يعلون يصرّ على مواقفه: إسرائيل ترتكب جرائم حرب وتطهيراً عرقياً في غزة
تتضارب الأنباء الإعلامية عن مدى جدية وجدوى المساعي المختلفة لإتمام اتفاق ينهي الحرب على غزة ويشمل صفقة تبادل بين إسرائيل و”حماس”.
وتنقل الإذاعة العبرية العامة عن مصادر قولها إنه رغم نضوج الظروف لوقف النار واستعادة المخطوفين، فإن الجهود المبذولة من أجل ذلك قليلة.
يعلون: توجّه لي ضباطٌ يعملون في غزة، وأنا
وأوضحت الإذاعة العبرية، صباح يوم، الأحد، أنه، بخلاف تقارير إعلامية، لم يصل تل أبيب وفدٌ مصري، وأن الاتصالات تجري “على نار هادئة”.
ويبدو أن الفجوة ما تزال كبيرة بين المواقف الرسمية المعلنة والوقائع على الأرض، فقد قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للقناة 14 العبرية،، إنّ هناك فرصة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة “حماس”، بعد أن تغيرت الظروف نحو الأفضل.
وأوضح أن إسرائيل جاهزة في أيّ لحظة لوقف إطلاق النار في غزة، لكن من دون إنهاء الحرب، مؤكداً أنه بعد اغتيال زعيم حركة “حماس” يحيى السنوار، وفصل الجبهتين بين غزة ولبنان، تغيّرت شروط صفقة التبادل لمصلحة إسرائيل.
يُشار إلى أن نتنياهو متهم أيضاً من قبل أوساط إسرائيلية واسعة بتعطيل الصفقة، وبالتنازل عن المخطوفين خدمة لغايات غير معلنة ترتبط برغبته استبعاد يوم الحساب الإسرائيلي الداخلي، والتمسك بكرسي رئاسة الوزراء، واحتلال القطاع من جديد.
عبّر عن ذلك بوضوح وزير الأمن السابق في حكومة الاحتلال موشيه يعلون، بقوله مجدداً،، إن إسرائيل تنفّذ “تطهيراً عرقياً” شمالي قطاع غزة. وتابع: “أنا مجبر على التحذير من أن إسرائيل تنفذ جرائم حرب في غزة، ومصمم على مقولتي بأنها تقوم بتطهير عرقي في شمال القطاع.
توجّه لي ضباطٌ إسرائيليون يعملون اليوم في غزة، وأنا أتحدث باسمهم، فهم خائفون جداً مما يجري هناك، حيث يعرّضون حياتهم للخطر، ويدفعونهم أمام معضلات أخلاقية، ويجعلونهم عرضة لدعاوى قضائية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي”.
وقبل يومين كان يعلون قد أكد على تورّط الاحتلال بتطهير عرقي في غزة، متهماً نتنياهو بقيادة البلاد إلى “الخراب” وبالتنازل عن المخطوفين.
وتابع: “يتم جرّنا الآن للاحتلال، والضم، والتطهير العرقي – انظروا إلى شمال القطاع – والتهجير، والاستيطان اليهودي”.
أكاذيب نتنياهو
ويؤكد “نبي الغضب” الإسرائيلي، الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك، أن نتنياهو لا يقول للإسرائيليين الحقيقة حول البقاء داخل قطاع غزة، و”نحن نخسر بقية المخطوفين الأحياء في الأنفاق المظلمة والخنق والإذلال، بسبب هذه الأكاذيب التي ينشرها رئيس الحكومة والمحيطون به”.
كما يوضح بريك أن نتنياهو يقول للإسرائيليين أيضاً إن “حماس” ستبقى وحيدة في المعركة، بعد الاتفاق مع لبنان، وسيكون من السهل أكثر التوصل إلى اتفاق بشأن إعادة المخطوفين، حتى لو لم يخرج الجيش من قطاع غزة.
