اعتقال عشرات الأساتذة الجامعيين فضيحة مدوية تلاحق الإدارة الأمريكية
اعتقال عشرات الأساتذة الجامعيين فضيحة مدوية تلاحق الإدارة الأمريكية وتكشف عن زيف ما تدعيه من احترام للديمقراطية ولحريات الرأي والتعبير
تناقلت وسائل الإعلام العالمية ، ووسائل التواصل الاجتماعي على أوسع نطاق خبر اعتقال العشرات من أساتذة الجامعات والمعاهد العليا بالولايات المتحدة الأمريكية بسبب مشاركتهم في المظاهرات، والوقفات، الاحتجاجية، والاعتصمات التي أدانت بشدة جرائم الإبادة الجماعية بقطاع غزة التي لا زالت متواصلة وبضراوة بالرغم من إدانة المجتمع الدولي الواسعة لها. وإدانة الكيان العنصري الصهيوني هي بمثابة إدانة مباشرة ، وصريحة للإدارة الأمريكية الداعمة ، والمزودة له بالأسلحة الفتاكة ، وهي تشارك بقواتها في تلك الجرائم .
ولا شك أن مشاركة الأساتذة الجامعيين في المظاهرات، والوقفات، والاعتصامات وهم النخبة والطليعة التي تمثل القيادة الفكرية والعلمية لأكبر دولة في العالم ، هي تعبير عن التزامهم المنطق الذي يجب أن يحترم أو الذي من المفروض أن يحترم، لأنهم يمدون طلبتهم بالقيم والمبادىء الإنسانية التي يجب أن تسود العالم . وما كان لهم أن يتخلفوا عن مشاركة طلبتهم في التنديد بجرائم الإبادة الجماعية في غزة التي راح، ويروح ضحيتها يوميا أطفال في سن البراءة مع أمهاتهم الحوامل والمرضعات ، فضلا عن عجزة نساء ورجالا ، لأن تخلفهم من شأنه أن يفقدهم المصداقية في أعين طلبتهم الذين يتلقون عنهم تلك المبادىء والقيم الإنسانية ، خصوصا وأن فيهم فلاسفة ومفكرين، يعتبرون روادا في هذ العالم .
وعندما تعتقل الإدارة الأمريكية النخبة والطليعة الفكرية والعلمية ، فإنها تقيم على نفسها حجة دامغة بأنها لا تصلح لقيادة أكبر بلد في العالم، يعتبر قادته أنفسهم أوصياء على الديمقراطية، وحقوق الإنسان ، وحريات الرأي والتعبير ، وهم الذي يلاحقون بالعقوبات كل الأنظمة التي يعتبرونها مصادرة للديمقراطية وحقوق الإنسان، والحريات رأيا وتعبيرا.
واعتقال النخبة المفكرة والعلمية، يدل على أن قادة الولايات المتحدة ليسوا في مستوى درجة الفكر والعلم في بلد رائد في البحث العلمي والتكنولوجي، لكنه بسبب سياستهم الرعناء يعتبر في الدرك الأسفل من انحطاط القيم والمبادىء . ومعلوم أن الذي جعل الإدارة الأمريكية دون مستوى الريادة الفكرية والعلمية التي تقودها طلائع الفكر والعلم في المؤسسات والمعاهد العلمية هو خضوع تلك الإدارة لما يسمى باللوبي الصهيوني الذي يتحكم في مصير الشعب الأمريكي ، ويحدد له من يحكمونه ممن يتحكم فيهم من رؤساء ، لا يدخلون البيت الأبيض إلا بعدما يتعهدون بما يريده منهم هذا اللوبي ، وعلى رأس ما يريده منهم حماية الكيان الصهيوني المستنبت في أرض فلسطين بالقوة والبطش. ولا يمكن أن يلج البيت الأبيض من الحزبين الديمقراطي والجمهوري رؤساء لا يزكيهم هذا اللوبي الصهيوني المسيطر على رؤوس الأموال ، وعلى الآلة الإعلامية العملاقة التي تسوق للشعب الأمريكي ولغيره من شعوب العالم الغربي ، ولغيرها من شعوب العالم ما تريد تسويقه على أساس أنه الحق الذي لا يأتيه باطل من بين يديه ، ولا من خلفه . ويعتبر الشعب الأمريكي ضحية، وأسير الآلة الإعلامية الصهيونية التي لا مندوحة له عنها ، ولا يوجد غيرها أو بديل عنها ، ولا يمكن أن يسمح لهذا الغير أن يوجد كي تظل البضاعة الإعلانية الصهيونية هي الوحيدة المسوقة في هذا العالم الضائعة شعوبه .
