عندما يعشق المدير

يوميات نصراوي:

نبيل عودة

كاتب , ناقد وصحفي فلسطيني – الناصرة

[email protected]

هذه الحكاية جرت في مملكة الدانمارك وقد اوردتها لكم هنا لتشويقكم ، واظهار ان الدانمارك ليست متحررة أكثر من اسرائيل ومن مجتمعنا العربي!!

كنت خلال سنوات طويلة  نشيطا اعلاميا في تغطية نشاطات وقضايا الوسط العربي وعضوا في هيئة تحرير مجلة "الغد" الشبابية، التي لعبت دورا هاما في التثقيف الفكري والسياسي  للشباب العرب ، اتصل بي شاب وقال انه يريد ان يحدثني عن فضيحة أخلاقية مثيرة حدثت في الدانمارك .. بطلها مدير مدرسة، وضحيتها طالبات في عمر بناته وانه لم يجد افضل مني ليحدثني بفضيحة كبيرة لكي أنشرها على الملأ...

سالته: ما دخلنا بالدنمارك؟..

قال : وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم.. افهمها كما تشاء..

فهمت الرمز.

الغيت بعض اعمالي وسارعت   للقاء الشاب.

جلسنا في قهوة. كان الغضب يحرك تقاطيع وجهه، يهز عضلاته .. وضميره يضيق عن كتم الحكاية.

طلبنا فنجاني قهوة. أخذت رشفة من الفنجان، كنت اتابع توتره بعيني وسالته:

-         ما الحكاية؟

-         اسمع. انا لا اعرف أن اللف وألدوران .. لي علاقة مع فتاة.. طالبة في مدرسة ( احتفظ باسم المدرسة وامتنع عن نشره) مجتمعنا لا يقبل علاقتي؟ ينتقدها؟ يعتبرها انحرافا؟ لا يهمني .. أنا احبها .

صمت ساحبا نفسا طويلا من سيجارته، رشف قهوته وقلت لنفسي يبدو انه علي ان العب دور مصلح اجتماعي وحلال مشاكل؟ ما دور المدير بالموضوع؟ بعد تردد سألته:

-         ما هو نوع علاقتك بالفتاة؟

نظر الي بحيرة ظاهرة. أوضحت سؤالي:

-         اعني هل علاقتك بها لهدف شريف؟

-         طز.. ليس هذا ما دفعني للقاءك....!!

اثارتني هذه ال "طز" فلم أسمع بقية الجملة، بل وفكرت بمغادرة الجلسة، لمت نفسي لاندفاعي وراء دعوته دون التيقن من الموضوع. تذكرت انه حدثني بالتلفون عن فضيحة بطلها مدير وطالبات ، الآن يحدثني عن فتاته، لماذا يخلط الموضوعين ببعضهما؟

قلت له ما مر بخاطري، قال برجاء:

-         أرجوك.. تحملني قليلا.. القصة وما فيها انني التقي مع فتاتي مرتين اسبوعيا، علاقتنا ليست عميقة  ولكنها ليست افلاطونية.. المهم انها تأخرت مرة عن الموعد.. تأخرت ساعة كاملة وهذا لم يحدث ولا تبرير له في المسافة التي تفصل بين مكان لقاءنا والمدرسة.

   عندما حضرت قالت لي انها كانت عند المدير. لماذا يحتاج الأمر الى ساعة كاملة؟ لا أذكر بقية الاسئلة  والأجوبة .. جعلتني أنسى بسرعة حكاية تأخرها ، او لم يكن ما يثير انتباهي.. بدأت تلاطفني، هذا ما يهمني واتلهف اليه، اندمجنا، بدأت اقبلها وتقبلني، هنا اكتشفت اول الخيوط .. شعرت ان هناك انسانا استعملها قبلي.. تعبير سيء؟ كان هذا مجرد شعور.. سيطر على احاسيسي بقوة. هل يعقل ان يكون المدير؟! حاولت ابعاد هذه الفكرة عن راسي .. لا منطق ظاهر في هذا الاستنتاج.. ربما انا واهم وابني تخيلات بسبب تأخرها في الوصول للقائي؟

افترقنا على أن نلتقي مرة اخرى بعد يومين. لكني أصبحت قلقا .. الموضوع لم يترك تفكيري، احاسيسي تقول لي ان هناك ما هو مخفي ..  وقررت ان اراقب تحركاتها من البيت الى المدرسة وبالعكس، من المدرسة الى البيت  ومن المدرسة الى المكان الذي نلتقي به !

