صوت الصامتين من تحت سيف القانون

ومن خلفها الخبر 2

تحسين أبو عاصي

– غزة فلسطين –

[email protected]

المواطن الفلسطيني في غزة يخلع شوكه بأصابع يديه ، ومسكين مَن لا أصابع له ... وإذا أردنا تطبيق القانون بحق فعلى الحكومة أن تدفع ما عليها قبل أن تأخذ ما لها ... والعمل بخصوصية الوضع في غزة يدعونا إلى مزيد من التعاضد والتكافل والتراحم ، لا إلى مزيد من تطبيق القانون والتشديد على الناس ... يدعونا إلى تفعيل العلاقات العامة رغبة في تعزيز المحبة والتسامح والرحمة ، وهذا يقتضي الوقوف بأمانة ومسئولية أمام معاناة المواطنين ، وإعادة النظر باستمرار ، في آليات تطبيق القانون ؛ من أجل التخفيف عن المواطن ... فمزيد من الكبت قد يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه ... والاستخفاف يؤدي إلى نتيجة عكسية ... وتطبيق القانون بجموديته ... وعدم الأخذ بالاعتبارات الإنسانية والحياتية لأهل قطاع غزة ... يعمق الفجوة بين الحاكم والمحكوم ... ويزيد من الكراهية ... ويفرز مشكلات مجتمعية كثيرة  قد تؤدي إلى طفرة  من نوع ما ، ربما لا تكون في مصلحة البعض ... فهكذا علمنا التاريخ ... والضغط النفسي يؤدي إلى تفتت الجبهة الداخلية مهما حوت من مؤسسات ، ما دام الإنسان الفلسطيني يئن تحت وطأة الضغط ...

صحيح أن لغزة وضعا استثنائيا خاصا ... لكن مع ذلك يجب أن تعيد حكومة غزة النظر في خدماتها التي تقدمها للمواطن ، وأن تعيد النظر في أشكال وطرق تعاملها معه على مختلف الأصعدة ... الظروف في غزة أمست صعبة لا تُطاق ... وأمسى الضجر والضيق حديث الجميع تقريبا ... وعلامات ذلك ظاهرة على الوجوه ... وكان لذلك مردودا سلبيا على مكونات الأسر الفلسطينية ، ليس في المردود المالي فحسب ، بل على الصعيد النفسي والمجتمعي والقيمي والتربوي ... شُح في الكهرباء ، وشح في غاز الطهي ، وشح في الوقود ، وحصار وفقر ، وغلاء فاحش ، وانعدام الأفق ، ومستقبل مجهول ... عشرات ألوف الخريجين بلا مستقبل ولا أمل ... وعشرات ألوف العمال بلا عمل ...فماذا سيكون دور القانون والمؤسسات الحكومية هنا !؟. صحيح أن حكومة غزة لا تتحمل وحدها مسئولية ذلك لكن لا يمكن إعفائها من المسئولية ، خاصة أمام كل تلك التحديات الجسام التي تواجه المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة ، مما يستدعي وقفة جادة ومسئولة لجميع قيادات شعبنا ، خاصة الحكومة في غزة ، فلا يمكن القبول تحت ستار القانون بمحاربة صاحب بسطة على الرصيف أو في الطريق تحت حجة القانون ، وهو يعيل من خلفه أسرة تنتظر أن يحضر لها الطعام ... ولا يمكن القبول بتحرير مخالفات للسائقين تحت ستار القانون ، ومن خلقه أطفال ، ولا يمكن القبول بمطاردة الأطفال والشباب الذين يبيعون السجائر في الطرقات تحت أي ذريعة ما وقد دفعهم الضيق وقلة الحاجة لذلك ..

يشعر المواطن في قطاع غزة أن البلديات والمؤسسات الحكومية لا يعنيها شانه بقدر ما يعنيها  ما تحبي منه من أموال  تحت مسميات تطبيق القانون ، بعيدا عن مراعاة خصوصية الظروف التي يمر بها قطاع غزة ... وما دام لغزة خصوصية متميزة فلماذا لا يتم اعتبارها هنا !؟.

الرسوم الجامعية ترهق الأهل والطلاب معا ، وكثير من الشهادات لا زالت رهن الاحتجاز بسبب عدم استكمال دفع الرسوم ، وكثير من الطلاب تركوا مقاعد دراستهم بسبب عدم تمكنهم من دفع الرسوم ، والكثير حُرموا من الجامعة أصلا لذات السبب ، وكأن طلابنا ليسوا منا ولا لنا ... التعليم بثمن والعلاج بثمن وحتى الموت بثمن ، ومعظم الخدمات الحكومية بثمن ... يجب أن يكون القانون في خدمة المواطن لا في إرهاقه والتشديد عليه ، ويجب الأخذ بخصوصية الأوضاع في غزة فقد تعب الناس ، ولا يضر حكومة غزة شيء لو تركت الباعة وشانهم ، والسائقين وشأنهم ، مع تنظيم لطيف بعيدا عن التشديد ، ولا يضرها شيء لو جعلت التعليم والصحة مجانيا كشأن كل مواطن في وطنه ، ولا يضرها شيء لو أنجزت معاملات أو خدمات المواطنين بمزيد من السرعة ، ولا يضر بلدياتنا شيء لو احترمت مواطنيها ، وقللت من الرسوم ، وكانت أكثر سرعة في إنجاز خدمات المواطنين  ... آمل أن يتحقق ذلك على الأقل .