الجاهلية المؤمنة
لم يتسع لعبدالناصر إلا أن يزج بسيد قطب إلى السجن ظنا منه أنه سيحبس أفكاره معه فما كان لهذا الفكر إلا أن ينطلق إلى أسماع وأذهان الناس بدلا من أن يكون مقيدا في زنزانة قطب، فما كان من عبدالناصر إلا أن يعدم سيد قطب لعله يدفن فكره في قبره فكانت المحصلة أن عاشت هذه الأفكار إلى الآن بل وأحيت الأمة أيضا .
ومن أبرز ما سطر هذا السيد هو كتاب معالم في الطريق، وفي ظلال القرآن وبهذه الكتب أصبح قطبا يجتذب المسلمين إلى أفكار الإسلام التي سطرها بأسلوب العاشق لعودة الإسلام الساخط من ظلم العلمانية ، فكان قلمه السيال يفيض بأفكار الإسلام بأسلوب أدبي قل نظيره فأصبح بذلك معلما على طريق التغيير ، كما أن المفاصلة بين الحق والباطل كانت أساسا في أفكاره التي جعلتنا نستظل بها إلى الآن والتي استوحاها من ظلال كتاب الله ،ومن أبرز ما كتب في هذا السياق هو وصفه البديع لجاهلية القرن العشرين ، فوصف الأفكار والعلاقات والمشاعر والأنظمة بالجاهلية ولم يكن بحثه لا من قريب أو بعيد عن انتماء من يطبق هذه العلاقات، فلم يكن موضوعه أن عبدالناصر ينتمي إلى حزب الوفد أو إلى الحزب الوطني أو أن غيره من الحكام ينتمي إلى حزب البعث أو إلى حركة فتح ،نعم لم يشغل تفكيره في انتماء الحكام الحزبي بل أشغل نفسه في النظام الذي يطبقه هؤلاء الحكام.
رحم الله سيد قطب وأسكنه الله مع سيد الشهداء فلو كان حيا يرزق لكتب لنا كتابا قل نظيره عن الجاهلية المؤمنة ولوجدنا أحفاد هؤلاء العلمانيين ينصبون له المشانق من جديد.
وسوم: العدد 901