مسلسل الإرهاب الإيراني : البحرين دولة الرايات البيض الذي يجب تدميره
أعاد إعلان البحرين بالأمس إحباط عدد من "الأعمال الإرهابية" وضبط 116 من العناصر الإرهابية المدعومة من إيران إلى الذاكرة القريبة فصلاً من التاريخ الأسود الطويل من التدخلات والمؤامرات الإيرانية الإرهابية والتخريبية في البحرين، إذ عملت دولة الولي الفقيه على زرع الكراهية على أساس طائفي مقيت من خلال خلاياها الإرهابية التي استهدفت البحرين بشكل ممنهج على مدى التاريخ الحديث، بعد أن تمكنت الأجهزة الأمنية من إحباط عدد من "الأعمال الإرهابية"، والقبض على عناصرها، حيث أوضح بيان وزارة خارجية البحرين أن الإرهابيين كانوا يعملون في إطار خلايا منفصلة ضمن تنظيم واحد، واتهمت الداخلية البحرينية الحرس الثوري الإيراني بالعمل على تشكيل التنظيم المشار إليه من خلال توحيد تنظيمات عدة، وجمعها في إطار واحد، مشيرة إلى أن / 48/ من بين المقبوض عليهم تلقوا تدريبات في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني وأذرعه الخارجية بالعراق ولبنان، كما اتهمت الداخلية التنظيم بالتخطيط لاستهداف قيادات من الأجهزة الأمنية والمنشآت النفطية الحيوية.
لمحة تاريخية
استهلت إيران تدخلاتها في البحرين عام 1996 عندما اكتشفت البحرين، تنظيمًا سرياً باسم حزب الله البحرين، وأن المراد منه التآمر لقلب نظام الحكم، وأنهم تلقوا تدريبات في طهران، على إثرها اتخذت البحرين عقب ذلك قراراً يقضي بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران إلى درجة قائم بالأعمال بعد ما تم رفع المستوى عام 1991 إلى سفير.
ثم توالى مسلسل الإرهاب الإيراني، ففي عام 2011 تزايدت وتيرة الإرهاب التابع لولي الفقيه بشكل كبير، مع محاولات إيران المستمرة لإثارة الوضع الداخلي هناك ، والتي تراوحت ما بين استهداف الأمن الداخلي، وضرب مسيرة الاستقرار باستخدام الأسلحة والمتفجرات، وصولاً لزعزعة النظام والإضرار بالمصالح الاقتصادية والتنموية .
على إثر ذلك قامت إيران بتشكيل نواة لخلايا إرهابية عنقودية في البحرين، بتوجيه مباشر من مخابرات القائد المرتبط بشكل مباشر بخامنئي، والتي ينفذ مخططاته الخارجية عراب الإرهاب الإقليمي والدولي الحرس الثوري، بالإضافة إلى أذرع إيران الإرهابية الضاربة في المنطقة، وفي مقدمتهم حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية العراقية، حيث قام الحرس بتوفير وسائل الدعم اللوجستي والاستخباري والعسكري والمالي والإسناد بالأسلحة والمتفجرات بالإضافة إلى دعم بناء مصانع مصغرة للمتفجرات والقنابل لتعزيز قوة هذه الخلايا الإرهابية، ما نتجت عنه أعمال إرهابية ما بين العام 2011 – 2015 م، وما كان منها موجهاً ضد المؤسسة الأمنية البحرينية ورمزها وأفرادها، ثم تزايد هجوم التآمر الإيراني على البحرين بشكل غير مسبوق، وأخذ بعداً نوعياً ، مما يدلل أن المنامة باتت على سلم أولويات إرهاب دولة الولي الفقيه دون منازع .
دوافع الإرهاب الإيراني في البحرين :
صحيح أن لدولة الولي الفقيه أهداف ومصالح سياسية وأمنية وجيواستراتيجية من استهداف أمن البحرين واستقرارها، لكن ماذا عن دوافع البعد المذهبي الذي يكشف عن موقف إيران الحقيقي من البحرين، والنظريات التي تتبناها، والتي تشكل محددات تصوغ العلاقات بين طهران والمنامة، في الوقت الذي تشهد المنطقة العربية، ومنذ عقود خلت احتدامًا وصراعًا غير مسبوق؛ لأسباب عقائدية ومذهبية وأيدولوجية، بما تمّ تسميته بالصراع العربي - الإيراني والذي جاء على خلفية الثورة الإيرانية وطروحاتها وخزعبلاتها المذهبية والشيطانية المشكوك أصلاً بصحتها وصدقها، وما عملت عليه دولة ولي الفقيه منذ انتصار الثورة وما مثلته إيران الشاه قبلها من تهديد أمني واستراتيجي لمصالح واستقرار دول وشعوب العالم العربي وأمنها، ومن ضمنها البحرين .
