فلسطين قضية سياسية، وحلها وفقا لارادة شعبها هو المعيار لاستعادة الأمم المتحدة مصداقيتها
"دائرة وكالة الغوث في الديمقراطية": في ذكرى صدور القرارين 302، 194 واليوم العالمي لحقوق الانسان
في ذكرى صدور القرارين 302، 194 واليوم العالمي لحقوق الانسان، اصدرت "دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" بيانا شاملا بهذه المناسبات قالت فيه:
يحفل شهر كانون الأول بالعديد من المناسبات الهامة الخاصة باللاجئين الفلسطينيين والصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة: ذكرى صدور القرار رقم 302 (8-12-1949)، اليوم العالمي لحقوق الانسان (10 كانون الاول 1948) وذكرى صدور القرار رقم 194 في 11 كانون الأول 1948. في القرار الأول تم تأسيس وكالة الغوث كهيئة دولية مؤقتة معنية بتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم، وفي الثاني وثيقة هامة يفترض انها تشكل المرجعية القانونية والإنسانية للعلاقة بين شعوب ودول العالم لجهة احترام حقوق الانسان، والثالث قضى بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها، قبل واثناء وبعد النكبة، بقوة القتل والإرهاب على يد المجموعات الصهيونية المسلحة.
على أهمية الدور الذي لعبته الأمم المتحدة بمؤسساتها المختلفة طيلة العقود الماضية، وبإصدارها عشرات القرارات الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، غير ان تجربة اكثر من 100 عام من الصراع بين الشعب الفلسطيني والمشروع الصهيوني، تؤكد بأن المؤسسة الدولية الجامعة، باعتبارها تشكل رمزا للنظام الدولي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، لم تتمكن من تحقيق ما كانت تطمح اليه من اهداف وقيم ما زالت موضع انتهاك من قبل الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين لا تعيران أي اهتمام لا لمنظمات دولية ولا لقرارات ووثائق قانونية وسياسية، وتعتبر الغطرسة وفائض القوة بالنسبة اليهما المرجعية التي تتحكم بممارستهما وسياستهما، الامر الذي ادى الى تحول النظام الدولي وقراراته لمجرد ديكور لتحقيق اهداف مصالح الدول الكبرى فقط. وهذا ما يعطي الاحقية للدعوة الى نظام دولي جديد اكثر عدالة وتوازنا في التعاطي مع قضايا العالم وشعوبه، خاصة القضية الفلسطينية التي تشكل عنوانا للصراع من اجل الحرية والعدالة وضد الاحتلال والاستعمار والعدوان..
ان ما يحصل اليوم في قطاع غزه يؤكد ان إنسانية العالم هي المستهدفة: فمؤسسات وكالة الغوث لم تسلم من العدوان وكانت عرضة للاستهداف والتدمير المباشر، حيث سقط شهيدا العشرات من موظفيها وتم تدمير عدد واسع من منشآتها بما فيها مدارس ومراكز صحية ومستودعات ومراكز إيواء للنازحين. اما القرارات الدولية ونموذجها القرار 194 فهو خارج الاعتبارات الإسرائيلية، واذا كانت الغالبية من سكان قطاع غزه هم من اللاجئين الذين يفترض انهم يحظون بحماية الأمم المتحدة ومؤسساتها، فان احدى اهداف العدوان التي ما زالت على أجندة المحتل هي فرض التهجير القسرى على السكان مرة ثانية.
وعلى مستوى انتهاك حقوق الانسان، فهذه مسألة لا مكان لها في اي تفصيل من تفاصيل الجرائم اليومية ضد المدنيين من الاطفال والنساء في قطاع غزه والضفة، بل هي الغائب الأكبر عن مسار العدوان المتواصل منذ اكثر من شهرين، والذي استهدف المنشآت المدنية من منازل ومستشفيات ومقار لمنظمات دولية ودور عبادة وافران وغير ذلك من اهداف تتسم بالطابع المدني.. رغم المنشدات اليومية من منظمات وهيئات دولية بضرورة وقف العدوان نظرا للكارثة الانسانية التي تسبب بها العدوان والتي كانت من الاسباب التي دفعت بأمين عام الامم المتحدة الى تفعيل المادة 99 من ميثاق الامم المتحدة ودعوته مجلس الامن لوضع يده على القضية واصدار قرار لوقف اطلاق نار انساني في القطاع، لكن الفيتو الامريكي كان بالانتظار، ما يؤكد ان غرفة العمليات في ادارة العدوان هي في واشنطن..
في هذه المناسبة وإذ نحيي الجهود المبذولة لدعم وكالة الغوث، وآخرها القرار الذي صدر بالامس عن الجمعية العامة للامم المتحدة لجهة الاستمرار في تقديم المساعدة الى اللاجئين والذي حظي بموافقة 168 دولة ومعارضة اسرائيل فقط، وتقدير التزام الدول المانحة بتوفير التمويل للوكالة التي تحتاج بدورها الى حماية سياسية وابعادها عن الاستهدافات الامريكية والإسرائيلية وتوفير شبكة امان مالي لها يمكنها من الاستجابة للتحديات المتزايدة بالنسبة للاجئين، فان المنطق السياسي والقانوني والأخلاقي والإنساني هو ان يعمل المجتمع الدولي على انهاء أسباب اللجوء المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وتغيير نمط تعاطيه مع القضايا الدولية ليكون اكثر توازنا خاصة بما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ورفع الغطاء عن إسرائيل التي ترتكب جرائم حرب موصوفة تتطلب من العالم ان يتحلى بقليل من إنسانية لادانتها ووقفها فورا..
ان قضية الشعب الفلسطيني ليست قضية ارقام، وليست إنسانية او عبئا على العالم، بل هي قضية شعب لا زال صامدا فوق ارضه ولاجئ يناضل من اجل عودته اليها.. وان العدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها في قطاع غزه تؤكد ان من يمثل عبئا على المنطقة والعالم هو المشروع الصهيوني المتمثل بوجود الكيان الإسرائيلي الذي يحتل ارضا لها أهلها واصحابها المتجذرين فيها منذ آلاف السنين.. وبالتالي فان سياسة العدوان والحلول الترقيعية التي ما زال المجتمع الدولي يعتمدها منذ عقود لن تكون سوى مسكنات ووصفات لصراعات مستقبلية في المنطقة لن تنتهي الا بانتهاء سببها المباشر المتمثل بالاحتلال وبالاستجابة الى حقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، وتكاتف العالم للخلاص من الحركة الصهيونية ومشاريعها العدوانية والفاشية التي باتت تشكل خطرا ليس فقط على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة بل على شعوب العالم.
10 كانون الاول 2023
وسوم: العدد 1062