التحدي المطروح أمام الذين يعارضون وينتقدون تعديد الزوجات
التحدي المطروح أمام الذين يعارضون وينتقدون تعديد الزوجات هو تقديم حل لمعضلة من لا معيل لهن من العوانس والأرامل والمطلقات وغيرهن
قبل رفع التحدي أمام الذين يعارضون وينتقدون تعديد الزوجات الذي هو شرع الله عز وجل المنزه عن كل طعن لتقديم حل لمعضلة من لا معيل لهن من العوانس والأرامل والمطلقات وغيرهن، تطالب الجهات المعنية في البلاد بكشف السرية عن أعداد هذه الفئات من النساء ضحايا الحرمان من الحق في الزواج ليكون المجتمع على علم بمعضلتهن العويصة التي لا يحسن ولا يجب السكوت عليها بسبب ما يترتب عليها من مآس كبرى ، وعواقب وخيمة لا حد ولا عد ولا حصر لها.
تتداول بين الحين والآخر وسائل الإعلام الورقية والرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أرقاما تتعلق بضحايا العنوسة في بلادنا في غياب كشف الجهات المعنية عن هذه الأرقام الحقيقية لها تأكيدا أو نفيا أو تصحيحا ، علما بأن غيرنا في المجتمعات الأخرى خصوصا الغربية منها لا يحجبون حقائق وإحصائيات القضايا الاجتماعية التي تطرح مشاكل عن الرأي العام المعني بها يشكل مباشر أو غير مباشر . ولا توجد عندنا أيضا أرقام تكشف عن حالات الطلاق ، وحالات الترمل، وما يرتبط بها من ضحايبا اليتم أو الإهمال.
والرائج والمعروف في مجتمعا أن المطلقات يقضين السنوات ذوات العدد يجرجرن في المحاكم دون الحصول على حقوقهن وحقوق أبنائهن . ولا ندري كيف يمكنهن العيش والحالة هذه ؟ خصوصا وأنه لا توجد قوانين تفرض على أزواجهن دفع مستحقاتهن وواجبات أبنائهن منذ الوهلة الأولى من بداية إجراءات الطلاق . وليس حال الأرامل بأحسن من حال المطلقات، ذلك أن صرف مستحقاتهن يقتضي وقتا طويلا أيضا خصوصا حين يتعلق الأمر بتصفية تركات تطول إجراءاتها المعقدة في الغالب ، خصوصا وأنه لا وجود لقوانين تفرض تسريع وتيرتها حرصا على مصلحتهن ومصلحة أيتامهن .
فما هو ذنب العوانس والمطلقات والأرامل وغيرهن ممن يحرمن من الزواج لأسباب لا ناقة لهن فيها ولا جمل ،ولا يتحملن مسؤوليتها بل المسؤولية الكاملة فيها تقع على المجتمع الذي لا يصون لهن كرامة، ولا يحفظ لهن حقوقا . وبغض معظم أطياف المجتمع الطرف عن مآسي العوانس والمطلقات والأرامل وغيرهن من المحرومات من حقهن في الزواج، لا أحد يبالي بمعاناتهن باستثناء بعض الأقارب بل المقربين منهم كالآباء والأمهات ومن يتحملون إعالتهن ويعانون بسبب ذلك أشد المعاناة المادية والمعنوية . ولن نتحدث عن معانات المحرومات من الزواج من تلك الفئات المحرومة النفسية المريرة وهن يشاهدن المحظوظات من المتزوجات في بيوت الزوجية ،بينما يتجرعن هن مرارة الحرمان . ولن نتحدث عن حاجتهن الغريزية خصوصا في مجتمع يعتبر الحديث عن تلك الحاجة مذمة ومعرة وعارا وشنارا .
وأمام هذه الوضعية البائسة للعوانس والمطلقات والأرامل وغيرهن من المحرومات من الزواج ترفع بعض الجهات عندنا عقيرتها بانتقاد حل تعديد الزوجات وهو شرع الله عز وجل الذي وجد خصيصا لحل مشكلات هؤلاء الضحايا وأبنائهن من أيتام أو متخلى عنهم من المهملين بسبب الطلاق . ولا أحد من الذين ينتقدون التعديد يبالي بما يترتب عن العنوسة والترمل والطلاق والإهمال من نتائج وخيمة العواقب على المجتمع عموما وعلى رأسها شيوع الفساد الذي قد تضطر إليه ضحايا الحرمان من دفء الزواج . والمؤسف حقا أن يرضى الذين يعترضون على التعديد لهؤلاء الضحايا باحتراف الدعارة ،ويلتمسون لهن الأعذار حين يمارسنها ، بل الأشد أسفا أن يجيز وزير العدل عندنا صراحة ما سماه العلاقة الجنسية الرضائية بين الراشدين، وهو على رأس وزارة من المفروض فيها أن تحمي حقوق المطلقات اللواتي تمتد مساطر إنصافهن سنوات طوال ، الشيء الذي يجعلهن عرضة لبيع أجسادهن في سوق الدعارة لتوفير لقمة العيش لهن ولأبنائهن .
