موقف الإخوان من وفاة الأسد وثورة الشعب الحلقة (1)

المراقب العام للجماعة يعلق على وفاة الأسد

تعليقاً على وفاة حافظ الأسد، أدلى المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية الأستاذ علي صدر الدين البيانوني بالتصريح التالي: لا شماتة في الموت، وهو غاية كل حي. لقد أفضى الرجل إلى ما قدم وهناك سيجد جزاء عمله، فمهما طالت حياة الإنسان فلابد من هذا المصير. فليتعظ بذلك الأحياء، وليتوقف عن غرورهم الأقوياء.

نسأل الله أن يجعل عاقبة ذلك للأمة والوطن خيراً، وأن يعقد لشعبنا وأمتنا أمر رشد، يعز فيه أهل الطاعة والبر، ويذل فيه أهل المعصية والفساد، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.

وأضاف البيانوني قائلاً:

إن جماعتنا جماعة الإخوان المسلمين في سورية ومن موقع المسؤولية الوطنية الصادقة، وبعد ثلاثين عاماً من حكم فردي شمولي، لتدعو إلى التحام وطني عام، يعيد لسورية وجهها الحر الأبي، في إطار من التعددية السياسية، والحريات العامة التي تكفل تداولاً سليماً للسلطة، واختياراً شعبياً حراً للحاكم، وتحفظ للمواطن أمنه وكرامته، وترفع عنه ألوان الظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وترص الصف الوطني في مواجهة التحديات الخارجية.

كما أعربت جماعة الإخوان المسلمين في سورية عن أملها في عهد جديد من الديمقراطية والاستقرار في سورية، وعودة المشاركة الشعبية في السلطة. وقال المراقب العام للجماعة المحامي علي صدر الدين البيانوني في حديث مع وكالة (قدس برس) إن جماعته تعتقد أن السياسات التي كانت قائمة طوال 30 عاماً من حكم حافظ الأسد في سورية آن لها أن تُراجع.

وأضاف يقول: إن وفاة الرئيس فرصة تتيح لمن يتولى القيادة الآن أن يفتح صفحة جديدة، لاسيما وأننا أصبحنا في مرحلة لم تعد فيها الأنظمة الشمولية مقبولة لا دولياً ولا اقليمياً، ولم يعد ممكناً أن تستمر سياسة الحزب الواحد القائد، ومصادرة الحريات العامة وعدم المشاركة الشعبية الحقيقية.

وأوضح البيانوني أن الإخوان المسلمين يعتقدون أن وفاة حافظ الأسد فرصة لفتح صفحة جديدة والسير بالبلاد نحو وضع ديمقراطي ولو بشكل تدريجي، لاسيما وأن هناك شعاراً معلناً بأن عملية إصلاح سياسي ستتم على يد خليفته.

وقال المراقب العام للإخوان المسلمين إنه إذا كان الممسكون بزمام الأمور في دمشق لديهم رغبة حقيقية في الإصلاح فنعتقد أنها فرصة مناسبة. لكنه قلل من مستوى الآمال في تحول ديمقراطي في سورية على المدى القصير في ظل التطورات الأخيرة.

وقال: حتى الآن لا يبدو أن ثمة مبشرات في هذا الاتجاه. واعتبر البيانوني تعديل الدستور السوري بالسرعة التي تم بها وبالأسلوب الذي تبناه مجلس الشعب (البرلمان) سابقة في غاية الخطورة، وأضاف يقول: أنا أستغرب كيف يمكن لنظام يحترم نفسه أن يتم فيه تعديل الدستور بمثل هذه الطريقة، خلال دقائق تُعدل المادة وتناسب سناً معينة وشخصاً معيناً، وشدد على أن هذا أمر خطير جداً وسابقة لا أعتقد أن لها مثيلاً في أي دولة أخرى، لا في منطقتنا ولا في غيرها.

وحول إن كان ما فعله مجلس الشعب السوري بتعديل الدستور تصرفاً عفوياً من النواب يعبر عن الرغبة الشعبية في انتخاب بشار الأسد خلفاً لوالده. قال البيانوني:

المشكلة أن مجلس الشعب في بلدنا ينفذ ما يُملى عليه، ليس هناك شخصية حقيقية مستقلة ولا ممثلة لهذا المجلس، وإلا هل يُعقل أنه من بين كل النواب لا يطرح واحد منهم فكرة مناقشة هذا الاقتراح – التعديل، ومدى انعكاسه السلبي على سمعة البلد. أنا أعتقد أنه ليس فقط شيئاً مرتباً، مجلس الشعب ليس هو صاحب القرار، وإنما هو يصدر ما ينبغي عليه أن يصدر، أي ما يُملى عليه.

ويقول البيانوني: إن موقف جماعة الإخوان المسلمين وثوابتها لن تتغير برحيل حافظ الأسد، أو بتولي نجله بشار السلطة، لأن موقفنا من النظام السوري في الأصل متعلق بالسياسات والنهج الاستبدادي الذي ينهجه، نحن لا نعارض أشخاصاً وإنما نعارض سياسات.

وأشار البيانوني إلى أنه إذا استمر النهج السابق في مصادرة الحريات وإقصاء الشعب وقواه الحقيقية عن دائرة اتخاذ القرار، وبقيت الأوضاع تسير كما هي فليس عندنا جديد. أما إذا بدا أن هناك تحولاً حقيقياً عن هذا النهج باتجاه إيجابي فنحن مع هذا التحول.

ونفى البيانوني أن تكون جماعة الإخوان المسلمين في سورية قد تلقت أي رسائل من الحكم في دمشق خلال الأشهر الأخيرة من حياة الأسد، وقال: إن الأمر لم يتجاوز الشائعات التي تحدثت عن أن بشار الأسد بدأ بمكافحة الفساد وينوي القيام بعمليات إصلاح جذرية.

وتعليقاً على احتمال تولي بشار الأسد السلطة، قال المراقب العام للإخوان المسلمين: سورية بلد نظامها جمهوري، ولا يجوز أن تتحول إلى نظام ملكي أو نظام وراثي، وهذه كما قلت سابقة تحدث لأول مرة في المنطقة، أن يوصي رئيس نظام جمهوري بالخلافة لولده، فمن حيث المبدأ هذا الأمر غير دستوري.

وحول التصور العملي الذي يطرحه الإخوان المسلمون للمستقبل يقول البيانوني: لا نتصور أن الوضع في سورية بعد عشرات السنين من الحكم الفردي الشمولي يتحول بين لحظة وأخرى إلى حكم ديمقراطي، لذلك نرى أن بالإمكان أن تكون خطوات متدرجة باتجاه الديمقراطية والتعددية، ويضيف قائلاً: عندما تظهر خطوات من هذا النوع ولو كانت تدرجية باتجاه الديمقراطية فنحن نرحب بذلك ونعتبره إيجابياً، وبالطبع فإن إطلاق الحريات العامة وإطلاق سراح السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي الذين يعدون بالآلاف، من أهم مظاهر التحول نحو الحرية والديمقراطية.

يتبع

وسوم: العدد 777