رائحة الرشوة

عبد القادر كعبان

[email protected]

خرجت أمشي بعيدا عن تلك المؤسسة.. كل شيء مات في هذه الحياة.. ألا يوجد ضمير حي يا ترى؟!.. عدت أستعيد وجهه.. ذلك المسؤول.. تذكرت لحظة المقابلة.. تخيلته إنسانا يعرف معنى المسؤولية.. و الآن.. أشياء كثيرة تغيرت.. هذه الكلمة (أعني المسؤولية) فقدت ذلك المعنى.. سألني بتهكم مفتعل:

- من أي كلية تخرجت؟

- كلية آداب و لغات أجنبية..

للحظة.. كشر عن أنيابه الحادة قائلا:

- كم ستدفع يا "أديب" لحصولك..؟

قاطعته:

- الكفاءة يا سيدي..

أجابني مبتسما و هو يظن أنه بملاحظته هذه قد يضفي على هذا الجو الضبابي بعضا من خفة الروح:

- أرفض فكرة الإستقامة الوهمية.. لم تعد تنفع عملة لهذا الزمن عزيزي..

في هذا الفراغ لم يعد يجمع بيننا سوى ذلك التنافر.. اكتشفت أنني سوى تائه وسط بحر أمواجه تتعاقب في رتابة.. أين أطرق بابا مغلقا.. يفتح في وجهي ضبع تفوح منه رائحة الرشوة.. غير معقول!.. أوقفني اصطدام لإحدى السيارات مع حاوية للنفايات.. تذكرت قول المصطفى صلى الله عليه وسلم:"كلم راع و كلكم مسؤول عن رعيته".. فكرت أن أهرب من هذه الحقيقة البشعة.. انكسرت صور كثيرة في هذه المدينة.. نحن نحيا وسط حداثة وهمية.. قلت في نفسي هذه مجرد مسخرة.. أخيرا أفقت من موجة الأوهام تلك.. تخيلت نفسي مجرد متسول يمشي وسط بلد يفتقد معنى حق الوجود..