الأحواز تنتفض .. والحرس الثوري يعلن استعداده لتشجيرها

مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية

اندلعت المظاهرات الغاضبة تباعاً ضد النظام الإيراني في مركزه الاقتصادي الأول "الأحواز"، وامتدت لتشمل كافة المدن هناك تباعاً في ظل تعتيم إعلامي رسمي غير مسبوق، ما يحدث هو مؤشر كبير على فشل نظام الحكم الإيراني في إرضاء الشعب العربي هناك، ويثبت السياسة العنصرية التي يتبناها، وكيف يغرس نظام ولاية الفقيه ثقافة الكراهية والتحريض في مناهجه وإعلامه ووسائل تواصله الاجتماعي ضد العرب، تلك الأقلية المهمشة التي لو لاقت الدعم والتأييد لانهار الاقتصاد الإيراني في أشهر معدودة، وأثرت على استقرار النظام في طهران برمته، فهذه المناطق يتقصد الولي الفقيه ونظامه الثوري تهميشها لاعتبارات قومية ومذهبية وعنصرية رخيصة.

 الولايات الإيرانية الأخرى ليست بأحسن حالاً فمدن مشهد وشيراز وأصفهان التي يسكنها الشعب الفارسي التي كانت توصف بالركيزة الأم لنظام ولاية الفقيه لم تعد هي كذلك، بل باتت حاضنة لمقارعة سياسات النظام، ما يحدث اليوم يكشف عن عمق المأساة الداخلية الخطيرة التي تعاني منها الدولة في إيران، وأنها باتت على صفيح ساخن، وهي فعلًا باتت تنفجر تدريجياً من الداخل.

 أشد ما يخشاه خامنئي وزبانيته تكمن في خطورة اتساع رقعة التظاهرات على اقليم تتراوح مساحته بين 300 – 320 الف كم، وهي مساحة الأحواز والتي تعادل مساحة الأردن وفلسطين ولبنان وتونس والبحرين وقطر مجتمعة، المشكلة الحقيقية أن مظاهر الاحتجاج هناك، لم تجد تعاضداً داخلياً من جانب الشعوب والأقليات الأخرى، صاحبه غياب تغطية الإعلام الداخلي الإيراني لما يجري هناك من سياسة التنكيل والبطش ضد المتظاهرين من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، إلا اللهم ما عبر عنه قائد الحرس الثوري الإيراني أول من أمس عندما عبر عن استعداد الحرس زرع الأشجار في ولاية الأحواز للحد من ظاهرة التلوث هناك، والتي تعتبر فعلياً من أعلى نسب التلوث على مستوى العالم .

 لطالما استنجد أخوتنا عرب الأحواز بالعالم لإنقاذه من بطش النظام الإيراني، وأطلق احتجاجاته تعبيراً صارخاً نتيجة قمعهم والتضييق الشديد على حقوقهم وحرياتهم الفردية والثقافية وبالتعامل معهم بعنصرية وقمع شديد .

 تسعى احتجاجات العرب الأحوازيين إلى وقف كل أنواع التمييز التي تستهدفهم بشكل خاص ، وهذا ما كنت أجده أثناء دراستي في إيران من النظرة الدونية والاحتقار والعنصرية الرسمية ضدهم، وكان يتكرر دوماً من خلال إساءات القنوات الرسمية لهم وإنكارها لتاريخهم وعاداتهم وتقاليدهم ومنظومة قيمهم، وتم غرس ذلك تربوياً وفكرياً واجتماعياً، وبشكل مدروس وممنهج، وهذا ما عبرت عنه من خلال أبحاث ودراسات علمية قمت بإعدادها ونشرها تباعاً .

 بموازاة ذلك توافق العرب الأحوازيين مع تحركات الإيرانيين من قوميات ومناطق مختلفة، أملاً في الخلاص من نظام الولي الفقيه، وهذا ما كان يحسب لهم ، وقدموا طوابير الشهداء تلو الشهداء دفاعاً عن قضيتهم، كنت شاهداً على الأخوة العرب الأحوازيين أثناء دراستي في إيران عندما وقف أحدهم في مؤتمر العلاقات العربية الإيرانية، وهو يذرف الدموع، مناشداً العرب إنقاذهم من بطش نظام ولاية الفقيه .

 يشكو العرب الأحوازيين من عدم وجود الدعم العربي لقضيتهم العادلة، وطالبوا جامعة الدول العربية مناصرتهم، والوقوف معهم في المحافل الإقليمية والدولية .

لا بدّ من الإشارة كذلك إلى ضرورة تصحيح المفاهيم الخاصة بالثورة العربية الأحوازية، وضرورة وصفها في إعلامنا العربي بأنها ثورة شعبية، وليست مجرد "معارضة أحوازية"تقاوم الاحتلال الفارسي منذ عام 1925 إلى يومنا هذا .

 من المؤكد أن القضية الأحوازية لا تجد الدعم العربي والدولي الكافي الذي ينشده الأحوازيون، وربما أن توظيف هذه القضية بين الفينة والأخرى يندرج في إطار التوظيف كورقة للضغط في مواجهة إيران، أو رداً على سياسات التدخل الإيراني، سواء من جانب الدول الخليجية التي تتواجد فيها أقليات شيعية، أو نكاية بإيران نتيجة سلوكها العدواني من خلال مداخل الأزمات الإقليمية؛ وبالتالي فإن الفهم العام لدى العرب الأحوازيين أن الدول العربية قد تتخلى عنهم حين تُعقد صفقة إقليمية مع إيران، وأشد ما نخشاه أن تيارات المعارضة الإيرانية القومية ؛ وفي مقدمتهم حركة مجاهدي خلق التي باتت تجد الدعم العربي لا تقل عداوة لعرب الأحواز عن نظام ولاية الفقية، وترفض بشدة حق تقرير المصير لهم، مما يتطلب مراجعة الدول العربية لمواقفهم من هذه الحركة، وبموازاة ذلك يجب على الحركات الأحوازية أن تتوحد على قلب رجل واحد، بعد أن باتت الدول العربية تعاني من تشظي تفريخاتها وتفريعاتها.

وسوم: العدد 766