الدعاية الإنتخابية الإسرائيلية بالدّم العربي
جريمة قتل مواطن فلسطينيّ وجرح العشرات من أبناء قرية المغيّر يوم 26 يناير 2019، على أيدي المستوطنين الإسرائيليين، وما سبق ذلك بيوم واحد من تقطيع أشجار الزّيتون التّابعة للقرية نفسها، لا يمكن فصلها عن الدّعاية الإنتخابيّة للكنيست الإسرائيلي"البرلمان" المزمع عقدها في 9 ابريل القادم، تماما كما لا يمكن فصلها عن الإعتداءات الإسرائيليّة المتكرّرة على قطاع غزّة، أو القصف الإسرائيليّ الذي تكرّر على مطار دمشق الدّوليّ ومحيطة، فقد اعتاد قادة الأحزاب اليمينيّة المتطرّفة الحاكمة في اسرائيل على كسب أصوات النّاخبين الإسرائيليين من خلال التّشدّد الممهور بالدّماء الفلسطينيّة بشكل خاصّ والعربيّة بشكل عامّ، يشجّعهم في هذه المرحلة الإدارة الأمريكيّة المتصهينة برئاسة ترامب، التي قفزت على القرارات الدّوليّة والقانون الدّولي باعترافها يوم 6 ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتعمل على تصفية منظمة الأمم المتحّدة لشؤون اللاجئين "الأونروا"، من خلال قطع المساهمة الأمريكيّة المالية في ميزانيّتها؛ لتصفية قضيّة اللاجئين الفلسطينيّين من جانب واحد، ومن خلال الضّغط على السّلطة الفلسطينيّة؛ لإرغامها على قبول ما يسمّى "صفقة القرن" التي يجري تطبيقها على أرض الواقع قبل الإعلان عنها.
كما يشجّعها التّخاذل العربيّ الرّسميّ الذي يزداد انبطاحا يوما بعد يوم، حتّى وصل إلى مرحلة التّطبيع والتّنسيق الأمني العلنيّ مع اسرائيل مع استمرار احتلالها لأراضي الدّولة الفلسطينيّة العتيدة، ولهضبة الجولان السّوريّة، ولمزارع شبعا اللبنانيّة، والتّغوّل الإستيطاني في هذه الأراضي.
ومعروف أنّ قيادات اسرائيل المتعاقبة تربّي شعبها على الخوف لتبقى أيديهم على الزّناد بشكل دائم.
واسرائيل التي دمّرت اتّفاق أوسلو على مرأى العالم جميعه، وضاعفت مصادرات الأراضي الفلسطينيّة أضعافا مضاعفة وأسكنتها بما يصل إلى حوالي 800 ألف مستوطن منذ توقيع اتفاقات أوسلو في سبتمبر 1993، وبرعاية أمريكيّة تطلق أيدي المستوطنين في الأراضي العربيّة المحتلة؛ ليعيثوا فيها تدميرا وقتلا وتجريفا بحماية قوى الأمن الإسرائيليّ، تسعى إلى فرض وقائع على الأرض هدفها التّوسّع ومنع الشّعب الفلسطينيّ من حقّه في تقرير مصيره كبقيّة شعوب الأرض، من خلال إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، وما المستوطنون في الأراضي العربيّة المحتلة إلا ذراع مسلّح لإسرائيل في هذه الأراضي.
ومن يراقب تصريحات قادة الأحزاب الصّهيونيّة في اسرائيل، ودعاياتهم الإنتخابيّة فإنّه سيجد أنّ الكلّ عندهم يزاود على الكلّ في كيفيّة قهر الفلسطينيين وبقيّة العرب، وزيادة الإستيطان، لإجبارهم على الرّضوخ لأطماع اسرائيل التّوسّعيّة التي تتعدّى حدود فلسطين التّاريخيّة.
ويجب الإنتباه إلى أنّ جرائم المستوطنين لن تتوقّف عند قرية المغيّر، تماما مثلما لم تبدأ هذه الجرائم بهذه القرية، بل ستتعدّاها إلى مواقع أخرى، ما دام الجيش الإسرائيليّ يحمي بل ويرعى هذه الإعتداءات، وليس من المستبعد أن تشنّ حكومة اليمين المتطرّف برئاسة نتنياهو حروبا جديدة على قطاع غزّة أو لبنان أو سوريّا أو عليهم مجتمعين، خصوصا إذا ما شعر نتنياهو بأنّه سيخسر الإنتخابات القادمة.
وسوم: العدد 809