فما هو الأنسب يا ترى لهؤلاء الضحايا من العوانس والمطلقات والأرامل هل التعديد الذي يصون كرامتهن وهو شرع الله عز وجل المنزه عن كل قدح أو طعن أو انتقاد أم الدعارة التي تبتذل كرامتهن، وهي شرع أهواء يمنعه ويحرمه شرع الله عز وجل، ويطعن فيه ويندد به لما فيه من فساد وإفساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل ؟
وبقي أن نشير مع الأسف الشديد أيضا إلى أن الزوجات المحظوظات اللواتي يحظين بأزواج يعارضن التعديد بذريعة الغيرة، ويقفن إلى جانب الأصوات المعارضة والمنتقدة له لأنها توافق مصالحهن دون مراعاة معاناة المحرومات من الزواج من عوانس ومطلقات وأرامل وغيرهن . وكل عانس أو مطلقة أو أرملة ترنو بعينها إلى أزواجهن تلقى منهن الويل والثبور وعواقب الأمور ،يلقى أزواجهن مثل ذلك لمجرد التعبير عن التعاطف مع هؤلاء الضحايا أو حتى مجرد ذكر التعديد على ألسنتهم على سبيل البسط .
والمثير للسخرية أن كثيرا من الزوجات تبلغهن أخبار شبه مؤكدة على علاقات مشبوهة ومريبة بين أزواجهن وبين بائعات الهوى ،فلا يحركن ساكنا لأن شعارهن هو مقولة المتداولة كأنها حق لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه : " ألف عشيقة ولا لزيقة " على حد تعبير إخواننا في مصر .
ولا تدري مثل هذه الزيجات الرافعات لهذا الشعار الفارغ والرافضات للتعديد والساكتات عن انحراف الأزواج أن التعديد هو صيانة لهن بينما الفساد والخيانة الزوجية التي يسكتن عليها ويشجعنها على حساب التعديد أكبر تهديد لهن . فكم من مطلقة كان بإمكانها أن تتجنب وضعية الطلاق لو أنها رضيت بالتعديد، وحين تصير ضحية للطلاق، تدرك مدى معاناة مثيلاتها من المطلقات والأرامل والعوانس ، ومع مرور الوقت تود لو أنها كانت في عصمة زوج معدد عوض أن تكون موضوع قالة سوء بين معارفها وغيرهم ، أو هدف الطامعين من الفساق طلاب الشهوة ،وفيهم من يعارضون التعديد ليفسح ذلك المجال لتبرير فسادهم وإشاعته ،وليكثر ويزداد ضحاياهم من المحرومات من دفء الزواج .
وبقي أن نؤكد على أن التعديد له شروط اشترطها الله عز وجل ، ولا يكفي أن توجد الرغبة لدى الأزواج بالتعديد لممارسته ،بل لا بد من توفر الأهلية فيهم لذلك ، وعلى رأس ذلك مخافة الله عز وجل وتقواه ، والقدرة على الإعالة والإنفاق حتى لا يتحول التعديد من حل لمشاكل المحرومات من الزواج إلى مشاكل تسبب معاناة للمتزوجات بسبب انعدام شروط التعديد المنصوص عليها شرعا .
وعلى المحرومات من حقهن في الزواج في مجتمعنا أن يعبرن عن موقف واضح وصريح من دعاة منع التعديد أو تعطيله والطعن فيه ، واختزاله في مجرد سلوك شهواني لتلبية الحاجة الغريزية للأزواج عوض التفكير في فوائده الكثيرة التي تصون حقوق النساء والصغار، وتحمي المجتمع من شيوع التفسخ والانحلال باستغلال ضحايا الحرمان من حق الزواج .
وعلى المعددين ألا يعطوا صورة سلبية للتعديد من خلال ممارسات مخلة بالشروط المطلوبة فيه ، وألا يجعلوا من تلك الممارسات الخاطئة مطاعن يركبها المستهدفون لشرع الله عز وجل ، وليعلموا أن كل تعطيل لشرعه سبحانه وتعالى أو كل مساهمة في ذلك مهما كانت هو هدم لدينه ، وهو شر ووبال على المجتمع والأمة .
وسوم: العدد 781