وعن ذلك يواصل فضح مآرب نتنياهو بمخاطبته مباشرة: “نتنياهو، أنا أريد أن أقول لك.. بسبب سياستك الفاشلة، مات المخطوفون في الأنفاق، وبسبب استمرار سياساتك أيضاً، سيعود مَن تبقى في التوابيت. لن نسامحك قط، ولن نسامح رئيس حكومة يستمر في الحرب بسبب مصالحه الضيقة وبقائه السياسي، لتفادي تفكيك بن غفير وسموتريتش حكومته. إنه يُلحق الضرر الحرج بالقيم المقدسة لشعب إسرائيل، والتي تنص على أننا لا نترك الأصدقاء في ساحة المعركة، إنهم من لحمنا ودمنا، ولا يجب أن نتركهم ينزفون ويموتون. سيكون لهذا إسقاطات صعبة جداً في المستقبل، حين سيتوجب على الشبان وضع أمنهم الشخصي في خطر، حينها، سيتخوّفون من أن يُتركوا وحيدين لمصيرهم، كما ترك نتنياهو المخطوفين في الأنفاق”.
ويخلص بريك، في مقاله، للقول: “خلال أحاديثي مع نتنياهو، قلت له: لا تنتظر اللحظة التي ستُرغَم فيها على ترك مناطق قمت باحتلالها، حينها، ستبدو كأنها هزيمة، وها هي اللحظة وصلت. في نهاية المطاف، الآن، نتعلم جميعاً درساً مهماً بشأن توزيع الأكاذيب، إذ تعود هذه الأكاذيب في نهاية المطاف بشكل دائري إلى الكاذبين، وتكون عقبة في طريقهم”.
إحياء الاستيطان في غزة
في سياق الحديث عن أكاذيب نتنياهو، يُشار إلى أن حركة “حماس” قبلت بمقترح صفقة أعلن عنه الرئيس الأمريكي بايدن في 27 مايو/أيار الماضي، وهو في الأصل مقترح إسرائيلي، غير أن نتنياهو سارع لوضع العصي في الدواليب، وأضاف شروطاً تعجيزية، منها مواصلة احتلال محوري فيلادلفيا ونيتساريم، ومن جهتها تواصل “حماس” التشبّث بموقفها الداعي لاتفاق يوقف الحرب، وينهي الاحتلال للقطاع.
في محاولة للضغط على الجانب الإسرائيلي، بثّت “حماس” شريط فيديو لجندي إسرائيلي (يحمل جنسية أمريكية أيضاً) أسير تحدث بالعبرية والإنكليزية، وهاجم فيه نتنياهو بإهماله وبقية الأسرى، منبّهاً أن “الوحدة والخوف يقتلانه… لا تنسونا من فضلكم”.
كما توجه الجندي الإسرائيلي، الذي بدا بحالة جيدة، بالإنكليزية، لترامب للضغط من أجل تحرير المخطوفين.
وفي التزامن أُعلن عن مقتل جندي وإصابة ثلاثة جنود جدد داخل قطاع غزة، فيما خرج آلاف الإسرائيليين للاحتجاج في عدة أماكن مطالبين بصفقة وسط تساؤلات: لماذا اتفاق مع “حزب الله” وليس مع “حماس”، رغم أن المنطق يقتضي العكس؟ ولكن ليس من المتوقع انفجار مظاهرات أكبر في إسرائيل، رغم الدعوات والمقالات لوقف النار والانسحاب من غزة وفك الارتباط بها بالكامل، كما يؤكد المعلق السياسي في “يديعوت أحرونوت” شيمعون شيفر، اليوم.
طلب ترامب
كذلك لن تتصاعد احتجاجات الشارع الإسرائيلي رغم دعوات ومساعي وزراء المستوطنين لإحياء الاستيطان في غزة، كما ينعكس في تصريحات يعلون وغيره، وفي رسم كاريكاتير “يديعوت أحرونوت”، وفيه تبدو لافتة كُتب عليها: “عائدون للاستيطان في غزة”، وبن غفير لجانبها يقول: “لئلا يقولوا إننا غير مكترثين بالمخطوفين”.
لا يبدو أن الإسرائيليين سينضمون لمظاهرات كبرى، بعكس ما كان في 2023، نظراً لاستمرار حالة الحرب، والأهم الإرهاق واليأس من التغيير، خاصة مع دخول الشتاء على الخط، وربما هم أيضاً ينتظرون ما سيقوم به الرئيس الأمريكي المنتخب.
في هذا السياق، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إن ترامب يريد أن يرى وقف إطلاق النار وصفقة إطلاق سراح الرهائن في غزة، قبل تولّيه منصبه في 20 كانون الثاني/يناير المقبل. تصريحات ليندسي غراهام هذه ربما تستبطن مؤشراً على أن ترامب يتجه لإنهاء الحرب لا استمرارها، وتنفيذ صفقة تبادل.
وسوم: العدد 1105