رسالة مفتوحة إلى الإخوان المسلمين السوريين

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

إن الموقف الذي اتخذته الجماعة في عدم الذهاب الى جنيف2 يعتبر نموذجاً صالحاً لاعادة تقييم أداء الجماعة السياسي.

أعتقد أن قرار الجماعة كان غير مناسب.

ولكن القرار كان نظامياً ديمقراطياً مدروساً ومنسجماً مع نبض الشارع، ومع ذلك أرى أنه غير مناسب.

أرى أن مثل هذه القرارات يجب أن تتخذها المجموعة الاخوانية وحلفاؤها في الائتلاف ومع الائتلاف وليس قيادة الاخوان أو مجلس شوراهم، ولايجب أن يتأثر القرار كثيراً بنبض الشارع لان نبض الشارع في كثير من الاحيان عاطفي ولا يرى من الالوان إلا الابيض والاسود.

قضية الذهاب لجنيف وتفصيلاتها تحتاج إلى مناورة ومتابعة يومية وليس من المناسب تربيط أيدي السياسيين الذاهبين بقرار جامد، على سبيل المثال، رغم أن الائتلاف اتخذ قراراً بالذهاب فقد علّق ذهابه في اليوم التالي عندما بدى أن ايران دُعيت، ثم ألغى التعليق عندما تم سحبُ دعوتها... فهذا الامر وأمثاله يدعونا إلى تخويل الجهة السياسية في الجماعة وحلفاؤها لاتخاذ ما يناسب دون قرارات جامدة.

ثم نحن نافحنا و"كولسنا" و"تكتكنا" -على الاقل كما يتصور الآخرون- كثيراً حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه في المجلس والائتلاف، وسمعنا همزاً وغمزاً كثيراً، حتى إذا جاء الجد، وجاءت ساعة الحقيقة، وجاء دور المعركة السياسية قررنا عدم خوضها!!! فما هو دور الائتلاف والمجلس الوطني إذن؟

ولولا وجود نذير حكيم وعبيدة نحاس من الطيف الاسلامي لكنا الآن عزلنا أنفسنا بأيدينا عن معركة لا تقل أهمية عن معارك الارض والسلاح...

وأسوأ ما في الامر، أن كثيراً من الناس لم يصدقنا واعتبرنا نناور ونخادع ولنا وجهين!!!، حيث أنهم عرفوا لوقت طويل أن نذير وعبيدة من الاخوان ولم يسمعوا يوماً بأنهم انفصلوا عن الاخوان...

اليوم قد تكون النتائج خفيفة، والاعتراضات كلامية والانتقادات شكلية، ولكن لو حصل مثل هذا الامر في سورية الجديدة، فلا أستبعد أن نواجه نتائج كارثية شبيهاً لما يواجهه الاخوان في مصر الشقيقة اليوم...

الحل أن تلتفت الجماعة إلى العمل الدعوي التربوي، وترجع خطوة إلى الوراء من الناحية السياسية، حتى يترسخ لدى الناس أن الاسلاميين الذين يمارسون السياسة يمارسونها بشكل مستقل عن الجماعة وبأُطر وطنية جامعة فيها من كل أبناء الوطن من خلال فهم وسطي للاسلام كمرجعية في النشاط السياسي، وهنا تتوسع الدائرة لتشمل مجموعة العمل الوطني وحزب وعد وهيئة حماية المدنيين وحزب الوفاق وحركة العدالة والبناء وحزب الوسط والتيار الوطني... وأسماء كثيرة تظهر بين حين وآخر تجمع بين الوطنية والمرجعية الاسلامية... دعهم جميعا يعملون بما يجتهدون وتكون الجماعة صديقة لهم جميعاً تمدهم بالتأييد والنصح والتوجيه دون أن تتدخل في شؤونهم.

ثم تقوم الجماعة بين حين وآخر باصدار بيانات سياسية وتقييمات للاوضاع تكون بمثابة معالم في الطريق دون أن تباشر العمل السياسي بنفسها، فيصبح كلامها "وازناً" يعطي إشارات وإرشادات دون أن يتدخل مباشرة في الشأن السياسي، وخاصة الترشيحات والانتخابات والبرلمانات...

ولا شك أن حزب "وعد" يجب أن ينال النصيب الاوفر من الحضور في الساحة السياسية لسورية الجديدة، لانه الوعاء الاكثر مناسبة لضم أكبر كمّ من ألوان الطيف السوري، لانه يقدم نفسه حزباً وطنياً مستقلاً ذو مرجعية إسلامية وسطية، يعمل على ترسيخ مبادئ الحرية والعدالة بالوسائل الديمقراطية. ولكنه مالم يستطع أن يعطي شعوراً حقيقياً صادقاً لأغلب أبناء الوطن بإنه حزبهم المنشود وأملهم المعقود فسيبقى حبراً على ورق ورقماً جديداً في سلسلة طويلة من أحزاب ولدت ميتة...

لا أعتقد أن لدينا ترف فسحة الوقت، وآن لنا أن نتخذ خطوات صعبة ستضع عربتنا على سكة الخير والسلامة فإلى الامام فقد آن الاوان.