شاميات 790
في سوتشي وئدت أحلام بشار للسيطرة على إدلب والقضاء على ثوارها؛ بعدما اتفق عدوه أردوغان مع حليفه بوتين؛ انه: "لن تكون هناك عملية عسكرية في ادلب". بشار لم يكن حاضرا الاتفاق، وبالتأكيد هو غير راض عنه، لكن لم يسعه سوى "الترحيب بالاتفاق الروسي التركي" (بيان رسمي 18/9).
لو لم تكن تركيا حاجة استراتيجية لروسيا؛ ما كان بوتين ليتراجع عن رفضه مجرد الهدنة في قمة طهران، إلى حد قبوله بإنشاء خط فاصل منزوع السلاح من الطرفين، مع تعزيز الوجود العسكري التركي، وبقاء مقاتلي المعارضة في مواقعهم.
مبروك لإدلب وأهلها والنازحين إليها. شكرا تركيا...و "حظ أوفر" بشار.
***************************************
.. والله؛ خبرية "الماس الكهربائي"، أهون من خبرية "تصدت لها الدفاعات الأرضية".
لما تسمع عبارة "التصدي"؛ تظن أنك أمام انتصار.. ثم تنظر إلى الأرض، فتجد القواعد، والمخازن، والمعامل.. مدمرة بالكامل.. أو تنظر إلى السماء للبحث عن "الأجسام الغريبة" فترى طائرة روسية حليفة تسقط في البحر.
***************************************
وفقا للقرائن المترابطة التي عرضها فريق الادعاء؛ فإن فريق مراقبة الحريري بدأ عمله بعد يومين من اعتذاره عن تشكيل الحكومة، ولمدة 53 يوما انتهت باغتياله. وفي 21/12/2004 اجتمع الرئيس رفيق الحريري بالسيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت لـ "تهدئة مخاوف الحزب حول سلاحه بعد صدور القرار الدولي 1559" وفقاً للشاهد على اللقاء الصحفي مصطفى ناصر المقرب من الحزب، وقد أكد نصر الله نفسه في خطاب علني سابق على إيجابية اللقاء- من باب دفع تهمة الاغتيال عن حزبه-، ولكن فيما كان أمين عام الحزب يثني على الحريري "المقاوم" داخل اللقاء؛ كان فريق المراقبة التابع للحزب في الخارج يحضّر لعملية اغتيال بشاحنة تحمل 1852 كلغ من مادة rdx شديدة الانفجار.
وسبق للمحكمة أن استدعت مصطفى ناصر في نيسان 2015 للشهادة؛ فأكد بالتفصيل مكان وزمان اللقاء بين الحريري ونصر الله، وهو ما تطابق مع حركة اتصالات "فريق المراقبة"، الذي تنقل بين قصر الحريري والضاحية الجنوبية، مع أن اللقاء كان سريا ولم يحضره سوى نصر الله والحريري وناصر ومعاون السيد نصر الله؛ الذي يقول الادعاء إنه كان على صلة بقائد عملية الاغتيال مصطفى بدر الدين.
بالعموم؛ يُستنتج من المعطيات التي عرضها فريق الادعاء في المحكمة الدولية؛ أن "حزب الله" لم يكن راغباً بفتنة سنية شيعية، فقد اشترى "فريق الجريمة" شاحنة التفجير والهواتف المستعملة من طرابلس، ثم خطفوا شاباً سنياً مسكيناً من الطريق الجديدة في بيروت وأجبروه على تسجيل شريط مصور؛ يتبنى فيه عملية الاغتيال، ثم تخلصوا منه وأقنعوا شاباً سنياً آخر بتنفيذ العملية الانتحارية، ثم اتصلوا بالقنوات الفضائية لتسليم الشريط المزوَّر؛ لنسبة الاغتيال إلى "الإرهاب السني".. وبعد أشهر من التحقيق المحلي والدولي، وبما أن متبني العملية –بالإجبار- أحمد أبو عدس؛ لم تظهر أشلاء له في موضع الجريمة، فقد غيّروا وجهة الاتهام نحو "إسرائيل" التي "تلاعبت بداتا الاتصالات"، ولما سلكت العدالة طريقها في مرحلتي التحقيق والمحاكمة؛ اعتبروا المحكمة "إسرائيلية" و"لا علاقة لحزب الله بما يصدر عنها تبرئة أو إدانة"... وذلك كله حرصاً منهم على تجنب الفتنة المذهبية؛ وقد ترجموا حرصهم عليها أفعالا لا أقولا.
***************************************
في 11/5/2013 انفجرت سيارتان مفخختان في بلدة الريحانية التركية، وقتل نحو خمسين مدنيا. اتهمت تركيا المخابرات السورية، فنفى وزير الإعلام عمران الزعبي مسؤولية نظامه، متهما "الجماعات الإرهابية التي تدعمها تركيا".
في 12/9/2018 استدرجت المخابرات التركية المسؤول الرئيس عن الهجوم؛ يوسف نازك (تركي علوي)، من مدينة اللاذقية السورية إلى تركيا، ليؤكد أنه دبّر التفجير بأمر من المخابرات السورية، وبالتنسيق مع معراج أورال (تركي علوي يحمل الجنسية السورية وهو قائد تنظيم المقاومة السورية).
ما علا صراخ النظام السوري في وجه "إسرائيل" إلا ليخفي ركوعه أمامها وطلب بقائه منها، وما زادنا وعظاً في العلمنة والوطنية إلا ليخفي طائفيته؛ ليس على مستوى تحكّم الأقلية العلوية بالدولة السورية وحسب، وإنما في تجنيد ما أمكنه من العلويين (النصيريين) من دول الجوار لخدمة أهدافه التخريبية.
***************************************
أن يعاكس وزير الخارجية الروسي تصريحاته السابقة كلها ليقول: "إن ما يقال حاليا عن بدء هجوم القوات السورية على إدلب، بدعم روسي هو حديث غير نزيه وتشويه للحقائق" (14/9)، وأن تنتقل الحكومة الإيرانية من الدعوة إلى الهجوم على إدلب؛ إلى إعلان "رفض الحل العسكري في سوريا، وتأييد الحل السلمي في محافظة إدلب" (15/9)، فهذا يعني انتصاراً واضحاً للسياسة التركية، التي أفشلت-وعلى مدى نحو ثلاثة أشهر- حملة عسكرية؛ للنظام السوري والميليشيات الحليفة، وبدعم عسكري وسياسي وإعلامي من دولة عظمى وأخرى إقليمية..
لم يكن "القيصر" ليجلس مع "السلطان"، مرات ومرات قبل أن يتحرك على الأرض، لولا حاجته لتركيا، وإدراكه أنها قادرة على إغراقه بما لا يطيق في سوريا، إن ركب رأسه ودعم الهجوم العسكري. هذا هو الفارق بين الموقف التركي الذي يحمي إدلب، والموقف الأردني الذي تخلى عن درعا، والسعودي الذي تنصل من الغوطة، والمصري الذي باع ريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي.
***************************************
فيما تقاتل الدولة التركية؛ سياسياً وعسكرياً، وفي كل مكان في العالم، لحماية إدلب السورية؛ يواصل بعض الإعلام العربي سياسة السخرية والتحريض على القيادة التركية، والشماتة بأهل إدلب الذين ثاروا على النظام السوري؛ لكأن إدلب ليست مدينة عربية على وشك التدمير، ولكأن أهلها ليسوا عرضة للموت في مواجهة "المشروع الإيراني". وللمفارقة؛ فإن هذا الإعلام نفسه هو من يزعم مواجهة المشروع الإيراني.
وسوم: العدد 790