جنيف الحلم والواقع..

عقاب يحيى

أطنان من التخّوفات الواقعية تجول براسنا على مدار اشهر مناقشة جنيف، ومواجهة الضغوط الكثيفة التي مورست باشكال كثيرة، وتواترات متناوبة، وتهديدات صريحة..

أساسها يقوم على معرفة واقعية بتركيبة الطغمة، ورفضها المؤسَس على نهج متموضع لأي حل سياسي حقيقي، وبنيتها الأمنية، القمعية، وجوهرها الطائفي الحاقد، وما وصلت إليه من فجور العظمة، والاستهتار بالحياة وحقوق المواطنين، وقد اغتصبت السلطة عقوداً بالإكراه والقوة الجبرية. بالفئوية والأجهزة الأمنية، والاعتيال المنهج للبشر والأفكار، والمعارضة، ولكل شأن يخص العام، والوطن.. لتكويب قطيع من الشعب سجين زرائبها لوطن صار مزرعة خاصة..

ـ كل الحقائق والوقائعه كانت تقول من زمان.. أن هذا النظام لا يصلح، وليس من سبيل معه سوى الاشتلاع.. وأن الحلول السياسية مهما تراخت، وباتت مرنة، ولينة، وسلسة.. لن تكون مقبولة عنده.. وسيجوفها.. وسيصفيها، وسيستمر في نهجه الدموي..

ـ من جهة ثانية و"المجتمع الدولي" مجمع على الحل السياسي طريقاً وحيداً، وقد أعطى الطغمة كل الأضواء على مدار سنوات الثورة..فإنه لم يُظهر يوماً جدّية تتناسب والحد الأدنى من مطالب الشعب السوري وحقوقه، وما يتعرض له من فعل إبادي منظم..

ـ مع ذلك، ومع وجود هذه الحقائق، وكثير غيرها، فإن الذهن السياسي لم يك مغلقاً على حل يحقن الدماء، ويوفر على بلدنا مزيد الدمار، والتفتيت.. وربما حرباً مذهبية يخططون لها منذ وقت طويل..حتى لو كان مجرد رهان على الاحتمالات، وتلبية لشدة الضغط والتهديد..مع إعلان الاستعداد للتعامل بجدية كاملة مع مفرداته كما جاءت عليه بنود جنيف 1، واقتراناً بأن القاتل وكبار رموزه لا مكان لهم مطلقاً في مستقبل البلاد..

ـ على هذه القاعدة أفهم التعاطي الإيجابي مع جنيف، وأعي أن أي وطني سوري، وبعد نهر الدماء، لا يمكنه مطلقاً أن يفرط بحقوق مهرها الدماء والدمار..وأن الإئتلاف، وأيّاً يكون وفده، لن يتنازل عن المحددات، وسيقف عندها بأمل انتزاعها، وإلا سيغادر بعد أن يكون قد حقق جملة من النقاط، أهمها كشف حقيقة الطغمة لمن ما زال يريد تسويقها، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته المباشرة ..