وأمام هذا الوضع في الداخل الأمريكي، كان لا بد أن يثور طلبة الجامعات والمعاهد العليا على الوصاية الصهيونية على الشعب الأمريكي ، فكانت النتيجة هي الاحتجاجات ، والمظاهرات ، والاعتصامات التي شاركت فيها النخبة الفكرية والعلمية الرائدة كي تكون منسجمة ومنطقية مع ما تقدمه من فكر لطلبتها . ولما كان موقف الأساتذة وطلبتهما ضد مصالح اللوبي الصهيوني وعلى رأسها مساندة ودعم الكيان الصهيوني العنصري الممارس للإبادة الجماعية في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء ، لجأت الإدارة الأمريكية تحت ضغطه إلى أساليب القمع الوحشية من اعتداءات، واعتقالات في صفوف الأساتذة والطلبة على حد سواء ، وهي فضيحة كبرى مدوية تلاحقها ، وقد كشفت النقاب عن زيف الديمقراطية في هذا البلد المتبجحة إدارته بالوصاية عليها ، والمهددة لكل دول العالم التي لا تحترمها ، ولا تحترم الحقوق والحريات رأيا وتعبيرا ، وبهذا تقيم الإدارة الأمريكية حجة دامغة على نفسها بأنها لا تختلف عن الكيان الصهيوني ، ولا عن كل الكيانات القمعية المستبدة في العالم .
ومعلوم أن كثيرا من الأنظمة المستبدة في العالم ستحذو حذو الإدارة الأمريكية في قمع حريات الرأي والتعبير مستشهدة بمواقف هذه الإدارة التي تعتبر قائدة في هذا العالم ، وإسوة وقدوة ، لكنها مع شديد الأسف في منتهى السوء .
ولن تتحقق مصداقية الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات في الولايات المتحدة الأمريكية إلا بعد تحررها من سيطرة وهيمنة اللوبي الصهيوني المتحكم بزمام الأمور فيها ، وفي غيرها من الدول الغربية ، و في العديد من الدول الضعيفة أيضا .
وسيسجل التاريخ أن الفكر والعلم يرفضان الدلال الصهيوني الذي يعتمد أساطير وأوهام يسوقها إعلاميا كي يكون هو العرق الصهيوني الوحيد فوق كل الأعراق البشرية التي يعتبرها دونه بشرية وإنسانية ، ومن خلالها يعطي نفسه حق الدوس على كل القوانين والأعراف والقيم الدولية دون أن يخضع لمجرد المساءلة بله المعاقبة ، وهو ما جعل العالم يتفرج على جرائمه التي فاقت الإبادة الجماعية في غزة دون أن تتحرك أنظمة العالم جميعها لكبح جماحه ، وذلك لأن أقوى دولة ، ومعها دول تابعة لها تحميه ، وتدعمه ، وتشاركه جرائمه في غياب وخز الضمير، و في ظرف قمع حرية الرأي وحرية التعبير في بلاد الديمقراطيات ـ يا حسرتاه ـ .
وأخيرا نقول إن طليعة الفكر والعلم في الولايات المتحدة، وفي دول أوروبا الغربية أساتذة ،وطلبة التي تدين اليوم جرائم الكيان الصهيوني، هي بمثابة نبراس لكل شعوب العالم التي لا بد أن تتحرك من أجل عالم تسوده المبادىء والقيم الإنسانية الدائمة عوض المصالح الدائمة، كما عبرت وتعبر عن ذلك الإدارة الأمريكية بصريح العبارة ، ومعها والإدارات الغربية الدائرة في فلكها ، والخاضعة لها ، وجميعها زمامه بيد اللوبي الصهيوني الذي هو ورم سرطاني خبيث، يهدد السلم والأمن في كل العالم الذي لن ينعم أبدا بهما ما لم تستأصل شأفة هذا اللوبي المدلل غربيا .
وسوم: العدد 1080