ما وراء مخصصات الأسرى
لم تنشط الدّبلوماسيّة الفلسطينيّة بشكل خاصّ والعربيّة بشكل عام بما فيه الكفاية، لاتّخاذ قرارارت في المؤسّسات الدّوليّة خلال سنوات الاحتلال الطويلة؛ للاعتراف بالأسرى الفلسطينيّين والعرب كأسرى حرب، يقاتلون الاحتلال المخالف للقانون الدّولي ولقرارات الشّرعيّة الدّوليّة. وهذه قضيّة تحتاج الى دراسات وأبحاث قانونيّة، لكن اللافت هو القرار الاسرائيلي باقتطاع قيمة مخصّصات الأسرى والشّهداء الفلسطينيين من الضّرائب الفلسطينيّة التي تجمعها سلطات الاحتلال الاسرائيلي، وانجرار عدد من الدّول ومنها أمريكا مع اسرائيل بوقف مساعداتها الماليّة للسلطة الفلسطينيّة؛ كيلا تصرف كمخصّصات لأسر الأسرى.
وللتّذكير فقط فإنّ نسبة كبيرة من الشّهداء الفلسطينيّين هم ضحايا مدنيّون للاحتلال الاسرائيلي، وجزء منهم أطفال ونساء تمّ قتلهم بدم بارد ودون سبب.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ كل دول العالم بما فيها اسرائيل تقدّم المساعدات للمحتاجين من رعاياها، كالعجزة والأرامل والأطفال الذين لا معيل لهم. فالدّول مسؤولة أخلاقيّا عن رعاياها، وهذا ينطبق على السّلطة الفلسطينيّة أيضا، فمن غير المعقول أن تتخلّى السّلطة عن مسؤولياتها الأخلاقية تجاه مواطنيها.
لكنّ اسرائيل التي تحتل أراضي دولة فلسطين وأراضي دول عربيّة أخرى لا ترى نفسها دولة احتلال وتدعمها امريكا في ذلك، وبالتّالي ورغم ممارستها لارهاب الدّولة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، والذي يتمثّل بمصادرة الأراضي واستيطانها، وقتل آلاف الفلسطينيين واعتقال الآلاف منهم، إلا أنّها ومن خلال طاحونة الاعلام الهائلة التي تسيطر عليها الحركة الصّهيونيّة قد استطاعت تضليل الرّأي العامّ العالميّ، والظّهور أمامه كدولة مسالمة، تتعرّض لهجمات غير مبرّرة من فلسطينيّين وعرب. وواصلت حملتها على كل من يقاوم الاحتلال واصفة إيّاه بالارهابيّ والمخرّب.
واسرائيل التي تتهرّب من أيّ متطلّبات للسّلام في المنطقة، وتعمل ليل نهار على تكريس الاحتلال، وفرض سياسة الأمر الواقع من خلال الاستيطان وغيره، تعمل وتخطّط في أكثر من اتّجاه، ومن هنا جاء قرارها باقتطاع مبلغ من الضّرائب الفلسطينيّة يوازي ما تدفعه السّلطة الفلسطينيّة كمخصّصات لأسر الشّهداء والأسرى، ويدعمها في ذلك حليفتها أمريكا، ولن تتوقّف اسرائيل عند هذا الحدّ، فهي تعمل على القضاء على السّلطة الفلسطينيّة بالموت البطيء، تماما مثلما قتلت اتفاقات أوسلو، وكافأتها الادارة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة لها، وأطلقت يدها في استيطان ما تبقى من الأراضي الفلسطينيّة. وقرار اسرائيل يحمل في طيّاته رسالة الى الفلسطينيين والعرب بشكل خاصّ، والى العالم بشكل عام مفادها أنّ اسرائيل ليست دولة محتلة، بل هي دولة حرّرت أراضيها التي كان يحتلّها "الأغيار!" وبالتّالي فإنّ من يقوم بأيّ عمل ضدّها هو ارهابيّ ومخرّب، وسيأتي يوم ليس بعيدا ستطالب اسرائيل فيه تعويضات من الدّول العربيّة عن الأضرار التي لحقت بها في الحروب التي خاضتها مع العرب، وأعتقد جازما بأنّها ستحصل عليها ما لم يتغيّر العربان.
وسوم: العدد 780