الذكرى الثالثة لثورة تونس 14 يناير 2011
جاءت بين من هو متفائل و من هو متشائم
رضا سالم الصامت
تحتفل تونس، بالذكرى الثالثة لثورة 14 كانون الثاني/ يناير2011 ، ثورة الحرية و الكرامة و هي ثورة كانت بمثابة شرارة أشعلت "الربيع العربي" لكن المصادقة على الدستور التي كانت متوقعة في هذا التاريخ ما زالت متعثرة بسبب خلافات سياسية .
وسط حضور أمني مكثف ، احتفلت تونس بذكرى اندلاع ثورتها ، ولكن هذه المرة اقتصر الاحتفال بتنظيم حملات سياسية جماهيرية و حفلات موسيقية عديدة ، إضافة إلى أنشطة أخرى ومعارض مكرسة للأحداث التي مرت عليها البلاد على مدى ثلاث سنوات. الماضية وكان مركز الفعاليات في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة، باعتباره المكان الرمز الذي وقعت فيه الأحداث الرئيسة للثورة عام 2011 و الذي يعتبر معقل الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق المخلوع زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011 .
ومن جهة أخرى رفضت بعض الحركات والأحزاب السياسية الاشتراك في الاحتفالات، مبررة ذلك بأنه ما من داع للاحتفال في الوقت الحاضر. فتونس للعام الثالث تعيش دون دستور و لم يتم الاستفتاء عليه بسبب الخلافات بين القوى السياسية المختلفة، إضافة إلى أنه كان يتوجب على المجلس الوطني التشريعي المنتخب أن يضع مسودة الدستور خلال عام، ولكن العمل عليها ما زال مستمراً إلى اليوم.
مظاهر الاحتفالات لم تكن سوى عادية جدا ، فالبلاد ما زالت بعد ثلاث سنوات من الثورة بعيدة كل البعد عن تحقيق جملة من الأهداف التي ضحى من أجلها شهداء الثورة وجرحاها و لم يتحقق أي تقدم و الحال كما هو بل ازداد تعقيدا فالبطالة تضاعفت و غلاء المعيشة أثقل كاهل المواطن العادي و الفقر تفاقم و المناطق المحرومة و النائية ازدادت تهميشا بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية .
هذا و في الأثناء تنتظر تونس، بحلول نهاية الأسبوع تشكيل حكومة مستقلين برئاسة السيد مهدي جمعة المدعو إلى قيادة البلاد حتى الانتخابات خلال 2014، بعد أن قدم السيد على العريض استقالة حكومته
وقد اختير مهدي جمعة أخيرا رئيس للوزراء اثر مباحثات طويلة وشاقة تهدف إلى إخراج تونس من أزمة سياسية عميقة تتخبط فيها منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في يوليو2013 في عملية نسبت إلى التيار الإسلامي المسلح.
الجدير بالذكر ، أنه على المستوى الأمني عرفت تونس أسوء حصيلة تقريبا في تاريخها من تسجيل اغتيالين سياسين الأول حصل يوم 06 فبراير 2013 باغتيال الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد والثاني يوم 25 يوليو من نفس السنة اغتيال مؤسس التيار الشعبي وعضو المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي لتدخل تونس إثرها في أزمة سياسية خانقة عصفت تقريبا بجل المسارات ، وأعاقت بشكل كبير مرحلة الانتقال الديمقراطي الثانية .وفي ذات الملف الأمني شهدت الصائفة والخريف الماضيين أحداث إرهابية عنيفة ذهب ضحيتها عدد من جنود تونس وأعوان من الحرس الوطني التونسي البواسل التي طالتهم يد الغدر، يد الإرهاب الذي استقر في تونس وأعلن أنها ارض جهاد والرغبة في صنع صومال جديد.
غير انه وبالرغم من هذه الأحداث الأمنية المتقلبة استعاد الجهاز الأمني التونسي جزءا كبيرا من عافيته واسترجع نجاعته على عدة أوجه من خاصة تعزيز الجوانب الاستخباراتية بإحباط العديد من المحاولات الإرهابية.
وفي كلمة اقر الرئيس التونسي المؤقت السيد محمد المنصف المرزوقي، قوله : إن مسؤوليتنا تجاه الشهداء تحتم علينا الإقرار بان البلاد ما زالت بعد ثلاث سنوات من انتصار الثورة بعيدة كل البعد عن تحقيق جملة الأهداف التي ضحى من اجلها شهداء الثورة وجرحاها.
لكنه أضاف أن "من حق تونس أن تفتخر بأنها تمكنت من تحقيق معجزة فشلت في تحقيقها الدول التي مرت بتجربة الانتقال بالمحافظة طيلة ثلاث سنوات صعبة على الديمقراطية والنمط الحداثي للتونسيين وعلى الأمن
وقال إن "تونس تمكنت من المحافظة على تماسك الدولة رغم الدعوات التي وجهها البعض إلى الجيش للانقلاب على الشرعية وسعيهم للاستيلاء على المجلس الوطني التأسيسي".
وقد شهد الأسبوع الماضي مجددا سلسلة من التظاهرات التي تحولت إلى أعمال عنف احتجاجا على الفقر والبطالة اللذين كانا مفجرا الثورة.
فاحتفال تونس بذكرى مرور ثلاث سنوات على اندلاع ثورة الحرية و الكرامة ، جاء بين من هو متفائل و من هو متشائم .