التهجير لن يمر حتى لو سيطرت مستوطنة إسرائيل على القرار الأمريكي
في سيناريو أسوأ للمؤامرات الجديدة الخطيرة للوكيل الأمريكي المطلق لكيان الاحتلال الصهيوني ومجرم الحرب نتنياهو في حرب الإبادة على غزة والشعب الفلسطيني، التي أدلى بها الرئيس الأمريكي الأرعن دونالد ترامب مخططاً يقضي باحتلال مباشر لقطاع غزة، وفرض "ملكية دائمة" عليه، وإجلاء سكانه بتهجير قسري مليوني فلسطيني من غزة، والسيطرة عليها، إنها عملية تطهير عرقي حسب كل الأعراف الدولي .
بعد خمسة عشر شهراً من الإبادة الجماعية ما بين قتل الأطفال والرجال والنساء وتدمير منازل المواطنيين والمستشفيات والمدارس والطرق والشوارع وأكثر من ٨٠ % من البنى التحتية لمناطق غزة بل في الضفة الغربية أيضاً، ولا تزال مستوطنة إسرائيل تقتل الفلسطينيين واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة وتعاونت فيها مختلف إستخبارات العالم نصرة للصهاينة، حيث دمرت المباني على رؤوس ساكنيها وكذا المشافي ودور العبادة ولم تسلم مقار منظمة الإغاثة الدولية التي لجأ اليها السكان العزل، بل وجهت أصابع الأتهام إلى العاملين بها بدعوى مناصرة المقاومين.
العالم الذي يتشدق بحقوق الإنسان وحق تقرير المصير لم يحرك له جفن إزاء الإبادة، بل ساعد الصهاينة لإرتكاب جرائمه الوحشية الدموية بحق الأطفال والنساء .
أن هذه الإجراءات تهدد الأستقرار وتنذر بتوسيع نطاق الصراع في المنطقة وتقويض فرص تحقيق السلام والتعايش بين الشعوب. ونشدد على الالتزام بإنهاء أسباب عدم الأستقرار في الشرق الأوسط من خلال إقامة دولة فلسطينية على حدود ٤ يونيو١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
إن الإعلان الأميركي المتكرر عن مشاريع تهجير فلسطينيي غزة يمثل إصراراً على الشراكة في الجريمة. نجزم بأن مشاريع تهجير فلسطينيي غزة وقاحة وليس لها قيمة، وما فشل الاحتلال الصهيوني الغاصب في تحقيقه بالقوة لن يحصل عليها ألاعيب السياسة.
إن موقف ترامب وفريقه الحاكم، يبدو أنه تمت صياغته في إحدى البؤر الاستيطانية الكهانية، فإذا رأينا حتى الآن أن الكهانية سيطرت كلياً على الحكومة الصهيونية، فإنها الآن تسيطر على الموقف الأمريكي الرسمي كلياً .
جدير بالذكر، أن كل رؤساء الأمريكيين السابقين المؤيدين لمستوطنة إسرائيل جميعاً حليف قوي لإسرائيل وداعم شرس للحكومة العبرية على حساب العرب والفلسطينيين وغيرهم، يعملون وراء ستائر الديمقراطية، وحجب حقوق الإنسان للوصول إلى الهدف المنشود، طيلة ثمانين سنة، من دعم مالي وعسكري وعلمي وسياسي للكيان الصهيوني لإيصال الصهيونية إلى ما تريد: الإستيلاء على فلسطين كلها وأجزاء منتقاة من الأردن ولبنان وسوريا والعراق والسودان، وبعض أقطار الخليج العربي وغيرها، وإنهاء وجود شيء إسمه الشعب العربي الفلسطيني، يجعل تحركات ترامب وإدارته تنفيذاً لخطوات اليمين الصهيوني الأكثر تطرفاً على صعيد الإستيطان وتصفية القضية الفلسطينية بصور مختلفة، ضمن إطار أوسع يتعلق بإعادة تشكيل الشرق الأوسط.
لم يكن تصريح ترمپ منفصلاً عن سجلّه الداعم للسياسات الصهيونية المتطرفة، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وتمرير صفقة القرن، في ولايته الأولى ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس وأعترف بها عاصمة لمستوطنة إسرائيل وكذلك هضبة الجولان السورية المحتلة. إذا كانت الدعوات السابقة لترحيل الفلسطينيين تنسب عادة اليمين ألصهيوني المتطرف، فإن تبنيها من قِبل زعيم دولي بارز مثل ترمپ يمنحها زخماً خطيراً.
