يا أهل الشام
خطبة العيد
يا أهل الشام
يا أهل الشام ، لاتحسبوه شرا لكم بل هو خيرا لكم
الهدف من الخطبة تذكير الناس بنعمة الله في هذا البلاء ثم تذكيرهم بالعيد وفرحته ومايتعلق به من العبادات وصلة الأرحام
أولا : الابتلاء سنة كونية إلهية ومن أجل ذلك خلق الله الخلق ، قال تعالى : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1، 2].
وقال تعالى:{إِنّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [الكهف:7] .
والابتلاء هو: الاختبار والامتحان .
ثانيا : والابتلاء يكون بالخير والشر، قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } [الأنبياء: 35]، وقال تعالى:{ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الأعراف: 168].
ثالثا : وكل بلاء قد كتبه الله إذا لابد فيه من الحكمة قال تعالى:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} .
رابعا : كل مصيبة هي للمؤمن وتأمل قوله تعالى (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) [التوبة:51]
فقال : لنا ولم يقل علينا فكل ذلك خير للمؤمن كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" عَجَباً لأمر المؤمن! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر، فكان خيراً له، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر، فكان خيراً له" رواه مسلم .
خامسا : فإن قيل أين الخير في الابتلاء نقول:
1- والبلاء يُقرب العبد من ربه ومولاه؛ فيدعوه ويرجو رحمته، وسبحان مستخرج الدعاء بالبلاء والتضرع باللأواء، قال سبحانه: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ [الأنعام:42]. قال وهب بن منبه: "ينزل الله البلاء ليستخرج به الدعاء". وقال تعالى: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف:168].
2- تمحيص المؤمنين بإخراج الخبث الذي في نفوسهم قال تعالى:"وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"
3- محبة الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :"إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم".
4- اتخاذ الشهداء كما قال تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [آل عمران: 140].
5- محق الكافرين والمجرمين من الشبيحة وغيرهم والمحق هو الاستئصال كما قال تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 141].
6- عبادة الصبر، {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة: 155 - 157]
7- تكفير الخطايا، وفي البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما يُصيب المؤمنَ من وَصَبٍ، ولا نَصَبٍ، ولا سَقَمٍ، ولا حَزَنٍ، حتى الهَمُّ يُهِمُّه، إلاَّ كفّر له من سيئاته».
8- تمييز الخبيث من الطيب، {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } [آل عمران: 179].
9- وفي نهاية الخطبة نذكر أن العيد عبادة وتقرب إلى الله فلا مانع من إظهار الفرح لأن الفرح في العيد عبادة كما قال تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس: 58]. فرغم الآلام والأحزان فالمؤمن متفائل برحمة الله وقد نهينا عن القنوط واليأس والنصر قادم بإذن الله ومن أعظم النصر الثبات على الدين والصبر عند الضراء والشكر عند السراء والفوز العظيم إنما يكون بالنجاة من النار { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [آل عمران: 185].