لو لم يكن للذكاء الاصطناعي من زلة سوى إنكار مسؤولية الكيان الصهيوني عن جرائم الإبادة الجماعية

لو لم يكن للذكاء الاصطناعي من زلة سوى إنكار مسؤولية الكيان الصهيوني عن جرائم الإبادة الجماعية في  قطاع غزة لصحّ نعته بالغباء الاصطناعي

 قبل التطرق إلى القضية التي يعالجها هذا المقال ، لا بد من التنبيه إلى عقدة مزمنة تعاني منها الأمة العربية على وجه الخصوص، وهي عقدة الانبهار إلى حد الهوس بكل وافد من العالم الغربي بشطريه الأمريكي، والذي زمام أمره بيد عصابات اللوبي الصهيوني المفسد في العالم فسادا كبيرا، وغير مسبوق في تاريخ البشرية إذ بلغ درجة إفساد ما يأكله وما يشربه الناس ، وما يتداوون به ، وما يلبسونه ... فضلا عن إفساد طباعهم وقيمهم وأخلاقهم حتى صاروا كالبهائم أو أضل .

 وجراء عقدة الانبهار بالغرب صرنا معشر العرب نسخر من أنفسنا ومن قيمنا ، ومن أخلاقنا، ومن ثقافتنا، ومن عوائدنا... وحتى من أغلى ما أكرمنا به الله عز وجل وهو دين الإسلام . وتعج في وسائل التواصل الاجتماعي الفيديوهات التي نسخر فيها من أنفسنا ، ونتندر بها  من خلال إجراء مقارنات بين أحوال الغربيين وأحوالنا تحت عنوان : " ما عندنا وما عندهم " ، نرفع من شأن أحوالهم ، ونضع من شأن أحوالنا ، ونضحك من أنفسنا ملء أشداقنا ، ونحن نتحرق بسبب عقدة الانبهار المزمنة كي نتعلق بغبار الغربيين غافلين غفلة فظيعة عما هم فيه من انحطاط قيمي يغطي عنه التفوق التكنولوجي الذي يوظف من أجل المزيد من تكريس ذلك الانحطاط . ولم نفق من غفلة الانبهار بالغرب إلا بعد طوفان الأقصى الذي عرى هذا الغرب ، وفضح انحطاط قيمه ،حتى أن رعاياه  خرجوا في مليونيات يصرخون ويحتجون  على فضائحه ، وقد أفاقوا من التخدير الذي يمارسه عليهم إعلام يديره اللوبي الصهيوني .  

وتحت تأثير عقدة الانبهار استقبلنا تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ، وتحرقنا كثيرا لأنه باعد بيننا وبين أصحابه أشواطا بعيدة لا قبل لنا بإدراكهم  أو تداركها ، وزادت الهوة عمقا وسحقا  بين "ما عندنا وما عندهم " ، وصرنا نسأله فيجيبنا عن كل شيء، فيزيد ذلك من عقدة انبهارنا ، وصار عندنا بمنزلة من قال لنبي الله سليمان عليه السلام : (( أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك )) ، ولعل فينا من قد يكذب بهذا لأنه ورد في كتاب الله تعالى  أو يشكك فيه، دون أن يخامره أدنى شك  في صدق ما يخبر به الذكاء الاصطناعي. . ولقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لسائلة سألت  الذكاء الإصطناعي عما ارتكبه الرئيس الروسي من جرائم إبادة في أوكرانيا ، فأفاض في الإجابة وفصل ودقق ، ولم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، فلما سألته عن جرائم الإبادة التي ارتكبها الصهاينة في غزة أنكرها جملة وتفصيلا ، وعبر عن جهله  الفظيع بها ليفضح بذل عبث اللوبي الصهيوني به  وبمن يتابعونه ، ولو لم تكن له سوى هذه الزلة لصحّ أن ينعت بالغباء الاصطناعي، لأنه جَهل أو بتعبير أدق جُهّل بواقع لا يمكن أن ينكر وصوره الحية تبث على رأس كل ساعة ، وكل سكان المعمور يعلمونها إلا الذكاء الاصطناعي الذي انتزع منا الانبهار به انتزاعا .

وحين يسأل هذا الغباء الاصطناعي عن أحداث السابع من أكتوبر يفصل فيها تفصيلا ، ويدين طوفان الأقصى ، لكنه لا يذكر شيئا عما بعد الثامن من دمار حل بقطاع غزة  ، وإن ذكره ، فإنه لا يجرّم الكيان الصهيوني المتسبب فيه، لأن المسكين قد أجبر على التصهين  مكرها .

فمتى سنفيق من غفلتنا نحن معشر العرب ، وقد أفاق منها غيرنا ممن كنا ننبهر بهم ، ومتى سنتعافى من عقدة انبهارنا المزمنة  ببيت العنكبوت ؟؟؟  

وسوم: العدد 1091