د. عمرو دراج لـ "الشرق": تحصين قيادات الجيش المصري مؤشر على خوف النظام من القادم (2-2)
د.عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري الأسبق لـ "الشرق" :
السيسي يؤسس لحكم جديد بعيدًا عن المجلس العسكري
قيادات الجيش ضغطت على السيسي لإصدار قانون التحصين
قوى التغيير مطالبة بوضع تصور واضح لمرحلة ما بعد نظام السيسي
تغيُّر العوامل الدولية يفقد قائد الانقلاب أسباب بقائه
تزايد القمع والتصفية الجسدية والإعدامات تؤكد ضعف النظام
الصورة الذهنية للجيش المصري عند الشعب باتت سلبية
فوز أردوغان منحه القوة للتعامل مع الأطراف الدولية والإقليمية
عوامل قيام ثورة يناير تضاعفت في هذه المرحلة بشكل كبير
قائد الانقلاب ليس أفضل عند الغرب من مبارك
المعارضة لديها فرصة أخيرة لتصحيح المسار ومعالجة الأخطاء السابقة
اعتبر عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري الأسبق، أن قانون تحصين قيادات الجيش المصري الذي صدر في الأسبوع الماضي، مؤشر على خوف النظام وقلقه من المرحلة القادمة، مؤكدًا أن السيسي يؤسس لحكم جديد بعيدًا عن المجلس العسكري بعد أن كان يتحدث باسمه.
وتوقع في الجزء الثاني من حواره مع "الشرق" أن يطيح السيسي برئيس الأركان محمد فريد حجازي قريباً، موضحًا أن تغيُّر العوامل الدولية قد يُفقد قائد الانقلاب أسباب بقائه.
وأكد أن فوز أردوغان منحه القوة في التعامل مع الأطراف الدولية والإقليمية، مشيراً إلى أن ذلك أيضاً يشكل دعماً للقوى التي تسعى لتحقيق الديمقراطية والعدالة في دولها، ويعطى قطر، كدولة تمتلك رؤية ايجابية لقضايا المنطقة، وتتعرض لحصار جائر من القوى الرافضة للتغيير، دفَعة قوية لمواجهة دول الحصار .
وإلى نص الحوار..
* تحدثنا في الجزء الأول عن الحالة السياسية للسعودية والإمارات.. ماذا عن مستقبل النظام المصري كفاعل رئيس في حصار قطر؟
- في الحقيقة، ومن خلال مؤشرات كثيرة رصدناها، أعتقد أن السيسي يتجه إلى حكم مصر بنظام فردي مستبد، بعيدًا عن دعم المجلس العسكري، الذي كان يتحدث باسمه في السنوات الماضية، خاصة بعدما تخلص من جميع أعضاء المجلس العسكري، ولم يتبق منهم سوى 3، أبرزهم محمد فريد حجازي رئيس الأركان، والذي أتوقع أن يتخلص منه قريباً كما أطاح بصدقي صبحي، حتى يستأثر بقيادة الجيش والأجهزة الأمنية، ويسيطر أيضا على جهاز الأمن الوطني التابع إداريًا للداخلية، بعد أن جعله خاضع للمخابرات الحربية، نهيك عن المخابرات العامة التي لم يكن يتحكم فيها بشكل مباشر، لكن بتعيين عباس كامل ومن قبل نجله محمود، صار يسيطر عليه وكل الأجهزة ومؤسسات الدولة بشكل كامل.
لذلك أعتقد أن السيسي بذلك يهدف لقيادة مطلقة للمؤسسة العسكرية في المرحلة القادمة، بعد أن كان جزءًا منها، وهو بذلك يؤسس لحكم جديد بدون حلفائه السياسيين، رغم سعيه لإنشاء حزبين سياسيين، يكون واحدا للحكومة وآخر للمعارضة التابعة لأجهزة المخابرات. وفي تقديري ما يفعله السيسي هو نموذج متبع من قبل الأنظمة المستبدة.
سيطرة السيسي
*هذا يعني أن السيسي سيطر على مقاليد الدولة؟
- في الحقيقة، السيسي يظن أنه بهذه الإجراءات ضمنّ سيطرته على الدولة ومن ثم بقائه، لكن في الحقيقة ما يفعله السيسي مؤشرات عوامل فناء، وليست بقاء. علمًا أن غياب الدعم الشعبي، وهو الأهم، وفقد تأييد الكيانات السياسية، ومع تغيير العوامل الدولية، التي كانت تدعمه في السابق، نظير الخدمات التي كان يقدمها، تجعل السيسي يفقد كل مقومات البقاء.
* يفهم من كلامك أن السيسي ربما يفقد الدعم الدولي قريباً؟
- في الواقع، أن طبيعة الحكام المستبدين أمثال السيسي تؤكد ذلك، خاصة أنه لن يكون أفضل عند الغرب من مبارك، إضافة إلى أن العوامل الدولية كانت تتغير في السابق بوتيرة بطيئة، أما الآن فهي تتسارع بشكل واضح، حتى على مستوى الإدارة الأمريكية، خاصة أن الرئيس ترامب متقلب المزاج، والدليل ما حدث مع كوريا الشمالية .
