بؤسى لمن تقوده قدمه
زهير سالم*
" في تقدير الموقف " هذا العنوان الذي أكتب تحته كثيرا أشعر بحاجته إلى مؤسسة . يجلس أفرادها المتخصصون والمتابعون قبل كتابة أي تقدير لأي موقف لمناقشته بعد متابعته من كل جوانبه ، والإحاطة بكل أبعاده ، وتحديد الأسلم لموضع أقدامنا ثم الصدور عن ذلك بتقدير للموقف مستوفى
قدّر لرجلك قبل الخطو موقعها .. فالعين تبصر ما لاتبصر القدم
وبؤسى للإنسان تقوده قدمه أو تميله الريح حيث تميل
أحيانا أتلوم على حساب الموقف أياما أبحث عن وجه الحق فيه ، وما من معين . أكتب للحق ثم للتاريخ ولنفسي . أعلم أنهم ليسوا أميين ولكن لا يقرؤون . أقدامهم التي تقودهم كالعارضة ترتد الكرة عنها حسبما اتفق . وإذا اتفقوا على أمر نقضه أحدهم كلما شاء
رضوا " بالكراسي " وابتلوا بحظوظهم .. وخاضوا بحار الجد دعوى فما ابتلوا
يسمي البعض كرسي المسئولية : المنصِب . في حلب الحبيبة الذبيحة نقول لحامل القدر على النار : المنصَب
هل من يفكر اليوم بما يجري على أرض حلب أو على أهل حلب ، ستقول لي وأنت محق هل فكر أحد في حمص أو في أهل حمص أو بغوطة دمشق أو أهلها ، لا أحب التحدي ولكن أتحداهم إن كانوا قد جمعوا مجلسا من أهل الاختصاص أو استعانوا ببعض أهل الخبرة للتساؤل كيف نتعامل مع جريمة السارين في غوطة دمشق ..
نحتاج إلى إعادة تقدير الموقف على مدار الساعة . الدماغ الإنساني يظل يعمل حتى ونحن نائمون فيدخلنا في عالم الأحلام . نحتاج اليوم إلى تقدير عشرات الموقف . وقد ازدحمت فوق رؤوسنا المتغيرات والتطورات . وهم يعتقدون أنهم ملهمون معصمون يملكون لكل لحظة فقهها ، ولكل متغير جوابه . يملكون الحق كله بل يعتقدون أنهم أنفسهم هم الحق المبين الحق ( فتعالى الله الملك الحق ) .
يزدحم على العقول الحية أو على الشجيين الذين يؤرقهم ما يجري على بلدهم :
كيف نستدرك الموقف لصد الهجمة الإيرانية الحزبللاوية على أرضنا
ما هو تقديرنا للموقف عمليا ونظريا من تفرق الأمر وانتشار الشعث على الأرض ؟
ما هو تقديرنا للموقف من تحول المعركة على الأرض إلى معركة مع الإيرانيين والعراقيين شيعة وكردا ؟..
ما هو تقديرنا للموقف من دعوة الروس للمعارضة إلى زيارة موسكو على ضوء المواقف الدولية الجديدة ، هل نستجيب ؟ وماذا نقول ؟ أو نمتنع وكيف نتصرف ؟
كيف نجيب عمليا على تفوهات حسن نصر الله المترددة ونحرج المجتمع الدولي حتى يكون له دور في منعه من قتل أهلنا
نحتاج إلى إعادة نقدير الموقف بعد الفخ الذي وقع فيه المصوتون في الائتلاف بقرار حزب الاتحاد الكردي إعلان الدولة الكردية وبداية التأسيس لتقسيم سورية ، كيف ولماذا تنازلوا عن وحدة الشعب وعن هوية الدولة
نحتاج إلى وحدة عمل سياسية تجلس على مدار الساعة في غرفة متابعات تتلقى المعلومة وتقترح الموقف لمن يقرر ويلتزم وليس لمن يظن أنه خلق فوق العالمين ..
صنعنا الفلك مثل أبينا نوح خمسين سنة فلما جاء الطوفان جعله البعض لنفسه ولمن يلوذ به ولم يملك بوصلة تقوده إلى " الجودي "
اللهم من تول أمرنا ثم غفل عنه ، أو لم يحطه بكل جوانبه بما يستطيع ، أو آثر على مصلحة عامتنا عصبية لشخص أو رأي أو .. ... ؛ فأمرك فيه ، نشكوه إليك ، ونكله إلى عدلك . من استعان بالله أعانه الله ، ومن استغنى وكله الله إلى نفسه . ومن وكله الله إلى نفسه وكله إلى ضعف وعورة وخذلان ..
وجمعتكم مباركة ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية