توضيح سياسي وقانوني
- يبدو أن مواجهة شرعنة الاسد ومنظومته الأمنية والعسكرية المجرمة يتطلب مزيداً من الأثمان الباهظة الأخرى التي قدمها السوريون الأحرار على مدار ثماني سنين سعياً منهم لتحقيق أهداف ثورتهم ضمن دولة تحترم الإنسان وتصون حقوقه وتدافع عن كرامته ، ويمنح الدستور فيها كامل الأحقية للشعب السوري اختيار حاكمه وقيادته السياسية وتحديد شكل الدولة و الحكم فيها .
- وقد ظهر مؤخراً جدلاً واسعاً بين السوريين بشأن هيئة التفاوض السورية ولجنتها الدستورية المنبثقة عن منصاتها ، حيث تم اختيار أفراد المجموعتين من قبل أجهزة الدول الاقليمية والدولية بعيداً عن رأي السوريين ، بل وتزويراً لإرادتهم وقرارهم الثوري والشعبي.
وعليه وتوضيحاً للمغالطات التي قد يقع فيها البعض سياسياً أوقانونياً و سواء أكان ذلك بحسن نية أوما سواها ، فلا بد من ذكر الحقائق التالية والتوضيحات استناداً الى النصوص والقرارات الدولية والوثائق المتعلقة بالقضية السورية :
أولاً - إن محور العملية السياسية السورية ترتكز على بيان جنيف 30 حزيران 2012 والقرار الدولي 2254 اللذان حددا التراتبية الزمنية للانتقال السياسي في سورية على الشكل التالي :
١- الحكم : ويكون عبر هيئة حكم إنتقالية كاملة السلطات التنفيذية بما فيها جميع المؤسسات الحكومية وقوات الجيش ودوائر الأمن .
٢- الدستور .
٣- الانتخابات.
ثانياً : من ضمن ما تضمنه نص البيان الختامي للقرار الدولي ٢٢٥٤التالي : ... وإذ يضع مجلس الامن الدولي في اعتباره الهدف المتمثل في جمع أوسع نطاق ممكن من أطياف المعارضة، باختيار السوريين، الذين سيقررون من يمثلهم في المفاوضات ويحددون مواقفهم التفاوضية، وذلك حتى يتسنى للعملية السياسية أن تبدأ..
(أي أن القرار الدولي أعطى للسوريين وحدهم الحق في اختيار وفدهم التفاوضي)
فمن يتحدث عن القرار الدولي ٢٢٥٤ بأنه قد تضمن وصاية المملكة العربية السعودية أو غيرها لتشكيل هيئة التفاوض السورية فهو إما مضحوك عليه وإما أن فكرة الوصاية قد راقت له !
ثالثاً : إن كتابة الدستور والانتقال إلى الإنتخابات بدون المرور بمرحلة إنتقالية ستقود بدون شك إلى شرعنة الأسد ونظامه، ولذلك قام الاسد برفض أن يكون الحكم في سورية محل تفاوض واعتبره تنازلاً منذ البداية عن جزء من سلطاته دون معرفة إلى أين سينتهي المسار السياسي على حد زعمه ... فتماشى ديمستورا مع رؤية الاسد وعصابته وطرح سلة الدستور والانتخابات متجاوزاً الحكم وهذا لم يكن مفاجئاً للكثير بإعتبار ديمستورا ميسراً يعمل في نهاية المطاف وفق المنظومة الدولية ومصالح الأقوياء فيها ، ولكن مفاجأة الشعب السوري كانت كبيرة عندما سمعت بموافقة ( المعارضة)على ذلك رغم مخالفتها لوثائق تأسيسها وأنظمتها الداخلية وحتى لرؤيتها السياسية وأدبياتها السابقة !
رابعاً- إن التفاوض هو نقل أوراق القوة ومحصلة الاشتباك في الميدان إلى طاولة المفاوضات ، وأي فريق يتنازل عن نقل أوراق قوته الميدانية إلى طاولة المفاوضات، فإنّه ببساطة يقدم تنازلات مجانية، ويبدأ طريق الفشل، وإضاعة تضحيات فريقه وشعبه وثواره مجاناً ، وهذا ما ذهبت إليه هيئة التفاوض السورية بعد تسليمها لأغلب المناطق المحررة في سورية مؤخراً.
فالاستراتيجية بالاعتماد على الدبلوماسية والتفاوض المنفصل عن الميدان نتائجه يعرفها الجميع و ما كان يريده الاسد والاحتلالين الروسي والايراني هو استلام تلك المناطق و الوصول بعدها الى وقف إطلاق النار ثم المناورة براحة للتملص من دفع أي ثمن سياسي، وعدم الإقرار بأي من مطالب للسوريين .
وهذا ما رفضه احرار سورية والحراك الشعبي فيها مؤخراً وطالبوا العالم والمجتمع الدولي بعدم قبول تمثيل أعضاء هيئة التفاوض لهم أو تعرضها لحقوقهم المشروعة تحت طائلة البطلان المطلق في جمعة " هيئة التفاوض لا تمثلنا " .
خامساً - إن مصطلحات "اللجنة الدستورية" و "الانتخابات "و "مناطق خفض التصعيد" .... مجرّد عناوين في الخطّة الروسية لإنهاء الحرب والإيهام بوجود حلٍّ سياسي وهو في حقيقة الامر ليس أكثر من تصفية المعارضة عسكرياً وسياسياً بموازاة إعادة إنتاج وشرعنة العصابة الحاكمة بدمشق مع تطعيمها قليلاً ببعض شخصيات مثَّلتْ دور المعارضة طوال السنوات السابقة .
- وأخيراً ربما باستطاعة الدول وأجهزتها وأدوات الثورة المضادة خداع بعض الرماديين من الشعب السوري ولكن المؤكد بأن أحرار سورية وثوارها بكل ما يملكونه من وعي متقدم وخبرات متراكمة وأساليب مبتكرة جديدة صمدوا من خلالها ثمانية أعوام سيجدون أيضاً الوسائل والآليات المناسبة التي ستمكنهم من تحقيق أهداف ثورتهم العظيمة ، ثورة الحق والكرامة والحرية .
وسوم: العدد 796