سؤال مطروح على أصحاب أطروحة العقاب الانتخابي الذي لحق بحزب واحد
سؤال مطروح على أصحاب أطروحة العقاب الانتخابي الذي لحق بحزب واحد شاركته أحزاب أخرى في تدبير شؤون البلاد وهو : هل هذا إنصاف وعدل ؟
بغض الطرف عن تضارب الآراء ووجهات النظر بخصوص الأسباب الكامنة وراء أفول ريادة حزب العدالة والتنمية للانتخابات على غرار ما كان عليه أمره خلال فترتين سابقتين ، يستوقفنا سبب واحد ربما يعد عند البعض هو السبب الرئيس في كبوة هذا الحزب، وهو ما سمي عقابا انتخابيا مرده عدم وفائه بما تعهد به خلال عشرية تدبيره شؤون البلاد إلى جانب مآخذ أخرى من قبيل فرنسة التعليم ، والترخيص لزراعة القنب الهندي ، وتمديد فترات التقاعد ، وإقرار التعاقد عوض التوظيف في المجال التربوي تحديدا، وغلاء المعيشة ، و أسلوب مواجهة الجائحة وتداعياتها ، فضلا عن أمور أخلاقية متعلقة ببعض قياداته ... إلى غير ذلك مما يعدده أصحاب أطروحة العقاب الانتخابي.
والسؤال الأهم الذي يواجه به هؤلاء هو : هل من الإنصاف والعدل أن يلحق هذا العقاب بحزب واحد كانت تشاركه أحزاب أخرى تدبير شؤون البلاد خلال عقدين سابقين من رئاسته الحكومة ؟ وليس لهذا السؤال إلا جوابا واحدا هو النفي إذا ما كان للمنطق سلطة . وعن هذا السؤال تتفرع أسئلة أخرى منها : هل كانت الأحزاب التي شاركته تدبير شؤون البلاد معارضة لتلك لأمور التي استحق بها العقاب الانتخابي ؟ فإذا كان الجواب عن هذا السؤال بالنفي ، وهو المرجح أيضا ظل السؤال الرئيس مطروحا لا جواب عنه إلا بالنفي كما سبق ، وأما إذا كان الجواب بالإيجاب، استوجب ذلك طرح سؤال متعلق به وهو : ما الذي فعلته تلك الأحزاب لثنيه عن زلاّته وهفواته ؟ ثم يليه سؤال آخر : هل حلول بعض تلك الأحزاب محله في تدبير شؤون البلاد، سيجعلها تتراجع عن فرنسة التعليم وزراعة الحشيش ، وتصحيح الزيادة في سنوات الشغل بالنسبة للمتقاعدين ، وإلغاء التعاقد والعودة إلى التوظيف بالنسبة للمجال التربوي ، والتخفيض من الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية ، وتغيير أسلوب مواجهة الجائحة وتداعياتها ... إلى غير ذلك من المآخذ المحسوبة على حزب كانوا يشاركونه التدبير والتسيير ؟ وإذا بقيت هذه المآخذ على حالها في فترة الحزب الذي سيحل محل الحزب المنصرف ، فهل سيلاحقه هو الآخر مستقبلا العقاب الانتخابي وحده دون الأحزاب التي ستشاركه التدبير والتسيير ؟
وهناك أمر آخر محيّر، ذلك أن كان الرأي العام الوطني حين كان يتابع الإعلام الرسمي يوميا كانت تصله أخبار عن مشاريع كبرى ورائدة في فترة تسيير الحزب المعاقب بالعقاب الانتخابي ، وفي المقابل كان نوع آخر من الإعلام غير الرسمي ، فضلا عن شبكات التواصل الاجتماعي يسوقان أخبارا عكس الأخبار التي كان يقدمها الإعلام الرسمي ، و كان ذلك يتخذ وسيلة لانتقاد الحزب المدبر للشؤون . وسبب الحيرة في هذا الأمر هو التضارب بين هذه الأخبار بحيث لا يدري المتتبعون لها أيها يصح ، فإذا ما صحت كلها بالرغم من تضاربها، فالسؤال الذي يفرض نفسه هو : كيف يمكن تبرير وجود مثل هذا التناقض ؟ ويليه سؤال آخر إذا ما صحت أخبار المشاريع الكبرى والرائدة ، فما هو الدور الذي كان يقوم به هذا الحزب الذي كان يترأس الحكومة؟ وهل كان دوره منعدما في تحقيق هذه المشاريع أم أنه كانت تحسب عليه الهفوات ، ولا تحسب له الانجازات ؟ وإذا جوّز البعض هذا الطرح كان شأنهم كشأن الزوجة التي زعمت لزوجها أن قطعة اللحم التي اشتراها أكلها قط ، فبادر الزوج بوضع القط في الميزان ، فوجد أن وزنه هو وزن قطعة اللحم ، فسأل زوجته : إذا كان هذا قط فأين اللحم ؟ وإذا كان هذا لحم فأين القط ؟
وخلاصة القول أن ذريعة العقاب الانتخابي الذي لحق بالحزب المعاقب به لا تبدو سببا مقنعا ، الشيء الذي يدعو إلى الكشف عن أسباب أخرى مما تداوله الخائضون في موضوع التراجع المفاجىء لحزب العدالة والتمنية ، واختلفوا فيه اختلاف أصحاب البقرة في شأن موت قتيلهم زمن موسى عليه السلام ، وأنى للخائضين في أسباب هزيمة هذا الحزب ببقرة يضربون ببعضها المصباح المنكسر ليتبين لهم السر الكامن وراء كسره ؟
وسوم: العدد 946