الحكومة الإسرائيلية العتيدة
اتّفاق حزبي الليكود بزعامة نتنياهو وأزرق أبيض على تشكيل حكومة إسرائيليّة على أساس شروط مسبقة ومعلنة، فحواها أنّهما اتّفقا على نسف أيّ إمكانيّة للسّلام في المنطقة، وكرّسا اسرائيل كدولة عنصريّة، تتنكّر حتّى لوجود الشّعب الفلسطينيّ. تماما مثلما هم يتنكّرون للقانون الدّولي ولقرارات الشّرعيّة الدّوليّة، ويلقون الدّعم اللامحدود من الإدارة الأمريكيّة التي تمهّد لحرب كونيّة ثالثة قد تقضي على الحياة في الكرة الأرضيّة.
وإذا اختلف الحزبان "الليكود وأزرق أبيض" على تقسيم الغنائم بين قادة الحزبين، إلا أنّهما اتّفقا على الإستمرار في التّوسّع الإستيطاني الذي هو عبارة عن حرب مفتوحة على الشّعب الفلسطينيّ بشكل خاصّ، وعلى الأمّة العربيّة بشكل عامّ. وبسياسة ضمّ الأغوار والمستوطنات وداخل جدار التّوسّع الإحتلالي، فإنّهم لا ينسفون اتّفاقات أوسلو فقط، بل ينسفون اتّفاقات "السّلام" الموقّعة بين اسرائيل وكلّ من مصر والأردنّ، وينسفون أيّ احتمالات لحلول قادمة.
وهذه السّياسة لا تشكّل نسفا لحلّ الدّولتين بل تتعدّاه لتهديد الأمن الوطني والقوميّ لدول وشعوب المنطقة بشكل عام ولدول الجوار بشكل خاصّ، وستكون الأردنّ أوّل المتضرّرين بعد فلسطين تليها سوريا ولبنان ومصر والسعوديّة وغيرها.
واتّفاق نتنياهو وغانيتس المعلن يؤكّد من جديد ما قاله سابقا مفكّرون ومثقّفون عرب وعجم من أنّ الصّراع الذي تفرضه اسرائيل وأمريكا على المنطقة هو صراع وجود لا صراع حدود. ويعيد إلى الأذهان ما طرحه هنري كيسنجر منذ عقود عن ضرورة حرب عالميّة ثالثة، ستنتصر فيها أمريكا وإسرائيل، وسنتهي فيها العرب-حسب رأيه-. وما حصار ايران وغيرها من الدّول والحرب الإعلاميّة لشيطنة الصّين ومحاولة تدمير اقتصادها إلا جزء ممّا هو قادم.
لكنّ خطط نتنياهو وحليفه غانيتس والتي تدعمها أمريكا والت تتجاهل وجود العرب كشعوب وأمّة، ما هي إلا تطبيق لما يسمّى "صفقة القرن" التي أملاها نتنياهو على ترامب، وهي تصبّ في خانة تطبيق المشروع الأمريكي"الشّرق الأوسط الجديد" لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة.
فهل تنتبه السّلطة الفلسطينيّة وسلطة الأمر الواقع في قطاع غزّة لما يخطّط لشعبنا ولقضيّتنا ولوطننا؟ وهل تدرك سلطة حماس أنّ ما يجري هو تطبيق على أرض الواقع لابتلاع الضّفّة الغربيّة وجوهرتها القدس، وفرض دولة فلسطينيّة في قطاع غزّة تمتدّ لأجزاء من صحراء سيناء المصريّة؟
وإذا انتبهوا فلماذا لا يسارعون لأنهاء الإنقسام الذي يدمّر ويضعف الموقف الفلسطينيّ؟ والتّاريخ لن يرحم أحدا.
وسوم: العدد 874