المجرم س!
من يتابع أخبار الجرائم في بلداننا وبغضّ النّظر عن حجم الجريمة، سيجد أنّ المجرم مجهول مع أنّه قد يكون مقبوضا عليه من قوى الأمن! فمثلا في فلسطين اكتشفت الأجهزة الأمنيّة عشرات مزارع الماروانا المخدّرة في مناطق مختلفة، ولم يذكر النّاطق باسم الشّرطة أو وسائل الاعلام اسم صاحب المزرعة! وكذلك الحال بالنّسبة لمروّجي المخدّرات واللصوص والمحتالين ومختلف أنواع المجرمين، بمن فيهم القتلة. وحتّى قرارات المحاكم بخصوص الجرائم فإن وسائل الاعلام لا تذكر اسم المحكوم عليه بغضّ النّظر عن الحكم.
وهناك اجتهادات حول هذه "السّرّيّة" حول المجرمين تتعلّق بأوضاعهم الأسريّة والعائليّة في ظلّ مجتمع عشائريّ! لكن هل ارتدع المجرمون عن جرائمهم بعد القاء القبض عليهم في المرّة الأولى؟ أو هل هناك قوانين تحمل عقوبات رادعة لهم؟ وهل تساءلنا عن وجود قوانين بعقوبات رادعة لمرتكبي الجرائم الكبيرة كالخيانة العظمى، القتل والاتّجار بالمخدّرات؟ وإن وجدت هكذا قوانين فهل يجري تطبيقها فعلا؟ وهل تساءلنا عن أسباب استمراريّة هكذا جرائم؟ وإن وقفنا على الأسباب فهل نعمل على معالجتها ووضع الحلول لها؟
يقول علماء النّفس أنّه إذا أردت القضاء على ظاهرة سلبيّة في المجتمع توجّب عليك فضحها ونشرها؛ لأنّ الجناة والمخالفين قد يخافون من ردّة الفعل المجتمعيّة أكثر من خوفهم من العقوبات القانونيّة.
وعلينا الاعتراف بوجود جرائم باتت مقلقة لكثرة تكرارها، ومن هذه الجرائم جرائم الخيانة العظمى كبيع العقارات لجهات معادية، وجرائم القتل، وجرائم زراعة المخدّرات والاتّجار بها، وجرائم البلطجة العشائريّة التي يأكل القويّ فيها حقّ الضّعيف.
وإذا كانت السّلطة الفلسطينيّة وبسبب الاحتلال -الذي له دور في نشر الجريمة- لا تملك السّيطرة على الأراضي الفلسطينيّة جميعها، فلماذا لا تقوم وسائل الاعلام بنشر أسماء المجرمين والتّشهير بهم؛ ليكونوا عبرة لغيرهم ممّن تسوّل لهم أنفسهم بارتكاب الجرائم؟ وهذا التّشهير قد يشكّل حافزا للأسر والعائلات والعشائر في مجتمعنا العشائريّ؛ كي تردع أبناءها عن ارتكاب الجرائم، كما تشكّل حافزا لكلّ فرد كي يحسن تربية أبنائه.
وسوم: العدد 794