دعاة توجهوا إلى قطر من أجل الدعوة إلى دين الله عز وجل تزامنا مع تظاهرة كأس العالم
دعاة توجهوا إلى قطر من أجل الدعوة إلى دين الله عز وجل تزامنا مع تظاهرة كأس العالم فانتقدهم وسخر منهم أحد المحسوبين على الدعوة
تزامنا مع تنظيم مباريات كأس العالم في دولة قطر ، توجه إليها عدد من الدعاة البارزين من أجل دعوة القادمين إليها من كل ربوع المعمور لمشاهدة تلك المباريات إلى دين الله عز وجل مغتنمين هذه الفرصة التي قد لا تتكرر أو قد تتأخر كثيرا مستقبلا ، واستحسن الرأي العام الإسلامي مبادرتهم خصوصا ودولة قطر تتعرض لانتقاد شديد من طرف بعض الدول الغربية التي أنكرت عليها اشتراطها احترام خصوصيتها الدينية والثقافية ، وبموجب ذلك منعت حمل أو رفع شعار الشواذ جنسيا .
ولا زالت حمى انتقاد تلك الدول الغربية العلمانية لدولة قطر لم تخف بل ازدادت عما كانت عليه مع تلفيق مزيد من التهم لها، ومنها ما اعتبرته تضييعا لحقوق اليد العاملة الأجنبية بها مع الزعم بأنه قد هلك بعضهم خلال تشييد الملاعب والمرافق المعدة لتنظيم كأس العالم دون حصولهم أو حصول ذويهم على حقوقهم في التعويضات .
ولا شك أن السبب الرئيس وراء ما لحق دولة قطر من انتقاد شديد هو مجرد اشتراطها احترام دينها بالدرجة الأولى فضلا عن حسد الدول الغربية لها بسبب احتضانها كأس العالم وقد أبهرهم ما أعدته مما لم يسبقها إليه أحد من الذين تناوبوا على تنظيم هذه التظاهرة الرياضية من قبل .
والذي يعنينا من أمر هذا البلد المسلم هو توجه بعض الدعاة إلى الله عز وجل من ذوي الشهرة العالمية إليه اغتناما لفرصة وجود مواطنين من كل أقطار المعمور لتبليغهم رسالة الإسلام خصوصا وأنه قد لحقه من التشويه الشيء الكثير في بلاد الغرب بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر حيث ألصقت به تهمة الإرهاب والعنف ،وهو أمر نتج عنه ما يسمى ب عقدة الإسلاموفوبيا في تلك البلاد .
وما رحل أولئك الدعاة إلى قطر بهذه المناسبة الرياضية إلا لتصحيح التصور الخاطىء في أذهان المتحجرة لكثير من الغربيين عن الإسلام بسبب ما تبثه فيهم جهات معادية له ، وهي تبذل قصارى جهودها لتشويهه لدى الرأي العام الغربي والعالمي ، وترصد لذلك أمولا لتنفير الجميع من معرفة حقيقته .
ومما يدل على الصورة المشوهة عنه في البلاد الغربية على سبيل المثال لا الحصر فيديو نشرته وسائل التواصل الاجتماعي لشخص سأل أحد الصحفيين عن رأيه في دولة قطر، فأجاب مبديا اشمئزازه بإنه فيها كثرة المساجد . ولا شك أن المسجد في مخيلة هذا الشخص هو أنه مصدر إرهاب وعنف ، وباعث على الإسلاموفوبيا في نفسه ،وفي نفوس أمثاله ممن لا يعرفون شيئا عن الإسلام إلا ما يسوق إليهم من طرف مؤسسات مشبوهة تديرها جهات ضالعة تاريخيا في الخبث والمكر .
ولو كان انتقاد وصول دعاة إلى قطر صادرا عن غربيين لهان الأمر ولكن الغريب أن ينبري بعض المحسوبين على الدعوة ـ يا حسرتاه ـ لانتقادهم بل والسخرية منهم لأنهم أرادوا دعوة زوار قطر الأجانب إلى الإسلام ، ونذكر من هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر أحدهم دون التشهير باسمه والذي أنكر عليهم دعوة نساء أجنبيات سافرات أو عاريات على حد تعبيره إلى الإسلام ، واتهمهم بمخالفة قواعد الدعوة إلى دين الله عز وجل .
ولقد انبرى للرد عليه أحد المهتمين بالشأن الإسلامي ، وأحسبه من الدعاة أيضا كاشفا تهافت انتقاده لهم مستغربا ما أنكره عليهم منبها إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض دعوة الإسلام على الناس دون تمييز بينهم ، ودونما اعتبار ما كانوا عليه من كفر أو شرك أو سفور من شأنه أن يحول دون مهمته الدعوية بل كانوا هم الشريحة المستهدفة عنده والتي أمرهم الله تعالى بتبليغهم أمر دينه .
