيع أن يفعل أي شيء ، وكانت حادثة شلل أحمد ديدات بالنسبة للمسيحيين معجزة إلهية ، فراحوا ونشروا فيديو عنه يحمل عنوان ( هذا جزاء كل من يشتم الإنجيل ) . ونجد إمرأة مسيحية تذهب إلى بيت أحمد ديدات لتقول له" ماذا تريد إثبات أكبر مما حصل لك لتتأكد بأنك كنت على خطأ فادح بمهاجمتك للكتاب المقدس " وتطلب منه أن يتوب لربه على ما فعله، بينما أحمد ديدات كل الذي إستطاع أن يفعله هو أن ينظر إليها وهي تؤنبه بدون أن يستطيع أن يفعل أي شيء أو أن ينطق بحرف واحد.
عندما رأيت الفيديو عن شلل أحمد ديدات إقشعر بدني ، فملامح وجهه ونظراته لا تدل سوى على خوف ورعب، فتراه فجأة يفتح فمه وكأنه يريد ان يبكي. وأتساءل هنا لو أن أحمد ديدات كان فعلا داعية للخير والسلام كما يظن المسلمين الذين يدافعون عنه، لماذا أصيب بالشلل الكامل ؟ لماذا أصبح شكل أحمد ديدات وكأن غضب الله قد سقط عليه ؟ لماذا ترك الله المسيحيين يظنون أن الله أعطاه هذا العقاب القاسي ليكون عبرة لكل من يشتم اﻹنجيل والمسي؟ هل هذا صدفة ؟ اليوم جميع المسيحيين الذين كانوا يتابعون مناظرات أحمد ديدات هم مقتنعين تماما بأن أحمد ديدات قد هزم شر هزيمة ﻷن الله نفسه قد عاقبه أشد العقاب، لذلك أصبحوا واثقين أكثر بأن دينهم على حق.
بعد عدة سنوات من شلل أحمد ديدات ، نسمع خبر أن القس أنيس سروش الذي واجه عدة مرات أحمد ديدات في مناظراته قد تم القبض عليه وزج بالسجن بسبب محاولة تهربه من الضرائب عن طريق محاولة إحراق البناية التي يسكن فيها. هذا الخبر أثار فرحة بعض المسلمين الذين سرعان ما ترجموه ونشروه لينتقموا من أولئك المسيحيين الذين نشروا خبر شلل أحمد ديدات على أنه معجزة إلهية.
ما حدث ﻷحمد ديدات وأنيس سروش هو عقاب من عند الله ليكونا اﻹثنين معا كعلامة إلهية تؤكد للمسلمين والمسيحيين على أن تلك المناظرات التي كان يقيمها أحمد ديدات كانت مناظرات شيطانية ، هدفها فقط شتم القرآن والكتب المقدسة وتنمية الفتنة والعداوة بين الطرفين ، فكان أحمد ديدات في المناظرة يشتم لمدة ساعة اﻹنجيل والتوراة بعد ذلك يأتي دور أنيس سروش ليشتم القرآن بدوره لمدة ساعة ، ومن بعيد كان الملحدين يسمعون ويجمعون معلومات من أحمد ديدات تساعدهم في مهاجمة اﻹنجيل والتوراة ، ومن أنيس سروش معلومات لمهاجمة القرآن، ليضعوها في صفحاتهم كإثباتات تؤكد على أن القرآن واﻹنجيل والتوراة كتب غير مقدسة مليئة باﻷخطاء ﻷنها كتبت بيد إنسان، وأن الله غير موجود. ...إذهبوا إلى المواقع الالكترونية للملحدين في اﻹنترنت ستجدونهم يستخدمون معلومات كثيرة ذكرها أحمد ديدات عن اﻹنجيل ومعلومات كثيرة ذكرها القس أنيس سروش أو غيره عن القرآن الكريم.من المؤسف أن الحقيقة هي أن الملحدين هم فقط من إستفادوا من مناظرات أحمد ديدات......والله أعلم.
في اﻹسبوع القادم إن شاءالله سنتكلم عن الدكتور ذاكر نايك....
وسوم: العدد 722