إدلب بين إدارة الأزمة، و تلقّي الرسائل

لا يحتاج الأمر إلى كثير قراءة لمعرفة أنّ الرؤساء الثلاثة الذين جمعتهم سوتشي في نسختها الرابعة في: 14/ 2/ 2019، لم يستطيعوا تجاوز النقاط الخلافية في الملف السوريّ، الذي بات اللقاء بينهم يتمحور حول ثلاث قضايا رئيسة لا غير:

ـ ملف إدلب.

ـ اللجنة الدستورية.

ـ المنطقة الآمنة.

ولا أدلّ على ذلك من ترحيله إلى لقاء أستانا في شهر نيسان المقبل، مع تأكيد كل منهم على مواقفه السابقة على الرغم من محاولة إشاعة أجواء من التوافق.

فالروس يقومون بابتزاز تركيا في ملف إدلب، من خلال التراجع عن توجيه ضربة عسكرية، في مسعى منهم للحصول على تنازلات مهمة في ملفي شرق الفرات، و اللجنة الدستورية، و هي التي ما كانت راغبة في المضي فيه إطلاقًا، لولا الضغط التركي في عدد من الملفات المشتركة بينهما.

و إيران التي باتت تشعر بالتهميش في الملف السوري، و تتوجس خيفة من تنامي العلاقات الروسية ـ التركية فيه؛ تسعى للتشويش ما أمكن على اتفاق إدلب، من خلال مسلسل الخروقات اليومية، التي تتناوب عليها مليشياتها مع أطراف تواليها من قوات النظام.

و تركيا التي باتت حساباتها الانتخابية المحلية في: 31/ آذار/ القادم، تطغى على كثير من الملفات الأخرى، لدرجة أن رئيس برلمانها " بن علي يلدريم "، يستقيل مؤقتًا لخوض انتخابات يراها المراقبون استفتاءً على شعبية أردوغان أولاً بعد إقرار النظام الرئاسي، ثم العدالة و التنمية ثانيًا؛ الأمر الذي يعني تجميد كثير من التحركات في ملفات محرجة، حتى لا يعطي الرئيس أردوغان و حكومته فرصة للمعارضة المتربصة بهما، لإحراجهم في مستوى الرضا الشعبي، الذي تشير استطلاعات الرأي على تراجعه، و خسارته بعض النقاط.

و عليه فإنّ الملف السوريّ، ولاسيما في إدلب سيأخذ طابع إدارة الأزمة أكثر منه السير في المواجهة مع الثنائي الضامن لاتفاق أستانا " الروسي ـ الإيراني "، أو مع هيئة تحرير الشام، كونها سلطة الأمر الواقع، و الجهة التي يأتيها منها كثير من الضغط و الإحراج؛ كونها مصنفة إرهابية، حتى على قوائم خارجيتها.

ناهيك عن الأخذ بتحليلات ترى أنّ بعض أوراق الملف السوريّ، التي باتت مؤرقة لتركيا " ورقة شرق الفرات، و ورقة إدلب "، أصبحت أوراق ضغط عليها، من عدد من دول الإقليم المنخرطة هي الأخرى في هذا الملف، و أصبحت ترسل من خلاله رسائل واضحة إلى تركيا، كلما مضتْ قدمًا في ملفات محرجة لها، ولاسيما بعد التصعيد الأخير من الرئيس أردوغان في ملف التحقيق في مقتل خاشقجي، بإحالته إلى الأمم المتحدة، و التلويح بكشف المزيد عن ظروف إخفاء جثته.

وسوم: العدد 812