لماذا لا تتكاثف الجهود لمحاربة إرهاب الأدوية والأغذية ؟؟؟
لا يمر يوم واحد دون أن تطالعنا وسائل الإعلام والشبكة العنكبوتية بأخبار عن نوع من الإرهاب لا يقل خطورة وتهديدا عن الإرهاب الدموي المعروف ،والذي توحدت كل أنظمة هذا العالم للتصدي له ومحاربته ألا وهو إرهاب الأدوية والأغذية ، ذلك أنه كل يوم يكشف عن دواء فتاك بالصحة لا يقل فتكا عن الأمراض أو عن غذاء مسبب لأفتك الأمراض . وهذا إرهاب يهدد السلامة البشرية ، ولكن لا نرى توحد الجهود في هذا العالم للتصدي له ومحاربته . ففي أقل من أسبوعين أو يزيد عن ذلك قليلا ،تداولت وسائل التواصل الاجتماعي نقلا عن فضائيات غربية أخبار قرار سحب حليب الأطفال الموبوء من الصيدليات والمحلات التجارية بعد الكشف عن مضاره المهددة للرضع الأبرياء . والله أعلم كم كان حجم ضحايا هذا الحليب الموبوء من هؤلاء الرضع الأبرياء ؟ ومباشرة بعد خبر قرار سحب حليب الأطفال ،والله أعلم هل سحب من صيدلياتنا وأسواقنا أيضا أم أنه لا زال مصدر إرهاب وتهديد لرضعنا، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي ودائما نقلا عن فضائيات غربية أيضا أنباء التحذير من مجموعة من الأدوية التي تعالج الزكام ونزلات البرد، والتي تهدد حياة الناس . ولا ندري أيضا كم كان عدد ضحايا هذا الإرهاب الدوائي قبل أن تقرع الأجراس المنذرة بخطورته ؟ ولا ندري أيضا هل تم سحب هذا الخطر من صيدلياتنا أم أنه لا زال يهدد صحتنا ؟
ومن نماذج إرهاب الأدوية والأغذية أيضا تداول أنباء مخاطر البطاطس المقلية والمعلبة المعروفة باسم " شيبس " ، ومخاطر خلط مشتقات الألبان أو "دانون "بشحم الخنزير، ومخاطر خلط المشروبات الكحولية بمواد كيماوية سامة ، ومخاطر حفظ الفواكه لمدد طويلة لتستهلك في غير أوانها عن طريق مواد كيماوية خطيرة تفقدها فوائدها الغذائية ،وتجعلها مسببة لأخطر الأمراض وأكثرها تدميرا للصحة البشرية .
وإلى جانب هذه النماذج من الإرهاب الصحي والغذائي ،توجد نماذج أخرى تضبط ،ويعلن عنها بين الحين والآخر، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما ضبط مؤخرا من تزوير لزيت الزيتون عن طريق خلط زيوت المائدة بمركبات كيماوية لخداع المستهلك . ولا ننسى ما يعلن عنه أيضا من تسويق مواد نافقة أو أطعمة مغشوشة . ولا ننسى السرية التامة التي تحاط بموضوع رش المبيدات على الخضر والفواكه ، وهو ما لا يوجد علمه إلا عند الله عز وجل وعند المسؤولين عن المختبرات التابعة لوزارة الفلاحة. ولا ننسى مخاطر التلوث البيئي الذي تمارسه دول عظمى أعلنت انسحابها من الاتفاقيات الدولية الداعية للحفاظ على سلامة البيئة وسلامة البشر ،علما بأن تلك الدول تتزعم قيادة العالم لمحاربة الإرهاب الدموي وهي متورطة في أشكال منه . وكل ذلك من الممارسات الإرهابية التي لا نسمع عن التصدي لها كما يعلن عن التصدي للإرهاب المعروف .
ومن المؤكد أن عدد ضحايا إرهاب الأدوية والأغذية يفوق عدد ضحايا الإرهاب الدموي إلا أن المصالح الاقتصادية للبدان التي تعتبر مصدر هذا النوع من الإرهاب تضرب صفحا عن مخاطره ، ولا تعلن عن التصدي له ومحاربته كما تتصدي وتحارب الإرهاب الدموي .
فمتى سيقرر العالم خطة للتصدي لإرهاب الأغذية والأدوية ، ويضع حدا لهلع الناس من مخاطره وقد أصبحوا يعيشون قلقا كبيرا ومتزايدا كلما تم الكشف عن نماذج من هذا الإرهاب ؟ ومتى سيعم الأمن الصحي والغذائي والبيئي هذا العالم البائس ؟
وسوم: العدد 756