يُخطئ مَن يظن أن تهديد إيران المستمر للبحرين لا تعود بالأساس إلى ممارسة مذهبية عنصرية غيبية، التي يحاول الترويج لها سياسيين ورجال دين شيعة بوزن المرشد ورئيس الجمهورية ومراجع التقليد العظام، وهي في الواقع عند مطالعتها نجد أنها لا تمت إلى الواقع بصلة، حيث دأب خلال الفترة القريبة على توجيه رسائل إرهاب، ظاهرها وباطنها الحقد والكراهية للبحرين قيادة وشعباً، والتربص بهذه الدولة العضو في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة .
تنشغل إيران هذه الأيام بمحاولات حثيثة لتشويه صورة ودور البحرين من خلال ضخ إعلامي مذهبي ثأري غير مسبوق حول نبوءات وتأويلات خرافية مرتبطة بشخصية حتمية حول قرب ظهور إمام الزمان .
باتت شخصية إمام الزمان هذه الأيام تحتل مساحة كبيرة من خلال الإعلام ومواقع التواصل الالكترونية الإيرانية، حيث تتزامن مع خروجه – حسب الترويج الإيراني لعنات إلهيه ستحل بالمنطقة والعالم، ومن ضمنها مملكة البحرين، وأن على إيران الدولة والثورة الاستعداد، وشن حرب ردعية دفاعية لحماية نفسها، لكن ضد من، ضد البحرين بهدف تدمير استقرارها .
مهدت إيران لحملتها الإعلامية والمذهبية حالياً من خلال الجهد غير المسبوق لتدمير البحرين، واتهام القيادة البحرينية بأنها تقف خلف مخطط يستهدف إبادة الشيعة، وأن ساعة الصفر قد دقت من خلال إطلاق تحليلات إخبارية ومذهبية تروج لدعايات مضللة حول الإسراع في إنهاء أسس الدولة البحرينية.
تجهد إيران حالياً بالحديث عن أمام الزمان وعلاقته بما يجري في البحرين، تقول الكتب الدينية الفارسية الشيعية أن خروج الرايات السود سيكون من إيران والرايات البيض من البحرين والقطيف والمدينة المنورة واليمن، حيث تكثر الحروب والدم والقتل في البلاد العربية والإسلامية؛ ليخرج السفياني من سوريا متجهاً نحو مكة المكرمة والبحرين، وتضيف الروايات حسبما وردت من دولة الولي الفقيه ومراجع التقليد القابعين في قم ومشهد، أن أصحاب الرايات السود والبيض والذين سيخرجون من البحرين والقطيف واليمن وإيران، و هم الممهدون للمهدي، وتضيف في إعلامها "بأن علي بن ابي طالب ذكر في حروب آخر الزمان : يا ويل لأهل البحرين من وقعات تترادف عليها من كل ناحية ومكان، فتؤخذ كبارها وتسبى صغارها، وإني لأعرف بها سبعة وقعات عظام، فأوّل وقعة فيها الجزيرة المنفردة عنها من قرنها الشمالي تسمى ( سماهيج ) والوقعة الثانية تكون في القاطع وبين النهر عن عين البلد وقرنها الشمالي الغربي وبين الأبلة والمسجد وبين الجبل العالي وبين التلين المعروف بجبل ( حبوة )، ثمّ يقبل الكرخ بين التل والجادة وبين شجرات النبق المعروف بالبديرات، وأن من علامات الظهور أن تخرّب مدينة رسول الله من كثرة الحرب، وتخرّب الهجر بالرياح والرمل، وتخرب جزيرة ( أوال) من البحرين، وتخرب ( قيس ) بالسيف، وتخرب ( كبش ) بالجوع، وتنسب لسيدنا (علي) قوله في خطبة له عن آخر الزمان: كأني بالحجر الأسود منصوباً ها هنا .ويحهم ! إنّ فضيلته ليست في نفسه، بل في موضعه وأُسسه، يمكث ها هنا برهة، ثمّ ها هنا برهة – وأشار إلى البحرين – ثمّ يعود إلى مأواه، وأمّ مثواه.
هذا فعلياً ما يروج له مراجع التقليد التابعين لولي الفقيه الفارسي باختصار حول البحرين، وما يتم توجيهه لضعاف النفوس والجاهلين، والهدف النهائي هو تدمير البحرين الذي بات هدفاً إيرانياً بامتياز .
من يقرأ ما ذكرناه يتعرف باختصار على الموقف الحقيقي لآيات الله "إيران"، ومحاولاتهم دغدغة المشاعر والعواطف، و الشبق الإيراني المحموم لاستهداف أمن البحرين، مدفوعاً بمثل هذه الخزعبلات المرفوضة جملة وتفصيلاً والتي ينبغي مواجهتها والرد عليها، وفضح المخططات الإيرانية المدمرة ......
د. نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية
وسوم: العدد 762