في ذكرى رحيل القائد المؤسس د. سمير غوشة : طريق النضال هي الطريق
بعد عدة أيام في الثالث من آب 2020 تصادف الذكرى السنوية الحادية عشر لرحيل القائد الرفيق المناضل د. سمير غوشة الأمين العام المؤسس لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، هذا القائد الأممي الذي نسج علاقات وطيدة مع حركات التحرر في العالم ومع القوى الديمقراطية والثورية وآمن بالاشتراكية وقيم الحرية والديمقراطية والصداقة القائمة على الاحترام المتبادل بين الشعوب، القائد القومي الذي آمن بالقومية العربية طريقاً للوحدة العربية فكان من قيادة حركة القوميين العرب ومن المؤمنين بقدرة الشعوب العربية على تخطى الصعاب وتجاوز القيود والاشتراطات التي وضعتها قوى الاستعمار الامبريالي الصهيوني لإدامة الشرذمة والتجزئة في الوطن العربي، وهذا القائد الوطني الكبير الذي كرس الوطنية الفلسطينية هويةً وطريقاً للنضال ومقاومة الاحتلال والدفاع عن فلسطين شعباً وأرضاً وهويةً وعن القرار الوطني المستقل .
القائد الحكيم الفذ الذي غرس فينا قيم ومبادئ النضال وجذر فينا الوعي الوطني لنكون الأوفياء لمسيرة ونضالات ودماء الشهداء .
في هذه الذكرى المؤلمة نفتقد قائدنا ومعلمنا الراحل، القائد الكبير الذي بنى أسس التنظيم وتجديد الفكر للحفاظ على الإرث وطور دور ومكانة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني لتكون في الصدارة وفي قلب الحدث، حزباً طليعياً وديمقراطياً، يناضل في ساحات النضال المختلفة وعلى كل المستويات، منحازاً لأوسع الفئات الاجتماعية من أبناء الفقراء والعمال والكادحين والمثقفين الثوريين ومن صغار الكسبة الذين لهم مصلحة في التغيير نحو العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص بإرادة واعية وصلابة في الموقف وتصميم على الانجاز .
ومن أجل الحفاظ على مبادئه التي زرعها فينا، واستمراراً لمسيرة النضال والعطاء التي كان رمزها وقائدها، لا بد من المراجعة، ولا بد من استخلاص الدروس والعبر، والحفاظ على منهجيته الثورية والتقدمية التي قاد الجبهة من خلالها ووضعها في مكانة متقدمة في إطار الحركة الوطنية الفلسطينية وعلى خريطة العمل السياسي والاجتماعي والجماهيري، ولا بد من الوفاء لسيرة ومسيرة وسجايا هذا القائد الكبير، أبا الفقراء، وملهم الرفاق جميعاً من خلال الاستمرار في المسيرة النضالية على خطاه التي كرست طريقاً يشكل تقليداً لكل من يريد أن يسير على خطى النضال، وأن نصون مسيرة الجبهة التي أحيت قبل أقل من شهر ذكرى انطلاقتها الثالثة والخمسين وهي تجدد الإصرار على مواصلة طريق النضال والتضحيات، طريق سمير غوشة ورفاقه القادة المؤسسين والشهداء العظام .
إن فقدان الجبهة لقائد مسيرتها ورمزها الملهم لم يؤثر على مسيرة الجبهة، لأن للجبهة مؤسساتها التنظيمية ولديها قيادة واعية ومؤتمنة، وقد أثبتت التجربة بأن الأمين العام الراحل الدكتور سمير غوشة استطاع أن يؤسس مؤسسات وهيئات قيادية ترتكز إلى خلقه ومثله وأفكاره، استطاعت تجاوز محنة رحيل أمينها العام، واستكملت مسيرة الكفاح والعطاء استناداً إلى مبادئه ، حيث كان الراحل المعلم الحكيم مدرسة سياسية ووطنية ، خرجت وربت وعلمت الكثير من قادة وكوادر الجبهة في الوطن والشتات، واستطاع بناء قيادة قادرة على تحمل المسؤولية والاستمرار بمسيرة الجبهة نحو التقدم، متحملة كافة الأعباء القاهرة في كافة المنعطفات الخطرة والخروج منها أقوى مما كانت عليه.
إن القائد المناضل الراحل الدكتور غوشة قد غرس لبنة قوية ومتينة، متمسكة بنهجه وعلاقاته السياسية ومبادئه الوطنية، ولن تحيد مسيرة الجبهة عن ذلك، بل عملت وما زالت تعمل على تكريس وتعزيز ما بناه القائد المعلم، في سبيل تحقيق أهداف وتطلعات شعبنا والمحافظة على الثوابت الوطنية والمصلحة العليا لشعبنا وقضيته الوطنية.
جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تواصل السير على الخطى السياسية والنهج الوطني الذي رسمه القائد المؤسس الدكتور سمير غوشة، انطلاقاً من مبادئه ورؤيته تجاه فصائل العمل الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، واستمراراً بمسيرة العطاء والنضال من أجل تحقيق الوحدة الوطنية، وتغليب التناقض الرئيس مع الاحتلال الذي يسعى لفرض أجندته على أرض الواقع بالاستمرار بالاستيطان وتهويد مدينة القدس التي قضى شهيدنا الخالد ورمز مسيرتنا مدافعاً مضحياً من أجل عروبتها عاصمة لدولتنا الفلسطينية المستقلة .
بالتأكيد أن رحيل الدكتور سمير غوشة شكّل خسارة كبيرة، ليس لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني فحسب، بل لمنظمة التحرير ومجمل الحركة الوطنية الفلسطينية بما امتاز به من كشخصية قيادية لها وزنها في الساحة الوطنية، كيف لا وهو حكيم النضال وهو من العناوين الكبيرة للحركة الوطنية ومن قادتها التاريخيين الذين أسسوا للثورة وخاضوا معارك الدفاع عنها وعن الثوابت الوطنية والقرار الوطني المستقل .
بعد هذا الغياب الطويل لقائدنا الراحل، رفيقنا الكبير المؤسس فإننا ما زلنا وسنبقى على الأوفياء للبرنامج السياسي والنظام الداخلي والرؤية والرسالة التي تحملها الجبهة، نستذكره في كل المواقف وعلى كافة الأصعدة ونستلهم تجربته العبقرية الكبيرة .
له أثر كبير على كل واحد منا ، نحن رفاق جبهة النضال الشعبي الفلسطيني الذين تربينا في عرين سمير غوشة، في مدرسته الوطنية والحزبية والفكرية، لذلك كنا وما زلنا الأقرب إلى شعبنا، والأقرب من فئاته الاجتماعية الضعيفة والمهمشة، والأقرب إلى تلمس هموم ومشاكل الناس كما أراد لنا أن نكون بين صفوف الجماهير وفي المؤسسات خدمة لشعبنا وقضيتنا .
في ذكراك ونحن نستحضر تاريخاً مشرفاً للنضال، وللقادة الذين صعنوا الفكرة وشقوا مسيرة النضال نؤكد لعظمة روحك أن نبقى أوفياء لهذا الإرث الكبير ولهذه التجربة ولهذه الجبهة التي بنيتها حجراً حجراً وفكرةً فكرةً وخليةً خليةً وأن نصون أمانة الشهداء، وتبقى ذكراك خالدةً فينا يا حبيب القلب والروح، يا حبيب الفقراء وأيقونة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني الدائمة .
وسوم: العدد887