والسر وراء انتقاد هذا المحسوب على الدعوة لدعاة لا يمكنه أن يتعلق بغبارهم علما ومعرفة هو انتماؤه لطائفة تعتقد غرورا أنها هي الفئة الناجية ، وغيرها كلها في النار ، وكل هم أفرادها هو تكفير وتفسيق من ليسوا على اعتقادهم مع أن تدينهم يكاد ينحصر في التشدد عبادة ومعاملة مع التركيز على نوع اللباس الذي يرتدونه ، وطول اللحى التي يرسلونها ...وأمور من هذا القبيل والتي لا يسمح المقام هنا بسردها ، وهي معروفة عند كل من يعرف هذه الشريحة التي تتبنى التزمت الذي ليس من الإسلام في شيء، علما بأنها قد أساءت بذلك إليه وإلى عموم المسلمين ، وقد كانت سببا في ظهور أفراد منها انبروا للعنف والإجرام باسم الإسلام ، وبسببهم لحقته تهمة التطرف والإرهاب ، وبسببهم صار كل المسلمين عرضة للاتهام بهذه التهمة حتى صارت عبارة " الله أكبر " تعني عند الإنسان الغربي مؤشرا على قرب انفجار قاتل ، وهو ما يجعله قلقا منها حين ترفع في الأذان إلى الصلاة .
ولا يرى من أصحاب هذا التوجه المتشدد إلا غرابة الهندام ، وعبوس الوجه في وجه من لا يسايرهم فيما هم فيه من ضيق الأفق ، وعندهم لا يصح علم عالم إلا من يزكيه شيوخهم، الذين منهم يتلقون التجاسر على العلماء والدعاة ، وقد صار ذلك شغلهم هو الشاغل مع أنهم يعيشون في جهل فظيع أذكر على سبيل المثال لا الحصر ما حصل خلال جلسة حضرتها مع بعض الإخوة في مأتم ،فدار فيه حديث عن الفقه حيث قال أحد الحاضرين بأنه ليس من الضروري أن كل اجتهاد فقهي يكون صاحبه مصيبا ، فانبرى للرد عليه أحد أتباع تلك الشريحة المتشددة وهو يخالفه الرأي، ويرى أن الخطأ في الاجتهاد هو من صميم الدين ، فاضطررت إلى التدخل لأقتعه بعكس ما ذهب إليه من خلال التذكير بخطأ أحد المجتهدين عندنا حين أفتى بعض الناس بالاقتراض الربوي من اقتناء أضحية العيد . وما كاد يسمع قولي حتى رد بالقول إنه ليس بعالم في نظره ، فحاولت إقناعه بأن ليس من الانصاف تجريده من صفة عالم لمجرد أنه اجتهد فأخطأ، لكنه أصر على رأيه . ولما سأله أحد الحاضرين عن نصيبه من العلم أقر بأنه لا علم له، وأكد جهله الفظيع أنه سمى الإمام ابن حجر العسقلاني " الحزقلاني " وهو ما أثار ضحك الحاضرين في تلك الجلسة ، وهناك نبهته إلى تحامل من هم على شاكلته على علماء أجلاء أمواتا وأحياء عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
ولقد أحسن الرد على الذي انتقد العلماء الذين حضروا تظاهرة المونديال في قطر كي يدعوا من حجوا لمشاهدة مباريات كرة القدم إلى الإسلام أو على الأقل لتعريفهم به عسى أن يكون ذلك سببا في تصحيح انطباعاتهم الخاطئة عنه، وذكره بما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرض دعوته إلى دين الله عز وجل على الكفار والمشركين في نواديهم وقبائلهم ، وكانت تلك هي مهمته التي أوكلها الله تعالى إليه ، وهي مهمة كل مسلم بعده في كل زمان ، وفي كل مكان إلى قيام الساعة .
ومنتقد الدعاة إلى الله عز وجل في المونديال بدولة قطر، لم يقم بشيء مما قاموا به بل انبرى لانتقادهم ،لأن الدعوة بالنسبة إليه يجب أن تنحصر في المسلمين الذين وصفهم بالضلال دون غيرهم ، وكفى بهذا شاهدا على ضيق أفقه ووضوح زلته ، علما بأن انتقاده للدعاة في المونديال إنما يصب في اتجاه من يستهدفون دولة قطر المسلمة لتشبثها بقيمها الإسلامية التي تريد البلدان العلمانية فرض قيمها بديلا عنها
وأخيرا نختم بالقول إن أشد ما يعرقل طريق الدعوة إلى الله أمثال هذا المحسوب على الدعوة ولا هو منها في عير ولا بعير ، وكان الأجدر به أن يدع كبرياءه وغروره، ويرحل إلى قطر كما فعل الدعاة خصوصا والتظاهرة الرياضية ما زالت لم تنته بعد، والناس قد حجوا إليها من كل حدب وصوب عسى أن يتعلم من الدعاة الذين انتقدهم كيف تكون الدعوة إلى الله تعالى شاملة كل إنسان في هذا العالم ، وذلك أهم حق من حقوقه التي ضمنها له الإسلام ، كما يتعلم منهم كيف يكون التيسير والتبشير ، وحسبه قول الله تعالى : (( وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ )) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس بلّغوا ولو آية من كتاب الله ، فإنه من بلغه آية من كتاب الله ، فقد بلغه أمر الله ، أخذه أو تركه " . صدق الله تعالى ، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم .
وسوم: العدد 1008