لم تكن المسالة صعبة، كلها مراقبة يومين، كعادتها تأخرت في أحد الأيام، خرجت من المدرسة وهي تحاول تصفيف شعرها وتبدو حزينة وقلقة. تابعتها الى مكان لقائنا. اعتذرت مدعية انها تشعر بوعكة صحية وتريد مواصلة سيرها الى البيت. تهربت من الاجابة عن سؤالي عن سبب تأخرها لأكثر من نصف ساعة في المدرسة، ادعت ان المدير دعاها ووبخها بسبب قصورها في الدراسة. الجواب  لم يكن مقنعا، قلت لها ذلك وان التوبيخ لا يكون مرتين كل اسبوع؟  لمحت آثار دمعتين في عينيها سارعت الى تجفيفهما بمنديل ورق.

غادرت للبيت بدون وداع .. بقي ما جرى امرا مبهما ولكن شكوكي ظلت قوية.

فترت علاقتي بالفتاة، لم اعد أرغب بلقائها وهي لم تعد تصل لمواعيدنا. ابتعدنا عن بعض .. وكاد ينتهي كل شيء كانه من الماضي.

وواصل روايته: في يوم من الأيام.... اسمع .. انا لا أؤمن بالصدف .. هذا الأمر لم يكن صدفة، كان من الضروري ان ينكشف. الصدفة ان امكانيات غيري للوصول الى الحقيقة كانت أكبر. مختصر مفيد انه في يوم من الأيام  روى طالب امامي انه يدور همس بين المعلمين والطلاب  حول تصرفات معيبة للمدير مع بعض الطالبات، عند سماعي ذلك أصبحت كقالب من الثلج، فقدت شعوري بالحياة، كان يجب ان أكون واقعيا ذكيا لأعرف ان المدير هو شريكي مع صديقتي الطالبة ، رغم كل الدلائل الحسية، كان من الممكن ان لا تكون فتاتي ضمن الفتيات اللواتي يدور التهامس بما ارتكبه المدير بحقهن من تصرفات شاذة.

اتصلت مع بعض الطلاب، جرنا الحديث لما يجري التهامس به، لم تكن معلوماتهم أكثر من معلومات مبنية على اشاعات غير مؤكدة من اي طرف من جهاز التعليم الدانماركي. قال لي احد الطلاب ان الحديث عن خمسة طالبات وان الموضوع لم يؤكد رغم ان الطلاب قد نفخوا الموضوع أكثر مما وصلهم. ذكر اسماء الطالبات ولم يكن اسم صديقتي اياها بينهن.

قررت ان اعيد علاقاتي مع صديقتي الطالبة، لاحقتها واعدت العلاقة.. صارحتها بما سمعت، بكت وقالت انها متهمة ايضا  وان ما يجري تداوله ليس فلما سينمائيا، بل فيه ما هو مروع ومؤلم.

-         هل انت ضمن الطالبات اللواتي اعتدى عليهن؟

ترددت وقالت انها يجب ان تعود مبكرا للبيت لأن والديها بلغهم بعض ما يدور وباتوا يقلقون من تأخرها.

-         جوابك لا يروي ظمأي لمعرفة الحقيقة؟

-         الموضوع طويل.. وما يتداوله الطلاب هو قشرة البيضة..

-         صارحيني، سيبقى الأمر سرا بيننا.. انت تعرفين مدى حبي لك؟ لن اخون ثقتك بي!!

-         هناك معلمان وصلهما الموضوع (اعطتني اسميهما) استمعوا الينا وسجلنا لهما اعترافاتنا بخط اليد، المدير اليوم شبه معزول .. لكني علمت ان المعارف قررت فصل احد المعلمين بحجة عدم كفاءته التربوية... وهو يهدد بفضح الموضوع للصحافة اذا فصل. المعلم الثاني مكانته قوية والأوراق التي في يده ترهب المدير  ولا أظن ان هناك من يجرؤ على فصله لأنه في سنوات الخدمة الأخيرة... ويبدو ان عائلته الكبيرة أيضا وصاحبة الصلات القوية مع الوزارة تمنع  حتى تهديده بالفصل.