هذا الطرح يكشف مجدداً الوجه الحقيقي للإدارة الأمريكية التي لم تكن يوماً سوى شريكاً أساسياً في الجرائم المرتكبة ضد شعبنا الفلسطيني الشقيق، وداعماً رئيسياً لمخططات تصفية القضية الفلسطينية.
أن مخطط التهجير القسري هذا لن يمر.. لن يتم، رغم كل المآسي التي خلفتها حرب الإبادة، وذلك بفضل الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، والتي ما كانت ستطول، وتكون بهذا الحجم، لولا الدعم الأمريكي المباشر في فترة الإدارة الأمريكية السابقة، وجاء ترامب ليزيد على هذا الدعم بجريمة أشد ضد الإنسانية.
واهم من يعتقد أن جريمة جديدة ضد الإنسانية ستحقق الأمن والأستقرار، بل ستطيل الصراع أكثر، وتجعله أكثر وحشية، وهذا إمتحان جديد للعالم، خاصة أولئك الذين مدّوا أياديهم دعما لحرب الإبادة في بدايتها. وفي ذات الوقت، نحيي المواقف الحازمة الصادرة عن أقطار المنطقة، ودول أخرى في العالم، رفضاً لجريمة التهجير.
إن الكيان وترامب يراهنان على بقاء مليوني غزاوي يعيشون بين الأنقاض دون الوفاء بتوفير هذه المتطلبات الحياتية لتبليعهم مخطط التهجير ،
ومن الطبيعي أن تتردد الحكومات العربية في تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني المنكوب خوفاً من سوط ترامب ولكن يبقى الأمل معقوداً
على أحرار العرب والمبادرة إلى عقد قمة طارئة لمناقشة الكارثة المحدقة لو كان بين الحكام العرب حاكم واحد وطني شريف وإلا فستكون هذه الحكومات قد كررت خطيئة أنظمة العار خلال نكبة ١٩٤٨ وتتحمل مسؤولية أية نكبة جديدة بالإمكان تفاديها حتى الآن.
هذه السياسية الإمبريالية العدوانية ليس من شأنها تحقيق السلام كما يزعم الرئيس الأرعن بل ستؤجج التوترات التي ربما أدت إلى حروب ونزاعات لا تؤمن عواقبها، وتحرق النار موقد النار.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يقرر ترامب توزيع الجغرافيا؟أم أنه يظن أن الضفة الغربية قطعة أرض مهجورة بحاجة إلى مشروع تنموي من صنف "ترامب ريزورت"، حيث يمكن إقامة فنادق خمس نجوم ومستعمرات فاخرة بشرفات تطل على أنقاض السلام الدولي؟
لماذا يرغب ترامب بضم أراض فلسطينية جديدة إلى مستوطنة إسرائيل؟ لماذا لا يضم شيئاً من فلوريدا إلى المكسيك؟ أو يمنح ولاية ألاسكا إلى كندا، بدل أن يطالب بضم كندا إلى إمبراطوريته؟ لماذا لا يهدي جزءاً من تكساس إلى كوبا، فهي أيضاً دولة صغيرة، وأمريكا كبيرة، أليس هذا عدلاً؟ أم أن العدل لا يقاس إلا بمزاج الرئيس الأرعن؟
ربما كان الأجدر بترامب أن يعرض على بنيامين نتنياهو فكرة جديدة أكثر إنصافاً: لماذا لا يخصص لها بضع ولايات أمريكية؟ لماذا لا يعلن ولاية نيوجيرسي مستوطنة إسرائيلية؟ أو يمنح شواطئ كاليفورنيا هدية للمستوطنين؟؟ فبهذه الطريقة، يمكنه أن يحقق الحلم الصهيوني دون الحاجة إلى تفكيك جغرافية الشرق الأوسط كما لو كانت لعبة "ليغو" عملاقة.
مشروع ترامب لن يسقط من تلقاء نفسه، هناك لزوم للتصدي له وللخروج بمشروع وطني فلسطيني موحد مضاد، يتبنّاه العرب ويمكن إقناع العالم به.
لقد آن الأوان للتخلص من الإدمان على السير في مسارات الضياع، وإلى تحمل مسؤولية حماية شعب فلسطين بالإسراع في الوحدة وضمان الدعم العربي والسعي لتفاهم إقليمي عربي – إسلامي لتصحيح الخلل في الموقف وفي الأداء وفي موازين القوى.
