أين الحقيقة؟

أين الحقيقة؟

هوامش على خبر ليس بريئا!!

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

تحدثت بعض الأخبار عن كتاب "قطر هذا الصديق الذي يريد بنا شرا" لصحفييْن فرنسيين مشهورين بإعداد التقارير العميقة، وهما "نيكولا بو، وجاك ماري بورجيه" ويبينان فيه أن "الجزيرة" مؤامرة أمريكية - صهيونية، و"الربيع العربي" مؤامرة أمريكية، و"الثورة التونسية" تدار من أمريكا، فهي مؤامرة، و"إدارة الإنترنت" بأيدي عربية عمالة لأمريكا، و"القرضاوي" عميل أمريكي!! و"الحرب على سوريا" مؤامرة!! وهلمّ جرا، والأمر لا يقتصر على هذا الكتاب بل إننا غدونا لا ترى ولا تسمع إلا أصداء المؤامرات هنا وهناك!

إذا كان كل تلك المؤامرات مؤمرات فعلا، فأقول: إن المخفي أعظم، وقد يكون هذا الكتاب الذي يتحدث عن هذا الكم الهائل من المؤامرات هو الآخر جزء من المؤامرة، على قاعدة الثورة والثورة المضادة، والمؤامرة والمؤامرة المضادة والإعلام والإعلام المضاد، والكل يخوّن في الكلّ، وضاعت الحقيقة، وغدت في الباي باي!!

لعلها هي قطع الليل المظلم، أصبحنا نكفر بكلّ شيء، ونكفّر كل شيء، لا نرى الواقع إلا واقعا في حمأة الهزيمة والمؤامرات، استسهلنا هذا المنطق، واقتنعنا أننا مستهدفون، فهل نحن فعلا كذلك؟ وإذا كنا كذلك أما آن لنا أن نصحو أم أننا ما زلنا تحت تأثير التخدير وجرعته التي أفقدتنا الوعي والشعور والتفكير السليم.

عالم من المؤمرات، يضجّ بكل شيء إلا الوضوح فهو الغائب الأوحد، وضلالنا هو الحاضر المؤكد، والعالم على كفّ عفريت، وندعي أننا في القرن الحادي والعشرين، ونتباهي بأفكارنا المستنيرة!

تبا لك أيتها المؤامرة! إياك أن تكوني تحوكين نسخة جاهزة لأكون واحدة من تلك المؤامرات على هذا البلد الطيب أهله أو ذاك، لقد أصبحتُ أخشى كل شيء حتى حروفي المهملات، وصرت أفكر جديا بوضعها في سلة للمهملات، وأستبدل برأسي وما حوى قطعة حجرية مهملة على قارعة طريق خال من وجع القلب!!