الرقي الإيماني في ضوء العبادات المالية
خطبة الجمعة 17 / 6 / 2016م
12 رمضان/ 1437هـ
الخطبة الثانية: "فقــــه الزكــــاة"
اتقاء وارتقاء:
يستطيع الإنسان أن يرتقي إلى مقام الصديقين والربانيين بخلوص الولاء والتوحيد وصالح العمل، وإن أبى فإنه ينحدر إلى أسفل سافلين، وأخطر أنواع الانحدار النفاق.
ومهما انحدر فإنه يستطيع أن يستدرك بالتوبة الصادقة الصالحة الخالصة ليرتقي إلى مقام الإيمان فمقام الشكر.
فقد فتح الله لنا أبواب الارتقاء والاتقاء مهما كان حالنا، وطالبنا بأن نكون على درجة من هذا الارتقاء والاتقاء وبابه خلوص الولاء والإيمان، وحذرنا من الانحدار وشره النفاق، وأنت بإمكانك من خلال تجديد العهد مع الله والتوبة الصادقة أن ترتقي مهما كان الانحدار، تأمل معي هذه الآيات: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً، إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً، مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً ﴾ [النساء:144- 147].
وهكذا يفتح لنا أبواب التوبة للارتقاء والاتقاء.
بشارة وتحذير:
وهذه الآية من أعظم البشارة إذ تفتح باب التوبة، وهي تتضمن أدق شروط الارتقاء؛ إصلاح واعتصام وإخلاص، لأنه عندما كان منافقاً أفسد كثيراً، فقال (وَأَصْلَحُوا) وعندما كان منافقاً استمد قوته من البشر وفرق جماعة الأمة فقال في شرط التوبة (وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ)، وشرط آخر (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) لأنه عندما كان منافقاً كان يظهر شيئاً ويبطن شيئاً ويعمل لمصالح الدنيا ومصالح نفسه.
شكر وإيمان:
وما أعظم أن يكون ارتقاؤنا إلى هذه الحقيقة (إن شكرتم وآمنتم) شكر وإيمان.
الله سخر الكون ليعرفنا به فنؤمن، وليكرمنا فنشكر، وحتى ندرك حقائق الإيمان ونتخلق بها لا بد أن نستشعر حلاوة الإيمان.
فمن طريق ذلك الشكر، والشكر:
1- إعتراف وإقرار ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53] ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]
2- ذكر وثناء ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]، ((((الحمدلله رب العالمين)))).
3- عمل ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13]، وقيام بحق النعمة.
ومن أعظم ما يتجلى به الشكر:
إن من أعظم ما يتجلى به الشكر شكر نعمة الأمن وإنما يكون شكر ذلك بالطاعة والعبودية ، بالصدق والإخلاص، بالعدل ورفع الظلم، بالأمانة ورد الحقوق..
شكر المال:
ومن أعظم ما يتجلى به الشكر شكر نعمة المال
إن من أخطر أنواع الصراعات في الحياة الصراع في توجيه المال نحو الحق نحو الخير نحو العبودية لله، للتحرر من الشح والبخل، ووضعه في مكانه، ففي سياق الإنفاق جاء ﴿ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾ [البقرة: 269].
ولا يمكن أن تقوم بحق المال شكراً إلا إذا كان معه علم وإيمان وإلا انقلب على صاحبه.
مقومات الحياة ثلاثة:
ومقومات الحياة ثلاثة: المال والعلم والقوة، على أن يكون ذلك كله في ظلال العبودية والتوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى، ولو ضاعت احداها لم تثمر الثانية أو اختلت، فتصور جهة لديها مال بلا علم ولا قوة ماذا يكون؟
أو جهة لديها علم لكن لا مال ولا قوة، انظر إلى قصة طالوت ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247].
ومما يؤكد أن هذه الأمور الثلاثة قوام الحياة في ظلال العبودية لله والإيمان فإن فُقِد الإيمان والإخلاص اختلت جميعاً؛ ما جاء (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ ") مسلم، 1905.
أثر المال في بناء الأمة:
ولدور المال في بناء الأمة والجهاد به نجد هذا الثناء من رسول الله على أبي بكر (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ») صحيح البخاري، 3654.
أعظم أنواع الجهاد جهاد المال:
ومن هنا من أعظم أنواع الجهاد جهاد المال، قُدم على جهاد النفس في تسع آيات، حرضنا سبحانه وحذرنا في قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ، لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ ﴾ [الأنفال: 36-37].
فمن خلال المال يدار الصراع، ويتميز الخبيث من الطيب، فأين تدفع صدقتك وزكاتك، وكيف يكون المسلم مبادراً في توظيف المال في شؤون الأمة والحياة، وأن لا يكون مُكنَزاً، قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34-35].
شكر المال تطهير من النفاق:
لندرك خطورة هذه العبادات المالية في تحقيق الشكر والارتقاء حذرنا من سلوك المنافقين عندما يقول ﴿ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ ﴾ [المنافقون: 7]، ولذا قال في آخر سورة المنافقون ﴿ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ، وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10-11].
تجارة مع الله:
فلنبادر إلى مضاعفة تجارتنا وأرباحنا بالاتجار مع الله، ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَناًّ وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 261-262].
تحصين للنفس وللأموال وللأولاد:
ولنبادر إلى تحصين أموالنا وأولادنا، ﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 266]
تزكية وتطهير:
ولنبادر إلى تزكية إيماننا وتطهير أنفسنا.
إن الإنفاق عنوان إيمان وانتصار على النفس، وشعور بالآخرين، وبناء للمجتمع وتزكية من آثار الحقد والأثرة والأنانية ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268].
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103].
أخلاقيات الأداء:
ولنحسن في الأداء ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَناًّ وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، قُوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌ حَلِيمٌ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْـهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 262-264].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].
الخطبة الثانية:
(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهُّ فِي الدِّينِ ") صحيح البخاري.
ومن هنا عندما تكون صاحب مال لابد أن تتفقه بأحكامه،
فإذا كانت لديك أرض وأنت تتاجر في بيع الأراضي فهذه عروض تجارة، وكذا إذا اشتريتها بقصد الادخار فكل ذلك عليه زكاة وتُقوَّم هذه الأراضي كل سنة وتزكى 2.5 بالمئة من القيمة الوسطية السوقية وإذا كانت لديم أسهم في الأسواق المالية فهذه عروض تجارة تزكى 2.5 بالمئة كل سنة.
وإذا لديك مصنع فالآليات والمباني لا زكاة عليها ولكن على الناتج 2.5 بالمئة.
لذلك الله لم يفرض زكاة على المصانع مثلاً والآليات، حتى تشتري آليات وتبني مصانع فتحرك العمل والانتاج وتشغل الناس وتمنع البطالة وتستغني الأمة، وجعل الزكاة فقط على الأرباح والناتج، لأن المهم حركة المال.
وإذا كان لديك أموال تريد زكاتها فتصل إلى الفقراء مالاً لا تحولها إلى طرود غذائية إلا في حالات استثنائية كأن تكون هنالك جمعية تنفق على أسر واستأذنتهم في ذلك أو يخشى أن ينفقها تبذيراً.
وأن تتفقه في المصارف أمر مهم، فمن المصارف في سبيل الله، وهذه فقهها عميق.
وسوم: العدد 673