طاسه وضايع غطاها

لفت انتباهي على صفحات التّواصل الاجتماعي التعليقات المندّدة بالحفل الغنائي الذي أقيم مؤخرا في مدينة روابي.

وقبل التّعقيب على ذلك أودّ التّأكيد على أنّني لم أحضر يوما في حياتي حفلا غنائيا في مكان مفتوح، كما أنني لا أعرف اسم "المغنيّ" الذي أحيا حفل روابي، وهذا طبعا دلالة على تقصيري في متابعة النّشاطات الفنّيّة في وطني على الأقل.

وقد تفاوتت الانتقادات للحفل الغنائيّ ما بين "تحريم الغناء" من متديّنين، وبين التّنديد بالحفل والقائمين عليه من أشخاص لهم انتماءات وأفكار وطنيّة، وحتى هناك سيّدات نشرن صورا لجوانب من الحاضرين ركّزن فيها على وجوه نساء بدا أنّهن فرحات بالحفل.

وبغضّ النّظر عن الاختلاف في تشخيص الحدث، إلا أنّه كان واضحا أنّ الثّقافة السّائدة هي ضدّ الفرح، وكأنّ التعاسة قدر ربّانيّ مكتوب على شعبنا.

لكنّنا لو فكّرنا قليلا فإنّنا لا نختلف على كوننا شعب له ما له وعليه ما عليه، والشّعوب عادة تعيش حيواتها بكل تناقضاتها، فهناك من يموت وهناك من يولد، وهناك من يبكي وهناك من يضحك ويغنّي....إلخ.

ومن الخطأ القاتل التّعامل مع شعبنا وكأنّه أسرة واحدة، فالأسرة الواحدة إذا مات أحد أبنائها، فإنّها لا تقيم حفل غناء لزواج واحد منها قبل مرور فترة الحداد. ومن يعتبر شعبنا أسرة واحدة فإنّه يتساوق مع الجهات المعادية التي لا تعترف بنا كشعب، بل تعتبرنا مجرّد تجمّعات سكّانيّة، وللتّذكير فإنّ جولدة مائير التي شغلت عدّة مناصب منها رئيسة الحكومة الاسرائيليّة ماتت وهي لا تعترف بوجود شعب فلسطينيّ، وقالت ذات يوم "إذا أصرّ العالم على اعتبار الأغيار –غير اليهود- الذين يعيشون على أرض اسرائيل بأنّهم شعب فلسطيني! فأنا أوّل فلسطينيّة!"

وشعبنا بفئاته العمريّة جميعها عانى الويلات من الاحتلال الذي أهلك البشر والشّجر والحجر، ومن حقّ هذا الشّعب أن يفرح وأن يضحك وأن يغني ويرقص، عندما تتيح له الظّروف ذلك، تماما مثلما هو حقّ لذوي الشّهداء أن يبكوا أبناءهم.

وسوم: العدد 792