-         وانت.. ما هو دورك..

-         كان يهددني بالفصل من المدرسة بسبب ضعفي، وانت تعرف اني انتقلت عبر ثلاثة مدارس، فصلي يعني تدميري تماما. استغل ذلك ليمد يده الى صدري.. وضمني اليه بالقوة وحاول تقبيلي.. لم استطع ان امنعه  لكني لم اعطه ليتمادى أكثر.. واعرف انه تصرف بشكل مشين مع ثلاثة طالبات. تحت التهديد بالكشف لأولياء اموره انهن على علاقة مع طلاب .. وواحده وعدها بتحسين علاماتها.. يبدو انها كانت الأسهل ...

-         هل مارس الجنس مع احدى الطالبات؟

-         لا.. لا اطلاقا.. كان يطلب ان نستعمل ايدينا فقط...

اتصلت بالمعلم المهدد بالفصل. لم يتردد عندما عرف علاقتي مع الطالبة واني مزمع بايصال الموضوع للصحافة بوضع نسخة من اعترافات الفتيات تحت تصرفي لأضمن ان لا الاحق قضائيا باتهام الكذب والتشهير ضد مرب . قال ان مستقبله التعليمي لا يعنيه لأنه سيهاجر للولايات المتحدة التي حصل من سفارتها على حق الاقامة (غرين كارت) وانه كان ينوي تأجيل سفره لنهاية السنة الدراسية، الآن جاء الدافع للإسراع في الهجرة منهم .. ليتلقوا .. هذا يحررني من أي التزام ، قال واضاف: طبعا سأعطيك نسخة مصادق عليها انها طبق الأصل ...

كان الموضوع أكبر من احافظ عليه ليلة كاملة لوحدي. اتصلت مع صحفيين اصدقاء ومحرري صحف. كان اهم  ما اشغلهم الحصول على اثباتات دامغة. ذكرت لهم  اسمي المعلمين. في نفس الليلة جرت اتصالات واسعة، في ساعة متاخرة تلقيت محادثة بأن اعد خبرا  مستعجلا عن الموضوع لينشر في احدى الجرائد!!

ايقنت ان الصحف حصلت على عدة  تأكيدات للمعلومات التي اوصلتها لهم. لكني الوحيد الذي يملك وثائق دامغة.

ارسلت خبرا وبدأت اعد تقريرا لإحدى المجلات، كان تقريري يشمل واقع التعليم في المدرسة ، قابلت معلمين خارج اطار المدرسة، بعضهم تحدثوا بوضوح وغضب عن الواقع غير المقبول لمستوى التعليم والادارة السائدة، بعضهم قال بوضوح ان ما يشغل المدير هو "عضوه التناسلي".. وان الوزارة ترى ولا تتصرف، كأن اهمال المدرسة  والتأثير السلبي على الطلاب اصبح سياسة تعليمية.

الخبر الذي نشر في الجريدة أحدث ضجة كبيرة.. المدير عزل بترفيعه الى وظيفة اعلى. كان قرارنا ان لا نقدم للشرطة  او لوزارة المعارف اعترافات الفتيات، وهذا ما ابلغناه للمعلمين لأن الهدف ليس عقاب شخص مريض،بل حماية الطالبات وانقاذ مؤسسة تعليمية وتطويرها حيث قبل  موقفنا بثناء كبير.

قررت هيئة تحرير المجلة عدم نشر تفاصيل عن الفضيحة لعدم الاساءة للطالبات (الدانماركيات طبعا) بأي شكل كان .. التزمت بالتقرير الذي كتبته للمجلة في عرض واقع المدرسة السيء. ضعف الادارة ، ظاهرة توظيف معلمين غير أكفاء وتلميحات لشكوى المعلمين من تصرفات غير لائقة للمدير مع الطلاب والتهديد بفصل مرب  ناجح بسبب نقده تصرفات المدير!!.