نتنياهو يكشف حلفاءه العرب

لم يعد خافيا على أحد أنّ بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل يسعى إلى البقاء في رئاسة وزراء اسرائيل إلى آخر يوم في حياته، ويريد أن يسجّل أنّه رئيس الوزراء الأقوى في تاريخ اسرائيل، وحتّى أنّه يزاود على بن غوريون أوّل رئيس وزراء لإسرائيل، والذي أعلن قيام دولة اسرائيل في 15-5-1948 في ظروف أكثر صعوبة من تلك التي توفّرت وتتوفّر لنتنياهو في هذه المرحلة.

ونتنياهو الذي يحظى بدعم لا محدود من رونالد ترامب رئيس الولايات المتّحدة الأمريكيّة يستغلّ كلّ فرصة متاحة لتثبيت رئاسته لحزب الليكود اليمينيّ، تمام مثلما يسعى أن يكون حزبه الحزب الأوّل في اسرائيل. ويبدو أنّ مؤتمر وارسو الأخير كان الهدف منه الدّعاية الإنتخابيّة لنتياهو وحزبه في الإنتخابات البرلمانيّة الإسرائيليّة المزمع إجراؤها في 9 ابريل القادم. فإذا كانت الدّعاية الإنتخابيّة الإسرائيليّة تتمحور حول المزاودة في ضمّ الأراضي العربيّة المحتلّة لإسرائيل، والتّوسّع الإستيطانيّ بشكل هستيريّ، بعد شطب حلّ الدّولتين وقضاء اسرائيل عليه، وحول البطش بالشّعب الفلسطينيّ ومنعه من حقّه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف، فإنّ نتنياهو ومعه ترامب يسعيان إلى تضليل النّاخب الإسرائيليّ وإقناعه بأنّ نتنياهو هو من سيجلب له السّلام مع الإحتفاظ بالأراضي العربيّة المحتلّة، وهضم حقوق الشّعب الفلسطينيّ، ومن هنا فإنّ نتنياهو ما عاد قادرا أو ما عاد يسأل عن حفظ ماء الوجه للأنظمة العربيّة التي خضعت للضغوط الأمريكيّة بتطبيع العلاقات مع اسرائيل بشكل سرّيّ كبادرة "حسن نيّة" من جانبها تجاه نتنياهو، للإعلان عنها في الوقت المناسب، وفي محاولة من نتنياهو لكسب أصوات النّاخبين الإسرائليّين فإنّه وبالتّنسيق مع حليفه ترامب فضح عمليّات التطبيع مع أنظمة عربيّة، وأعلن على رؤوس الأشهاد أنّه زار أربعة دول عربيّة واجتمع مع قادتها، وليس من باب المصادفة ولا من باب العفويّة نشر صورته بجانب وزير خارجيّة اليمن صاحب "عاصفة الحزم العربيّة"، وكذلك اجتماعاته مع وزراء خارجيّة عُمان والبحرين والمغرب، والتّكهنّات حول زيارته للسعوديّة وغيرها، فكلّ هذه الأمور تصبّ في باب الدّعاية الإنتخابيّة لنتنياهو ولحزبه "الليكود". وبالتّأكيد فإنّ الأسابيع القليلة القادمة التي تفصلنا عن الإنتخابات الإسرائيليّة القادمة ستشهد "فضائح" جديدة للأنظمة العربيّة، التي تخلّت علانية عمّا يعرف "بالمبادرة العربيّة للسّلام" التي انطلقت عام 2002 دون الإعلان عن موتها، وليس من باب زلّة اللسان ما أعلنه وزير خارجيّة البحرين بأنّ الأولويّة في هذه المرحلة ما عادت للقضيّة الفلسطينيّة، بل للتّصدّي لإيران. فهل سيعلن نتنياهو قبيل الانتخابات الإسرائيليّة عن تحالفاته الأمنيّة والعسكريّة مع أنظمة عربيّة لمحاربة إيران؟ وهذا أمر لم يعد مستبعدا في ظلّ خضوع غالبيّة الأنظمة العربيّة لما تمليه أمريكا وإسرائيل عليها.

وسوم: العدد 812