لا لدعوى الجاهلية
ملخص الخطبة:
1- أصل بني آدم التراب: الناس كلهم لآدم، وآدم من تراب. فالتراب هو منتهى الأنساب، فبم يفتخر شعب على شعب؟! وبم يحتقر قوم قوما؟! وكلُّهم كان ترابا، وكلُّهم يصير ترابا
2- محاربة الإسلام للعصبيات والقوميات: إنَّ أهل الجاهلية من العرب والبربر وسائر الناس كانوا متفرقين، لا يحكمهم دين ولا عقل سليم، فجاء الإسلام ماحيًا هذه الجاهليات والعصبيات النتنة، وألَّف بين قلوب المؤمنين، بالأخوَّة الصحيحة أخوَّة الدين، بعدما بيَّن لهم أنَّهم إخوة في الطين، فالناس كلهم من آدم، وآدم من طين، لكنَّ الأخوَّة الرابطة بإحكام والجامعة بالدفء هي أخوة الإسلام.
3- نصوص من السنة وآثار السلف في النهي عن التفاخر بالأنساب.
4- إثارة النعرات القبلية من مكائد أعداء الإسلام: احذروا أيُّها المسلمون ـ أن تساقوا إلى ما تدبِّره شياطين الإنس والجنِّ لهذه الأمَّة من فتن وحروب وتناحر وتشاجر وتقاطع وتدابر، فلا فتيل هو أسرع اشتعالاً من فتيل إثارة النعرات العرقيَّة، فاحذروها واحذروا دعاة الفتنة الذين يريدون تفريق الأمَّة، ويغذُّون فيها أسباب الشجار والاقتتال بحمى الجاهلية ودعوى الجاهليَّة العروشيَّة والقبليَّة والعرقية
5- وسائل التعبير عن السخط: أنعم الله علينا بنعمة الإسلام، وشرع لنا الوسائل المفيدة في التعبير عن السخط وفي دفع المكاره والمظالم، وذلك باللجوء إلى الله ملك الملوك الذي نواصي الملوك بيده، فما يصيبنا من جَورهم فبما كسبت أيدينا، ثمَّ ثانيًا بالمرافعة بواسطة العريفين الذين هم أعيان العشائر والقرى ووجهاء الناس وعقلاؤهم، كما أمر النبي في حجة الوداع، وجعل العرفاء واسطة بينه وبين الناس، يرفعون إليه ما يريدونه، وإذا لم تفد هذه فالأولى كافية وموجبة أثرها ولا بد
6- آية اختلاف الألسن: تمسُّكنا باللسان العربي ليس تمسُّكًا بعرق أو جنس، فهو لسان أمَّة الإسلام كيفما كانت أنسابهم وألسنتهم وألوانهم، دون أن يحتِّم على الشعوب والقبائل الأعجمية أن تتخلَّى عن لسانها.
-- -----------------------
هدايات قرآنية:
1- يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13].
2- وقال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ) [النور:51، 52].
6-1 قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا) [الزخرف:3]
6-2 قال تعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء:195]؛
-------------------------
قبسات نبوية:
1- عن ابن عباس قال: (لا أرى أحدًا يعمل بهذه الآية: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، فيقول الرجل للرجل: أنا أكرم منك، فليس أحدٌ أكرم من أحد إلاَّ بتقوى الله). رواه البخاري في الأدب المفرد.
2-1 عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((من قاتل تحت راية عُمِّيَّة ـ أي: الأمر الأعمى للعصبيَّة لا يستبين وجهها ـ، يغضب لعصبيَّة أو يدعو إلى عصبيَّة، أو ينصر عصبيَّة، فقتل فقِتلته جاهليَّة))، وفي رواية: ((فليس من أمَّتي)). رواه مسلم في صحيحه.
2-2 عن الحارث الأشعري عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ((من دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم))، قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال: ((وإن صام وصلَّى وزعم أنَّه مسلم، فادعوا المسلمين بأسمائهم؛ بما سمَّاهم الله عز وجل به: المسلمين المؤمنين عباد الله)) رواه أحمد وغيره وهو حديث صحيح.
3-1 وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله : ((إنَّ أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد، وإنَّما أنتم ولد آدم، طفُّ الصاع لم تملؤوه ـ أي: قريب بعضكم من بعض في النسب ـ، ليس لأحد على أحد فضل إلاَّ بالدين أو عمل صالح)) رواه أحمد بسند حسن.
3-2 وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : ((من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردِّي ـ أي: سقط في البئر ـ، فهو ينزع ـ أي: يحاول الخروج ـ بذَنَبه)) رواه أبو داود بسند صحيح.
3-3 لعلَّ أبلغ حديث في ذم العصبيَّة ما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال: غزونا مع النبيِّ وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتَّى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعاب، فكسع أنصاريًّا، فغضب الأنصاري غضبًا شديدا، حتَّى تداعوا، وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فخرج النبيُّ فقال: ((ما بال دعوى الجاهليَّة؟))، ثمَّ قال: ((ما شأنهم؟)) فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري، فقال: ((دعوها فإنَّها خبيثة)).
5- يقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ((إنَّ الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم)) رواه أحمد ومسلم وغيرهما.