بين مسجد بني أمية بدمشق ... والمسجد الأقصى بالقدس ...
صفحات مشرقة من وحي تحرير المسجد الأقصى
*بينما كان إمام الجامع الأموي الكبير بدمشق يصلي في المسجد* ، *تراى له خيال من خلفه ، ولما انتهى من الصلاة التفت فإذا خلفه امرأة تتشح السواد ومعها بنت يافعة،* *وكانتا تحملان صرتين كبيرتين وما إن استدار نحوهما حتى رمتا الصرتين أمامه وقالت المرأة:*
*لقد علمتُ أن بلدتين قرب القدس قد ذُبح رجالهما وأطفالهما على يد جنود الصليبيين، وسبيت نساؤهما* *وحُمِلن إلى أوربا ليبَعن في أسواق النخاسة في باريس وروما عاريات، فإن كانت تنقصكم الحبال لتسرجوا بها خيولكم وتلتحقوا بجيش الناصر صلاح الدين الأيوبي* *(وكانت جيوش المسلمين في ذاك الوقت بقيادة القائد صلاح الدين الأيوبي تقاتل جيوش الصليبين في حطين)*
*وتغيثوا نساءكم فهاهي ضفائر نساء وبنات دمشق لتسرجوا بها خيلكم ولتثأروا لأخواتنا وأهلنا في فلسطين.*
*تمتم الشيخ بكلمات بالكاد كانت تسمع:*
*حسبنا الله ونعم* *الوكيل، حسبنا الله ونعم الوكيل ...* *يحصل خير إن شاء الله تعالى ... يحصل خير يا ابنتي ... بارك الله بك وبحرائر دمشق.*
*انصرفت المرأة وابنتها واختفيتا في جنح الظلام في حارات دمشق الضيقة.*
*أسرع الشيخ إلى بيت الوالي يبلغه بالخبر وتشاورا في الأمر قبل أن يعود الشيخ إلى المسجد الأموي.*
*وفي صباح اليوم التالي ارتفع صوت المنادين من فوق مآذن المسجد الأموي ومآذن مساجد دمشق ينادي في الناس الصلاة جامعة مسجد بني أمية الكبير.*
*شاع الخبر سريعاً في الشام وبدأ الناس يزحفون إلى المسجد الأموي، دخل الناس فوجدوا ضفائر حرائر دمشق منشورة على المنبر وحائط القبلة. امتلأ المسجد والأحياء المجاورة له فقام فيهم خطيباً وحثهم على الالتحاق بجيش الناصر صلاح الدين الأيوبي بعد أن أخبرهم بخبر القريتين اللتين سبيت نسائهما وقتّل رجالهما وأطفالهما، وأخبرهم بأن نساء دمشق قدمن ضفائرهن ليسرجوا بها خيلهم لنجدة إخوتنا ونساءنا وأمهاتنا في فلسطين ولرفع الظلم عنهن، ولغسل العار والأخذ بالثأر لهن من الجيوش الهمجية الصليبية الحاقدة،* *فخرجت الشام شيباً وشباباً والتحقوا بجيش بجيش صلاح الدين.*
*أعاد صلاح الدين تنظيم جيوشه من جديد وتوجه صوب بيت المقدس* *وحوصرت القدس شهرين كاملين* *واستعصت على المسلمين وقتل خلق كثير من الطرفين حتى أذن الله بالفتح فدخلت جيوش المسلمين بيت المقدس مكبرة رافعة راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.*
*كانت شوارع وحارات وأزقة القدس مليئة بالصلبان التي زرعت في كل مكان حتى في المسجد الأقصى* .
*حصلت مفاجأة كبيرة عندما نادى ابن المقدم بالناس أن شيعوا شهداء المسلمين.*
*كان بين شهداء المسلمين جنود ملثمين يتشحون السواد وقد أبلوا في المعارك بلاءً مشهوداً، ولما كشفوا عن وجه واحد منهم إذ به امرأة قد حلقت رأسها ولبست السواد وتلثمت كي لا يعرفها أحد.*
*كان من بين الشهداء الكثير من الملثمين اللواتي يتشحن السواد وكن جميعاً نساء حليقات هن من قدمن ضفائرهن ليسرج بها الجنود خيولهم.*
وسوم: العدد 807