الحكومات الغربية والمكوّن السنيّ وجها لوجه
تعتمد الإدارات الحاكمة في البلاد الغربية رؤية ثابتًة في مقاومة الإسلام بصفةٍ عامةٍ، والإسلام السنيِّ بصفةٍ خاصةٍ. لقد أدرك الساسة الغربيون خصائص المنهج السنيّ أو السلفيّ، في جانب الاعتقاد بخاصة، وفي بقية الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والأخلاقية بعامّة. أدرك القادة الغربيون مآلات المنهج السني على العقيدة والأخلاق والسلوك، سواء للفرد أو للجماعة المسلمة، لتتبعهم طبيعة اعتقاد الفاتحين من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ومن تبعهم بإحسان من القادة الأمويين إلى العثمانيين مرورًا بالعباسيين والمماليك والأيوبيين والسلاجقة المجاهدين. لم ينس الغرب أنباء صلاح الدين ومحمد الفاتح وبايزيد الصاعقة وسليمان القانوني وعمر المختار. أدرك الغرب بأن أهل السنة هم العقبة الكؤود أمام جيوشهم العتيدة، فلذا عمدوا إلى نشر العقائد والأفكار الباطنية، فأسسوا محاضن فكرية لاحتضان كثير من هؤلاء من أمثال: الخميني قديماً، وعدنان إبراهيم وإسلام البحيري حديثًا، كما شرع الغرب بالترويج لبرامج مؤسسة راند الأمريكية المتخصصة في نشر المناهج الغربية داخل المؤسسات والمراكز الفكرية البحثية وبخاصة (السنية) منها.
نظرة الغرب إلى الكيانات السنية
لم يفّرق الغرب بين الكيانات السنيّة القائمة إلا تفريقًا بالنسبة لدرجة العداء، أو لزمن العداء، أو لطريقة العداء. فالسني السلفي مستهدف بنسبة 100%، والمسلم الصوفي كذلك مستهدف غير أنّه يقع في دائرة الحياد حاليًا لطالما لم يبدأ في نشر الوعي المقاوم للفكر الصهيوني، وحين يشرع بذلك الفعل فعندها يصبح في دائرة العداء، وحينها يسدّد فاتورة الانتماء لأصل الإسلام سنيًا كان أو علمانيا، سلفيًا أو صوفيا... ففي الرؤية السياسية تظلّ جذوره سنيّة في الأصل التكويني، وما عداء الغرب لصدام حسين رحمه الله منا ببعيد. وعاد الغرب يسعي سعيًا حثيثًا لهدم الكيانات السنية القائمة في المنطقة، على الرغم من ولائها للمؤسسات الغربية العلمانية. فلم ولن تشفع العلمانية للكيانات السنيّة القائمة، سواء عاشوها، أو دافعوا عنها، أو جعلوها رؤية استراتيجية في سياستهم الداخلية أو الخارجية. تَعمد الإدارات الغربية إلى هدم الكيانات السنية القائمة لأمور منها: زيادة غربة المكوّن السنيّ في البلاد العربية وبخاصة في العراق والشام والخليج ثم باقي البلاد السنية. هدم المحاضن الجامعة للكيانات السنية من خلال استثمار النزاعات الفقهية، والسياسية بين المكونات السنيّة نظرًا لتعدّد زوايا الرؤية للقضايا، والحوادث في عالم السياسة المعاصرة. دعم التمدّد المجوسي الإيراني في الخليج بعامة وجنوب السعودية بخاصة، تمهيدًا لتكوين دويلات تعقب حالة الفوضى التي ستشهدها المملكة نتيجة للفراغ في الحكم داخل بلاد الحرمين وتزايد مكر الإدارات الغربية بحكومات البلاد السنية وخاصة حكومة المملكة العربية السعودية لتحقيق مكاسب مادية أو جغرافية أو سياسية، من خلال تحييد المملكة عن طبيعة التغيير الديمغرافي في العراق والشام عقب مجازر الحشد الشعبي في الموصل وديالى والفلوجة وصلاح الدين ومجازر النظام السوري المجرم في بلاد الشام بصفة عامة وحمص والرقة وإدلب والغوطة بصفة خاصة. الضغط على الحكومات القادمة لتفادِ المصير نفسه للكيانات السنية التي خرجت عن النص حسب الرؤية والتقييم الامريكي والغربي المعاصر. السعي لتأسيس مراكز للفكر والبحث تتبنى الرؤية التغريبية، ثم تدعم من خلالها مراكز اتخاذ القرار لتعميق التبعية داخل البلاد السنية. لم ولن يهدأ شياطين الغرب في حربهم ضد البلاد السنية القائمة، ولو كانت تعيش العلمانية أو تنحدر نحو القبول بها في واقع الحياة.
وسوم: العدد 794