المبلل بالعراق يخاف من المطر

علي فاهم

(المبلل ما يخاف من المطر ) .. كثيرا ما سمعنا هذا المثل يتداوله الناس ليهونوا على المبتلي بالمصائب فمصيبة أخرى لن تغير من المعادلة شيء و زخة مطر جديدة لن تؤثر في من غرق في الماء , و لكن يبدو ان هذا المثل لا ينطبق على العراقيين و هم  يوماً بعد يوم يثبتون أن دولتهم تختلف عن كل دول العالم  فرغم أنهم مبللون حد الغرق في المصائب و النوائب الطبيعية و المصطنعة الا انهم يخافون اليوم من المطر و أصبحوا يتابعون نشرات الانواء الجوية ليس من أجل من يقدمنها في بعض القنوات و انما لمعرفة متى تمطر السماء على رؤوسهم و تغرق بيوتهم و أيديهم على قلوبهم فمطرة تسلمهم لأخرى فما زالت المياه تغرق بيوتهم و لم تجف ارضهم لتمطر مرة أخرى , و كأن السماء كانت تحبس و تختزن المطر سنوات عدة  لتصبها علينا في هذه السنة , مستعينةً بهزات و زلازل أرضية و كأن مفخخات القوم اليومية لا تفي بالغرض و لا تبلل العراقيين بللاً كافياً ,

صحت أغلب مدننا الغافية على أوهام الاعمار و تبليط الشوارع المرصوصة بالقرميد و المزينة بالشجيرات و الأضوية و غيرها من الديكورات المنمقة على خقيقة مرة و هي أنهم كانوا مخدوعين من قبل مجالس محافظاتهم و محافظيهم فالمشاريع الحقيقية و الستراتيجية و البنى التحتية غائبة عن واقع الاعمار و التخطيط و البناء , لانها ببساطة مشاريع تحت الارض و طويلة الامد و لا تفيد في حملات الدعاية الانتخابية ولا  تسلط عليها كامرات الاعلام و لا يراها الناس ليقولوا فلان أشتغل و الله .. و في هذا المفصل يتحمل المواطن جزء كبير من المسؤولية لان مقياس الافضلية لديه في الاختيار لمن يمثله في مجالس المحافظات في أغلبها مقاييس خاطئة فأنا اعرف شخصاً حصل على الكثير من الاصوات لأنه كان لا يفوت ( مجلس فاتحة ) الا و يقف فيه مستقبل المعزين !! و أخر أهم أنجازاته لمدة اربع سنوات انه كان معقب معاملات و يستقبل من يأتيه بحفاوة بالغة , و هكذا اغلب من تسنم المناصب في محافظاتنا هم من هذه الاصناف التي تجيد الضح على الذقون و يبدوا أن ناسنا أغلبهم من صنف من يجيدون دور المضحوك عليهم ...

فليبكوا على أنفسهم فشوارعنا الغارقة بالفساد هي نتاج خياراتنا , و ما فعلت زخات المطر الا انها بللت الطين فازالته عن عورات المسؤولين لتكشف مدى الخديعة التي وقعنا في فخها و لا اتصور أن العراقيين المبللين بالمصائب و النوائب سيستفيقون من غفوتهم في الزمن القريب فكل ما يجيدونه هو رمي المسؤولية على شماعة ما , ليمثلوا دور الضحية السلبي , أما محاولة التغيير و السعي الى فرز الخيار الاصلح و الافضل بحسب قياسات عقلائية و منطقية فربما سنحتاج الى قنبلة نووية تنسف كل التراكمات السلبية في الذهنية العراقية المتأزمة ليتحمل كل عراقي مسؤوليته و نكف عن البكاء و التذمر و لعن الايام السود  و نأخذ بزمام المبادرة و نعترف بأخطائنا لكيلا نغرق من جديد , و دمتم سالمين.