إذا كان قتل خاشقجي قد حصل دون علم من يبدهم زمام الأمور فهل ينطبق نفس الشيء على اعتقال المفكرين العلماء والدعاة والحقوقيين والصحفيين؟؟؟
يبدو من خلال التصريحات المتناقضة لمن بيدهم زمام الأمور في السعودية أنهم لم يحسبوا الحساب الصحيح لمقتل الصحفي المعارض خاشقجي ، الشيء الذي جعل رواياتهم المتعلقة بتصفيته في قنصليتهم بتركيا متناقضة تناقضا صارخا لا يمكن بتاتا أن يصدقها الرأي العام العالمي الذي تتوجه أنظاره إلى جريمة ظن مرتكبوها في بداية الأمرأنها قد تمت في سرية تامة .
ولقد صرح وزير الخارجية السعودي لوسائل الإعلام الأمريكية أن ملك السعودية وولي عهده لاعلم لهما بجريمة قتل الصحفي المعارض ، وهذا التصربح ينطبق عليه المثل العربي المشهور القائل : " هذا عذر أكبر من الزلة "إذ كيف يعقل أن يتصرف قتلة خاشقجي في زمن القبضة الحديدية للأمير محمد بن سلمان دون أمر أو علم منه ؟ فإن صح أن ذلك قد وقع بالفعل وهو مستبعد ، فإن الأمر حينئذ سيكون في غاية الخطورة لأنه مؤشر على انفلات الأمور من يد صاحب الزمام بسبب وجود من تجاسرعليه ، واتخذ قرارا في غاية الخطورة دون علمه ، وهو قرار ألحق أكبر ضرر بسمعة بلاده بين دول العالم .
وإذا صح وجود من يقرر دون الأمير الآمر الناهي، فالأمر يقتضي أيضا أن مئات المعتقلين من مفكرين وعلماء ودعاة وحقوقيين وصحفيين يعارضونه قد أسروا دون علمه ، وهو ما لا يمكن تصديقه أيضا . وإذا صح أن اعتقال هؤلاء تم أيضا دون علم الأمير ، فهل سيحمل مسؤولية اعتقالهم لغيره ممن تصرفوا دون علمه كما حمل مسؤولية قتل الصحفي للذين تصرفوا دون علمه ؟
وإذا ما كان الأمير هو من أعطى أوامره لاعتقال معارضيه من مفكرين وعلماء ودعاة وصحفيين ، فمن تحصيل الحاصل أن يكون خاشقجي وهو صحفي من ضمن من شملهم أمر الاعتقال الذي تحول إلى جريمة قتل لتعذر تنفيذ اعتقاله خارج حدود المملكة ونقله إليها ، وهل خاشقجي هو الوحيد الذي شمله القتل أم أن ضحايا آخرين ممن اعتقلوا قد واجهوا نفس المصير دون أن يعلم بهم أحد لأن حظهم سيئ بسبب اعتقالهم داخل المملكة ؟
وفي الأخيرنأمل أن ينجح العالم في تخليص معارضي الأمير المعتقلين في المملكة من الاعتقال ومن مصير كمصير الصحفي القتيل ، كما نأمل أن يكون هذا الأخير قد فداهم بروحه لافتا أنظار العالم إليهم ، ومحركا ضميره لإنقاذهم .
ونأمل أيضا أن يكون مقتل هذا الصحفي تحولا في قيادة المملكة وفي سياستها التي يجب أن تتحول من سياسة ملاحقة واعتقال وقتل المعارضين إلى سياسة خلق أجواء حرية الرأي وحرية التعبيركما هو الشأن في البلدان التي تحترم هذه الحريات ، و التي يرى حكامها أن معارضتهم ظاهرة صحية تساعد على توجيههم إلى حسن السياسة و التدبير والتسيير .
وسوم: العدد 795