الحل الجذري لأزمة غزة لا يكمن في تفريغها من سكانها، بل في رفع الحصار، ومحاسبة كيان الصهيوني على انتهاكات القانون الدولي، وإعادة إحياء عملية سلام تضمن حقوق الفلسطينيين في دولة مستقلة. هذا يتطلب وقف الدعم الغربي للاحتلال، والضغط على الكيان الصهيوني لإنهاء عمليات الإستيطان، ويتمسك بحقوقه وإقامة دولته ولن يقبل بأي مخططات سواء بالتهجير أو الوطن البديل
السؤال الأهم هل ستصحو الجامعة العربية من سباتها وتفعل ذلك؟ أم أنها قد تتخذ خطوة تُجَملُها أكثر في عين الويلات المتحدة الأمريكية النازية والغرب تتمثل بطرد فلسطين حتى لا يشعر الأرعن ترامب بالحرج عند تنفيذ مخططه .
يقع على عاتق الأقطار العربية كالتالي :
من الضروري تحشيد موقف عربي وإسلامي، والتنسيق والتعاون مع الأقطار العربية والإسلامية، ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، والعمل على تشكيل جبهة عربية وإسلامية عريضة، مقاومة لمخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، الذي يفترض أن أقطار العروبة كلها تدرك مخاطر تنفيذه على الفلسطينيين والأردنيين والمصريين أولًا، وعليها مؤكداً لاحقًاً .
التمسك ببقاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ورفض أي محاولات أميركية لإلغاء الوكالة الأممية التي تؤكد أن الفلسطينيين لا يزالوا لاجئين ويجب عودتهم إلى وطنهم وليس توطينهم في الأردن ومصر. وكذلك التنسيق مع الأتحاد الأوروبي والدول الداعمة لها، لضمان استمرار تمويلها.
تقديم شكاوى إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لإحباط أي محاولات أميركية أو إسرائيلية لتنفيذ مخطط التهجير القسري الذي يخالف الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، والتنسيق الإستباقي مع روسيا والصين، لمواجهة أي قرارات أمريكية قد تطرح في مجلس الأمن بهدف فرض تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر.
فتح جبهة قانونية دولية، عبر اللجوء إلى المحاكم الدولية، لمقاضاة أي كيان أو دولة متورطة بمحاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني، ومقاضاة جميع المسؤولين المتورطين في جريمة الحرب هذه وفق معاهدة جنيف.
تمسك الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بأرضهم، ومقاومتهم لمخطط التهجير، وصمودهم أمام جبروت الإحتلال وطغيانه وحرب إبادته، دون التفريط في شبر واحد من أرض فلسطين المحتلة .
والأهم منه هو مستقبل الشعب الفلسطيني في وطنه، وهو مستقبل يواجه خطر الانقطاع بالترحيل وتفريغ الأرض الفلسطينية من شعبها، وهو خطر يعادل إبادة الهوية الفلسطينية وتحويلها إلى مجرد ذكرى تبعث الشجن في النفوس.
وإذا كانت هناك قضية تتصدر كل القضايا في الشرق الأوسط حالياً فإنها ترسيخ وجود الشعب الفلسطيني في أرضه، وحمايته من الترحيل.
مخططات التهجير الجديدة التي يخطط لها ترامب لن تمر وشعب الفلسطيني سيثبت مرة أخرى أنه عصيّ على الإقتلاع أو الانكسار.
أننا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ندين بقوة وبأشد العبارات هذه السياسة البربرية التي تسعى لطرد الفلسطينيين من بلادهم ومن مناطقهم ولصالح نتنياهو اليميني الفاشي مجرم الحرب المطلوب إلى الجنائية الدولية بسبب عمليات الإبادة التي ارتكبها في غزة مع حكومته العنصرية وندعوا أحرار العالم بالرفض والوقوف بوجه هذه السياسة البربرية والوقوف والتضامن مع الشعب الفلسطيني وفضح سياسة التهجير والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
كما تجدد اللجنة المركزية رفضها تهجير الشعب الفلسطيني قسراً خارج أراضيه أو تشجيع نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى لأي أغراض قصيرة أو طويلة الأمد.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي الإتجاه الوطني الديمقراطي
بغداد المحتلة
٦-٢-٢٠٢٥
وسوم: العدد 1114