شعيرةٌ من شعائر الله
بسم الله الرحمن الرحيم
تقبل الله الطاعات وكل عام وأنتم بخير
الأخوة الكرام..
تَمر على الأمة الإسلامية شعيرةٌ من شعائر الله، هي شعيرة الحج الأكبر، التي يأتيها المسلمون من كل فج عميق تلبية لنداء ربهم، وتكبيرًا له لِما هداهم للإيمان، وأبعد عنهم رجس الجاهلية ودنسها، وطهّرهم من شركها، وجعلهم موحِّدين لله رب العالمين.
إن الناظر للمسلمين في موسم الحج، في طوافهم وسعيهم ووقوفهم في عرفة، تذوب بينهم كل الفوارق، يقفون على صعيد واحد، ويَؤمّون بيتًا واحدًا، ويعبدون ربًا واحدًا؛ لَيدرك أنهم أمة واحدة من دون الناس، يجمعهم هذا الدين، وتستعصي كل النعرات القومية والوطنية والطائفية أن تفرّق بينهم.
غير أن قوى الكفر ومَن يدور في فَلكها ويأتمر بأمرها، لا ترى في اجتماع المسلمين على صعيد واحد، متكاتفين متعاضدين إلا بداية لتشتيت قواهم، وإذهاب ريحهم، وتدمير قوّتهم، فلا يَقَر لهم قرار، ولا تَفتر لهم عزيمة في تحويل مظاهر الوحدة والجماعة، إلى مظاهر فُرقة وتشتت، وإن لم ينفع في تشتيت جمع المسلمين كيدهم، سَعوا بكل ما يستطيعون بكيد جديد، يَحرم جماهير الأمة أداء فريضة الحج، والفرح بشعيرة العيد، حتى يكون البيت الحرام خاليًا من الحجيج، تَذوي فيه صيحات التهليل والتكبير والتلبية.
واللهِ إن القلب لَيذوب كمدًا وهو يرى بيت الله الحرام قد أقفر صحنُه، وخَفَت صخبُه، وسَكنت حركتُه، فصار دامرًا بعد أن كان عامرًا، متذرعين بهذا الوباء اللعين، وكأن هذا الوباء لا يعرف إلا بيوت الله يَسكن فيها، بينما تعمر مرافق الحياة كلها وتدور عجلتها بلا توقف، ومِن دون تباعد ولا كمامات، ولا وباء!
أيها الأخوة الكرام..
إن ما نراه اليوم من توجه سلطوي سافر، يتعمد استفزاز المسلمين، ويمعن في إذلالهم، لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الهجمة الشرسة التي تُشن على الإسلام بلا توقف، منذ عقود؛ لصرفهم عن دينهم، واختراع دين جديد على مقاس الكفار؛ ليكون هو دين المسلمين الجديد، دين يرضى بأنظمة الكفر تطبّق على المسلمين، ويَنفر من أنظمة الإسلام، ويَصِمها بالجمود والتطرف، يَرضى بالانحلال والشذوذ، والفساد والرذيلة، بل ويحارب الفضيلة، ويَنفر من الاستقامة، ويتعايش مع الرأسمالية والليبرالية الغربية، ويسكت عن تدمير الشباب بالتفاهة والسطحية والغباء، وإشغالهم بالمغريات وإثارة الشهوات، وجعْل القيمة المادية هي أسمى القيم عندهم!!
ولذلك كان لزامًا على المسلمين، والواعين المخلصين بالأخص، أن يكونوا متيقظين مدركين لهذه الأعمال التي تقوم بها قوى الكفر؛ مدركين كيف يُحولون هذه الهجمة الشرسة إلى هجمة مرتدة، تفضح الحضارة الغربية التافهة، وتُعلي قِيَم الإسلام وحضارته. ولذلك نأمل من الشباب أن يكون هذا محور نقاشاتهم مع الأمة أثناء العيد، من خلال الزيارات واللقاءات العائلية وغيرها.
الأخوة الكرام..
رغم ما يريده الكفار من تنغيص أعياد المسلمين؛ بإفساد شعائرهم، فإننا نغتنم حلول عيد الأضحى، شعيرةَ الإسلام ووِحدة المسلمين، لنتقدم إليكم بالتهنئة الحارة بحلوله، سائلين المولى جل وعلا أن يجعله عيد خير ورحمة، وبداية عودة صادقة من الأمة لدينها، فتغيظ الكفار، وتحبط مخططاتهم، وتنتصر لدينها، وتخزي عدوها، وأن يعيده على المسلمين جميعاً بالخلاص من هذا الواقع السيئ الذي يعيشون، ومن هيمنة الكفار على بلادهم ومقدراتهم، وأن يكرمهم بنصر عزيز مؤزر من عنده، يقضي به على أنظمة الكفر المتحكمة فيهم، ويعينهم على إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ لتضع كتاب الله وسنة رسوله موضع التطبيق والتنفيذ عليهم، وتزيل حكامهم الظلَمة، صنيعة دول الكفر وعملائها، وتوحّد بلادهم، وتقضي على دولة يهود، وتَحمل الإسلام إلى العالم رسالة هدى ونور.
﴿وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓأَمۡرِهِۦوَلَٰكِنَّأَكۡثَرَٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُون﴾
8/ذي الحجة/1442هـ
18/7/2021م
وسوم: العدد 938