هل يغدو مقتلُ فيليبوف، و إسقاطُ طائرته خطيئةً لدى السوريين؟
( صحيفة الأيام السورية ).
يبدو أنّ السوريين و الأدالبة على وجه الخصوص، سيتوقُّفون طويلاً عند حادثة إسقاط SU-25 الروسية، و مقتل طيارها الرائد رومان فيليبوف، يوم السبت: 3/ 2/ 2017، في أجواء ريف إدلب الجنوبي.
و ذلك نظرًا لما رافقها من تدخُّلات محلية، و إقليميّة، و ثالثة دولية؛ جعلت الجميع يعيد ترتيب أوراقه، وفقًا لتداعياتها المنتظرة، و في أوقات لن تطول.
فجيش النصر الذي لم يسلم من ذلك سريعًا، إذْ شهد تشظيًا محدودًا في بنيته، سارع بعد تبنيه لها إلى إلباس طربوشها إلى الهيئة، التي أراحها الأمر، فسارعت إلى تبنّيها، تحت ضغط رفع مؤشر الثقة لدى حواضنها، بعد تحملها تبعات تراجعها الدراماتيكي أمام النظام، و تخلية قرى شرق السكة ( و حتى أخرى منها في غربها )، انخراطًا منها في مخرجات أستانا 8، من غير أن تبتلّ أقدامها.
لكنها سرعان ما تبّهت إلى فداحة الخطب، الذي سيحلّ بها، من جرّاء إيقاظ الدبّ الروسي من سباته الشتويّ، فبعد عدّة تغريدات، لم تخلُ من مقطع يوتيوب لأحد مقاتليها، و هو يصوِّب صاروخ ستينغر الأمريكي الصنع، أو مانباد الأوكراني، نحو الدبابة الروسية الطائرة، ذات الـ 25 مليون $؛ أبدت رغبة في لملمة الأمر، تهرَبًا من تداعياته، و إبعاد لنفسها عن استجلاب الغضبة الروسية، التي بلغت (2000) غارة على ريف إدلب الجنوبي، حتى مساء الأربعاء: 7/ 2.
فقامت بعد ساعات قليلة بحمل جثة فيليبوف، و تسليمها إلى الاستخبارات التركية، لتصل إلى موسكو في غضون أربعة و عشرين ساعة، من يوم إسقاط طائرته.
غير أنّ شعورها بحساسية الأمر على الحواضن الشعبية، جعلها ترمي بكرة الثلج في حضن أحد فصائل الجيش الحر، الذي كان في موقع الحدث، ملمّحة بذلك إلى فيلق الشام، المقرّب من تركيا، فحمّلته مسؤولية اختفاء جثته (سرقةً)، و تسليمها إلى الاستخبارات الروسية، عن طريق نظيرتها التركية.
و هو الأمر الذي لا يزيد من رصيد الفيلق في هذا الوقت، فسارعت قيادته إلى إقالة الرائد ياسر عبد الرحيم، الذي غرّد حول صواب الأمر، تنفيذًا لإكمال مقررات أستانا 8، و عيَّنت خلدون مدور (أبو جميل حمص ) بدلاً عنه، ليتبع ذلك محاولة اغتيال له يوم الثلاثاء: 6/ 2.
و ذلك في مسعى منها لبعثرة الأوراق التي يمتلكها الرائد ياسر في هذا الملف، و لإرسال رسائل طمأنة إلى الهيئة؛ بغية تأجيل معركة طي ملف الفيلق، التي حان أوانها عند الهيئة، و حتى لا تُشتّت قواه و يصرف عن معركة غصن الزيتون، التي لا تروق للهيئة كثيرًا، تحسبًا منها أنّها ستكون هي المستهدفة بعد الانتهاء من عفرين، و التي سيكون الفيلق رأس الحربة في إخراجها من صدارة المشهد في إدلب.
إنّه لم تكّد صفحة الجثة تطوى لدى الفصائل، حتى داهمها الطلب الروسي بمعاينة حطام الطائرة، و تفحُّص بقايا الصاروخ الذي أسقطها، و هو الأمر الذي لا تملك الهيئة على وجه الخصوص ردّه، فدخلت وحدة معاينة روسية، برفقة الاستخبارات التركية، و حماية عناصر الهيئة، إلى موقع الحدث عصر الخميس: 8/ 2.
و هو الأمر الذي ظهرت مفاعيله سريعًا، إذْ فتحت روسيا الأجواء السورية أمام المقاتلات التركية، فقامت بعد توقف لمدة أسبوع، بقصف الوحدات الكردية في منطقة عفرين.
و السؤال الذي ينتظر الإجابة: ما هو العبء الذي سيُلقى على عاتق الفصيل، الذي وصل إليه هذا النوع من الأسلحة، و من هي الجهة التي قامت بذلك، و إلى ماذا كانت ترمي من استخدامه ضد المقاتلات الروسية تحديدًا؟.
بعضٌ من تلك المرامي تنبهت إليه كلٌّ من روسيا و تركيا، فبادرت روسيا باتهام أطراف دولية بإيصال هذا النوع من الصواريخ إلى إدلب، ليس من بينها تركيا، و ذلك في تلميح منها إلى شحنة الأسلحة، التي ضبطتها فصائل الجيش الحر، متجهة إلى عفرين، و اتُّهم فيها جمال معروف.
لقد أثمرت مكالمة أردوغان مع بوتين، لمناقشة الوضع في عفرين و إدلب، في الوقوف على المرامي الخفية لتلك الحادثة، و بادرت تركيا إلى الاستجابة إلى الطلب الروسي في استعادة الجثة، و معاينة الحطام، و فحص بقايا الصاروخ، حتى تفوِّت على تلك الدولة مساعيها في إيقاعها في الفخّ الروسي ثانية، بعد درس قاسٍ مرت به عقب حادثةSU-24 ، في: 24/ 11/ 2015.
و غير بعيد في الرد على تحركات تلك الدولة، التحرّك الروسي نحو ميليشيات قسد، المدعومة منها في حقل كونيكو، في الضفة الشرقية للفرات، غير أنّ الرد منها كان سريعًا و بليغًا، فقُتل ما لا يقل عن (150) عنصرًا، من بينهم (5) من الجنود الروس، و آخرين من حزب الله.
ليعقب ذلك كلّه تحرك ثلاثي لعقد قمة ( روسية ـ إيرانية ـ تركية ) في اسطنبول في غضون أيام، لمتابعة النقاش الذي ابتدأوه في أستانا حول الملف السوري، ولاسيما تسريع إقامة نقاط المراقبة في إدلب، و تجاوز الخلاف الذي نجم مع تركيا، من النظام و حليفه الإيراني في منطقة العيس.
فهل سيكون من تداعيات هذه الحادثة تغييرًا في المشهد، و إعادة تموضع للفصائل فيها، ولاسيما في ظلّ تكرار التصريحات التركية، أنّها ستعيد الأمور إلى نصابها في إدلب، بعد عفرين؟!.
وسوم: العدد 759