* برأيك، ما مسببات فناء السيسي؟
- لا شك، أن المسببات التي أدت لقيام ثورة 25 يناير 2011، تضاعفت بشكل كبير في الوقت الحالي، وبالتالي أصبحت الأجواء مهيأة لثورة جديدة، نظرا لتعمد قائد الانقلاب إفقار الدولة، وتقييد المجتمع المدني، ودعم تفشي الفساد بشكل ممنهج، وبيع مقدرات الدولة، وتناقص مواردها، وهي إجراءات ربما تؤدي للإطاحة به في وقت ما.
ما بعد السيسي
*هل هناك تصور واضح لمرحلة ما بعد السيسي؟
- في الحقيقة، هذا مطلب ملح جداً، حتى لا نقع في نفس الأخطاء التي وقعنا بها بعد ثورة يناير.
لذلك أرى، أنه يجب على قوى التغيير أن يكون لديها تصور واضح لهذه المرحلة، تتضمن فك الاشتباك في العلاقة بين الجيش والمدنية، وتعطي ضحايا الفترة السابقة وذويهم حقوقهم، حتى لا يلجأوا إلى الانتقام والثأر بعيدا عن القانون، وإنهاء الاستقطاب وتحقيق المصالحة المجتمعية، وبذلك تسير البلاد في الاتجاه الصحيح.
وأنا أرى أن هذه هي الفرصة الأخيرة، لكي نصحح المسار، ونعالج الأخطاء السابقة، حتى نستطيع أن نقنع الآخرين بأننا بديل حقيقي لهذا النظام، وأن هذا هو المسار الرشيد للتغيير بدلاً من الفوضى والقلاقل.
انهيار النظام
* بكل صراحة، هل هناك مؤشرات على انهيار نظام السيسي؟
- نعم، ففقد السيسي للرضى الشعبي بسبب قراراته الاقتصادية وإجراءاته القمعية، ومشاركته شخصيا بالتعاون مع الكيان الصهيوني في تصفية القضية الفلسطينية، أهم المؤشرات على تسارع وتيرة انهيار النظام، في مشهد مشابه لما حدث قبل ثورة يناير، رغم أن إجراءات القمع قبل 25 يناير 2011 كانت أقل بكثير من هذه الأجواء.
* برأيك، هل النظام يشعر بهذه المؤشرات التي تحدثت عنها؟
- بكل تأكيد، فقانون تحصين قيادات الجيش، مؤشر واضح على شعوره بالخوف والقلق، كما أنه مؤشر أيضا على شعور هؤلاء القادة المستهدفين بالتحصين، بارتكابهم جرائم بشعة، ويدركون أن الوضع الحالي غير آمن، ويمثل تهديدًا لهم، ومن ثم ضغطوا على السيسي لإصدار هذا القانون.
كذلك فإن تزايد الإجراءات القمعية مثل التصفية الجسدية والقتل خارج القانون والإعدامات والتوسع في الاعتقالات مؤشرات واضحة على ضعف النظام، وعلى قلقه من المرحلة القادمة.
عملية سيناء
* هناك تقارير تحدثت عن تباينات داخل المؤسسة العسكرية خاصة بعد عملية سيناء.. ما صحة هذه التقارير؟
- لاشك، أن ممارسات القوات المسلحة مع أهالي سيناء "القتل والحرق والتمثيل بالجثث" تثير استياء أي شخص شريف، كما أن الصورة الذهنية للجيش عند الشعب المصري باتت سلبية، عكس ما كانت عليه في السابق، لذلك أعتقد أن هذا الانطباع لدى الشعب المصري، ربما يزعج المؤسسة العسكرية نفسها في المرحلة القادمة.
أيضا فإن هناك انطباعا يسود لدى غالبية أفراد الجيش المصري، بعدم استمرار الامتيازات التي يمنحها السيسي لهم، خاصة مع فقد الدولة لمواردها الرئيسية، وبالتالي هذا الأمر يجعلهم بكل تأكيد يفكرون في مستقبلهم ويراجعون حساباتهم.
فوز أردوغان
* بعيدًا عن الملف المصري.. كيف ترى فوز الرئيس أردوغان بفترة رئاسية جديدة؟
- أعتقد أن فوز أردوغان، دليل على أنه يحوز قدرًا كبيرًا من رضا الشعب التركي عن أدائه وسياساته، وهذا بكل تأكيد يمنحه القوة في التعامل مع الأطراف الدولية والإقليمية.
كما أن فوز الرئيس التركي يشكل دعماً للقوى التي تسعى لتحقيق الديمقراطية والعدالة في دولها، وأيضا على مستوى الأزمة الخليجية، فإن فوز أردوغان يعطى قطر، كدولة تمتلك رؤية ايجابية لقضايا المنطقة، وتتعرض لحصار جائر من القوى الرافضة للتغيير، دفَعة قوية لمواجهة دول الحصار، وتنفيذ رؤياها ومشاريعها التنموية في المنطقة، بما يتناسب مع القوانين والأعراف الدولية.
لذلك أرى أنه يجب على هذه الدول السعي لدعم قوى التغيير الديمقراطي في المنطقة، من خلال إنشاء مراكز الأبحاث والدراسات، وتدريب الكوادر، وتبني الأفكار والمشاريع الهادفة لصناعة المستقبل، وتحقيق الأمن والاستقرار في بلادها.
وسوم: العدد 781