ماذا يفعل سُليماني في العراق..؟

عبد الجليل النداويي

الاضطرابات في #إيران وصلت إلى مراحل خطيرة إلى درجة إن الشعب الإيراني هتف في #طهران (مرﮜ بر فلسطين) و (مرﮜ بر حزب الله) وحينما يهتف الإيرانيّون بالموت لفلسطين و #حزب_الله فهذا ليس له إلا معنىً واحداً وهو أنهم يرفضون دور #سُليماني ووجوده.

وحال الشعب الإيراني الآن ـ كما ينقل لي صديق يسكن في مدينة مشهد ـ هي أشبه ما تكون بحال الشعب العراقي أبان الانتفاضة الشعبانية 1991 وإن الوضع بحاجة إلى شرارة واحدة ليحترق اليابس والأخضر.

والدليل على عمق الأزمة الإيرانية هو تصريح السيد #علي_خامنئي بأن الأزمة هناك سببها سوء الإدارة والفساد الداخلي، وحملة الاعتقالات التي طالت مسؤولين كبار في الدولة الإيرانيّة.

وبالطبع ما يحصل في إيران لا يعنيني أبداً فهو شأن داخلي يخص الإيرانيين، ولكن المُقدمة التي سقتها لكم هي إن هذه المشاكل التي تغرق فيها الحكومة الإيرانية بكل مستوياتها كفيلة أن تُشغل أي مسؤول مهما كان مستواه الوظيفي عن التفكير في مشاكل الشعوب والدول المجاورة لبلده ما لم تكن له مصالح فيها.

وهنا يأتي السؤال الكبير: ماذا يفعل سُليماني في العراق..؟

لا أحد يقُل لي إن سُليماني قلبه محروق على التشييع، وأنه ترك بلاده التي تعاني من أوضاع اقتصادية وأمنية خطرة وجاء ليطمئن على قيام حكومة شيعيّة في #العراق، وإلا لما رضي سليماني بأن يتحالف أتباعه ومريديه في العراق مع أطراف طالما رعت الإرهاب في العراق وأدت إلى سقوط الآلاف من الشيعة (وفق المنطق الطائفي لسليماني وذيوله). 

أو يرضى بالتوقيع للأكراد على كل شروطهم والتي من ضمنها تقسيم العراق وانفصال الكُرد في دولة خاصّة بهم، والأكراد هذه المرّة لا يقبلون بالاتفاقات الشفويّة أو حتى المكتوبة بالسر فيما بين المُتفقين وإنما يريدون ضمانات أمميّة، أي أن التوقيع على أي اتفاق يجب أن يتم بإشراف #الأمم_المُتّحدة، وأن تتم المُصادقة عليه في مجلس الأمن الدولي لتُصبح شروطه مُلزمة، وعندها لا يُمكن لأي قوّة في العالم أن تقف بوجه مشروع تقسيم العراق وقيام الدولة الكردية.

فماذا يفعل سُليماني حقاً في العراق..؟ وما الذي جاء به إلى #بغداد..؟

أهي مصلحة الإسلام..؟ وهل من مصلحة الإسلام تقسيم بلد مثل العراق بُعمقه التاريخي المُرتبط بتراث أهل البيت، وقيام دولة كرديّة يرى قادتها إن الصراع فيما بين الفلسطينيين والصهاينة هو صراع بين العرب وإسرائيل، وإنهم غير معنيين به، وهذا معناه أنّهم ما أن ينفصلوا سيرفعون العلم الإسرائيلي على القنصليّة اليهودية الموجودة أساساً في #أربيل..؟!

هل من مصلحة الإسلام أن يتقسم العراق إلى ثلاثة دول (كردستان) و (سُنّي ستان) و (شيعي ستان) وهو الأمر الذي عمل ويعمل من أجله الإيرانيون مُنذ السقوط 2003 وحتى اليوم..؟

وهنا أعيد نفس السؤال: ماذا يفعل سُليماني في العراق..؟

الجواب واضح جداً إلا على المُغفلين، فحتى أتباع إيران وذيولها يعرفون حقيقة أن سُليماني جاء ليطمئن على أن خزينة العراق ستبقى مفتوحة أمام حكومة طهران لتتجاوز أزمتها الاقتصادية  بسبب العقوبات، كما حدث في العقوبات الماضية قبل إبرام الاتفاق النووي مع الخمسة زائد واحد.

وأمريكا هذه المرّة تؤسس لحصار أقوى وأشد لا سيما بعد تفعيل الحزمة الثانية التي تريد من خلالها أن تفرض حضرا على تصدير النفط الإيراني وتمنعها من الحصول على أي عملة صعبة، وحينها لا يكون منفذ لهم للخلاص من العقوبات سوى العراق الذي ملأوا مؤسساته الرسمية بعملائهم وذيولهم المُستعدين أن يجوعوا الشعب العراقي من أجل إرضاء السيد الإيراني.

وعلى الشعب العراق أن يعرف هذه الحقيقة وهي أن إيران إذا ما تمكنت من تشكيل الحكومة العراقيّة وفق مقاساتها فعلى هذا الشعب المنكوب أن يشد حجر المجاعة على بطنة.

فأموال العراق كلها ستُهرب إلى الإيران بشتى الطرق والوسائل، وإذا كان الفقراء الآن يستطيعون (بالشافعات) الحصول على رغيف الخبز، ففي قابل الأيام سيكون الخبز صعب حتى على الأغنياء كما حصل في أيام الحصار، لأنه وبكل بساطة الحصار على إيران سينتقل لنا وسندفع نحن ضريبته.

وأنا واثق أن سُليماني لا يمكن أن يسمح بقيام حكومة وطنية في العراق، وحتى إن قامت هذه الحكومة الوطنية فهناك بدائل أخرى سيعمل عليها مثل الملف الأمني.

فهو أوعز لأتباعه بالانسحاب من حدود العراق المُحاذية لسوريا وهناك أخبار تؤكد تسلل الإرهابيين من سوريا باتجاه العراق، وهو نفس السيناريو الذي فعله يوم تأكد لديه خروج الحكومة من يد حليفه المالكي ففتح الحدود للإرهابيين وسهل لهم عملية سقوط ثلث الأراضي العراقية إلى آخر السيناريو الجهنّمي..!!

نعم على الشعب العراق أن يشد حجر المجاعة على بطنه إن تمكن سُليماني من تشكيل الحكومة العراقية على مقاساته، وحينها لا يبقى أمام العراقيين إلا طريقين:

أما أن يموتوا جوعاً وذُلاً، أو أن ينتفضوا بوجه طغيان سليماني ويقتلعوا جذوره من العراق ويقطعوا يده من التدخل في شؤون بلدهم الداخليّة.

فهل سنسمع صوت الثوار يصدح في الشوارع: (سليماني برّه برّه ** بغداد تبقى حُرّه)..؟!

وسوم: العدد 787