وزارة عبد المهدي بعد المخاض

محمد صالح البدراني

(مستقلون، حزبيون، تكنوقراط)؛ كلمات، لا أقول مفاهيم ولا مصطلحات هي ما أدى إلى هذا الانغلاق الذي إن فُتح فسيبرز وزارة بلا طعم ولا لون، لكن لها رائحة نفّاذة تزكم الأنوف.

   خيارات لا أقول: إنها جيدة أو غير جيدة، فهي لا تمت إلى الحصافة بصلةٍ، إنما تعبر عن حلم الكاتب أو هواه، بدأت العملية بوعد غير مطبق __ وأقول هذا تلطيفًا__ وما سمي بالبوابة الالكترونية، وقد تجاوب مع هذه البوابة المثقفون والطامعون والمزورون والعاطلون الباحثون عن عمل ولكل مراده، وكانت الخيارات، لم تظهر خطة أو وجهة نظر: مثلا:

ماهي خطة السيد وزير النفط تجاه التصاريح والتي عقد COST+ عمليا وهي عقود للطوارئ ولا تتجاوز عمارة بطابقين أو ثلاثة، وهي بالمناسبة شائعة في عقود مهمة لوزارات أخرى، ومدخلها مدخل لفساد كبير. ماهي خطّة وزير الكهرباء الذي يبدو خائفًا من مهمته، وهذا الخوف يحسب له لا عليه لولا تخبط إداري بمؤثرات عاطفيّة يجيدها المخضرمون. ماهي خطة الموارد المائية والبصرة مازالت تعاني من إشكالات رغم أن الوقت شتاء وشتاء لم يأت سابقًا ما أتى به من مطر كالذي أتى، أخطه الطوارئ استخدام مياه الثرثار المالحة لمعالجة ملوحة شط العرب مثلا؟! ما هو موقف وزير الخارجية الحائر، وإطلاقه كلامًا يثير العراقيين وحساسياتهم، لا أتحدث عن كفاءة الرجل ولكن هل هو صالح لوزارة الخارجية في هذا الظرف؟ هذا هو السؤال وهؤلاء من زعم السيد رئيس الوزراء تكنوقراط بين مجموعة الأربعة عشر المثيرة للجدل. وأما الوزراء فحقيقة الأمر أنهم بلا استثناء حزبيون سواء من الصف الثاني أو الثالث أو أن لهم انتماء للأحزاب أو علاقة ما؛ تجعلهم في سفارات أو منظمات أو غيرها ........... لكن مستقلين فهذا ضحك على الذقون، كالبوابة الالكترونية.

     يا سيادة رئيس الوزراء، العراق الجديد حقّق أحلام الراغبين بالسلطة والمال، والذين بدورهم حطموا أحلام الشعب وكفّروه بدينه ووطنيته وكل انتماء لديه... وتأتي أنت ووفق حلم أو علم لتضع هكذا وزارة فلا تصرّ على أمر وتفعل ما تريد؛ فتتحمل المسؤولية ولن تخسر إلا ما يكتبه التاريخ من فشل مؤكّد، أو تأتي ضمن الوضع الحالي برؤساء الأحزاب والكتل وتقول: تعالوا وتسلّموا الوزارة وسأحاسبكم كل يوم، وتجمع في مكتبك مجموعة مرموقة من المستشارين يحكمون الوزارات بالظل، وفي كل يوم وفي كل تصريح إسبوعي تقول: إن أي فشل تتحمله هذه الأحزاب، وأي خلل يتحملونه هم لأنهم الآن في الواجهة، فإما أن يصححوا أو أن الأمر لكم يا شعب العراق، فما بقى لي من العمر ما أستطيع حمايتكم به...وستفشل الوزارة لكنك ستسلم والكرة في ملعب الشعب والأحزاب.

    واليوم الأحزاب موجودة والمسؤولية عليك، وكما يقول المثل:(لا حضت برجيلها ولا ...)، فلم لا تطبق المثل القائل (عيدوا صلاتكم يا جميلات)، وتعيد تركيب الوزارة إما برؤساء الأحزاب ويتحملون هم المسؤولية، أو بوزراء أنت تختارهم ولا تريد من يحتج على أحدهم حتى لو كان وزير الخارجية موسيليني والداخلية هتلر، فوزارة مرقعة، وتمكين المنتقدين ليس عملًا جيدًا وإنما غوص في حفرة من طين، يا سيد عبد المهدي أنت تتحمل المسؤولية وتظن أنك ملقيها عليهم.

   الحق أقول لكم إني متعاطف معكم ومع كل وزير مخلص في نفسه لكنه وضع في غير موضعه، ومع كل مرشّح تعرّض للتشهير والحرج بسبب لعبة السلطة والخيارات غير المدروسة، ونصيحة لكم بأن تعيدوا النظر فقد سجّلت رئيس وزراء فإما أن ترضى أن يكتب عنك (فشل فشلًا ذريعًا)، أو يكتب أنك قاومت للنهاية وأعطيت خيارات.

    العراق نعم يحتاج مختصون ويفهمون، وليس من ذوي المناصب الحالية الذين وصلوا بطرق تتناسب ومنظومة الفساد، خياراتك محدودة للتكنوقراط، فألقها عليهم، ولفّها بعباءتهم وليأتوك بوزارة تحكمها لا تشحذها منهم... فالفساد أصبح منظومة تطرد الصالح وتدمّر البلاد بلا رحمة، فلا تدع أحدًا وراء الستار بل ضعهم في المحكّ بصورة شخصية وسترى كم منهم يتهرب من المواجهة، فلا تستسلم أو تقبل الأعذار وإنما عليهم أن يولوا وبكل إصرار.

    العراق أمام زلزال كبير آخر، وربما تسونامي من الهم والقهر جديد، فقيادة الأزمة تحتاج إلى رؤية وليس ما ننظر أو نشاهد أو ما نقول ونعيد، وما خاب من استشار.

وسوم: العدد 807