وجه الأسد القبيح في حمص

خالد مصطفى

ما حدث من نظام الأسد في مدينة حمص المحاصرة يؤكد السياسة التي يتبعها في مد أجل الصراع والتلاعب بالمجتمع الدولي؛ فقد احتجز مئات الرجال بعد أن تعهد بإجلاء المدنيين وتوفير ممر آمن لهم بعد أن بلغت الأوضاع الإنسانية في المدينة وضعا شديد التردي وأصبحوا يأكلون الكلاب والقطط , كما قام بقصف موكب الأمم المتحدة المصاحب للمدنيين في تحدٍ واضح للمجتمع الدولي واستهانة بالاتفاق الذي وقعه مع الدول المشاركة في مؤتمر جنيف...

إن الرسالة التي بعثها الاسد للمجتمعين في الجولة الثانية من مؤتمر جنيف2 شديدة الوضوح وهي أنه لن يتنازل عن مثقال ذرة من سلطاته ولن يتحرك قيد أنملة عن موقفه وعلى الجميع أن يرضخوا لإرادته أو امامهم الحائط فليضربوا رؤوسهم....

إن الدول الكبرى كشفت عن ضعفها الشديد تجاه اللوبي الأسدي الإيراني وهو ما كشف عن حقيقة الصفقة الوضيعة التي عقدوها معه على جثث الشعب السوري...

ما حدث في حمص أظهر المعايير الدولية المزدوجة في التعامل مع الحالات الإنسانية فلقد تدخل الغرب بصرامة في مناطق أخرى في العالم بحجة تدهور الوضع الإنساني لأن مصالحه كانت هناك أما في حمص وغيرها من المناطق السورية التي تعاني من الحصار والتجويع فإن الوضع يختلف تماما ويترك الأسد لكي يقرر من يخرج ومن لا يخرج وكيف يخرج ويقبض على من يريد ...لقد رفض الأسد أن يسمح بدخول المساعدات الإنسانية للمدنيين في حمص وأصر على خروجهم منها فاستجابت الدول الغربية وأصر على تحديد أعمار للرجال الذين يسمح لهم بالخروج فاستجابوا له ثم تجاوز ذلك واستهدف المدنيين واعتقل مئات الرجال واكتفى المجتمع الدولي بالتنديد والاستنكار..

إن ما يسمى بالمجتمع الدولي جزء من المؤامرة على الشعب السوري والطريق الذي تسير فيه المفاوضات مع نظام الأسد يؤكد أنها لن تصل إلى حل يرضي هذا الشعب بل إلى حل يرضى عنه الأسد وأولياؤه في طهران..العجرفة التي يتكلم بها الوفد الأسدي في جنيف تثير العجب والريبة في آنٍ واحد فهم واثقون من موقفهم ومن أنهم سيحصلون على ما يريدون ويطلبون من المؤتمر أن يدين المقاومة ويصفها "بالإرهاب" ويرفضون أي حلول وسط تتيح الانتقال لنظام يريده الشعب السوري بضمانات دولية...

إن الأوضاع في حمص هي مثال ليس أكثر على المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري وهناك العديد من الأمثلة التي يرتهنها النظام من أجل إجبار المقاومة على الرضوخ لمطالبه ويساوم بها المجتمع الدولي على موائد التفاوض...

إن الجاني في جنيف يظهر على شاشات التلفزة في صورة المجني عليه وهو ما كان يطمح إليه الأسد ومن خلفه فلينسى العالم من يموتون تحت نير البراميل المتفجرة كل يوم ومن يموتون بسبب الجوع ونقص الدواء وليتذكر فقط النظام الذي يكافح "الجماعات الإرهابية التي سوف تصل للغرب إذا انتصرت في سوريا"..هذا ما أراد الأسد أن يصل للشعوب الغربية وأجهزة إعلامها التي تعيش هلاوس "الخوف من الإرهاب" حتى الآن بل هو ما أرادت الحكومات الغربية أن تسربه لشعوبها أيضا من جنيف2 حتى تساندها في موقفها الأخير من نظام الأسد وتقع في حبائل الخداع الذي نصبته ...

لذلك فإن جنيف2 أصبحت كمينا للمعارضة السورية وللشعب السوري وهو ما توقعته فصائل المقاومة وتبين صحة موقفها ولعل الائتلاف السوري المعارض يشعر بعمق الكارثة التي أقدم عليها وينسحب سريعا من هذا الفخ.