دعوات غربية لإشراك إيران في حل القضية السورية
إيران وموقع النظام السوري في "لقاءاتها البناءة"
وتقديم تنازلات في ملفها النووي
مسار للتقارير والدراسات - 24 أيلول 2013
أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني - في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية الخميس 19 أيلول 2013 - أن طهران مستعدة للمساعدة في تسهيل الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة.
وتأتي مبادرة الرئيس الإيراني في ظل تطور اللهجة الديبلوماسية الإيرانية حيث غلبت عليها دعوات التعاون والتصالح، وذلك منذ وصول روحاني إلى سدة الرئاسة.
وكثف الرئيس الإيراني في الأسبوعين الفائتين من تصريحاته التصالحية تجاه الولايات المتحدة والغرب، مؤكدا أنه يعتزم اتباع ما سماه بـ "سياسة اللقاءات البناءة".
وفي المقابل، صدرت تصريحات عن مسؤوليين غربيين بادلوا التحية الإيرانية بمثلها، وأخذوا رسائل روحاني التصالحية على محمل الجد.
فعلى الرغم من الرد الفرنسي السلبي على مبادرة روحاني الذي اعتبر إيران داعماً سياسيا وعسكريا للأسد، فإن مساعدا لهولاند صرح أن فرنسا حريصة على إشراك إيران في محادثات السلام المنتظر عقدها في جنيف بشأن سوريا، مضيفا أن ما تريده باريس هو "أن تلتزم إيران بشكل كامل بالسعي لإيجاد حل سياسي حقيقي في سوريا.
وفي تصريح مشابه، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن ترحيبها باقتراح روحاني تسهيل الحوار بين النظام السوري والمعارضة.
وقال بين رودس مساعد مستشار الأمن القومي لأوباما أنه أخذ علما بالخطاب المنفتح الذي تبناه روحاني حيال الغرب منذ توليه منصبه الشهر الفائت، إضافة إلى الإفراج هذا الاسبوع عن سجناء سياسيين، واصفا هذا السلوك وتصريحات روحاني المنفتحة بـ "التطورات الايجابية"، لكن المسؤول الأمريكي اعتبر أنها ليست كافية لتبديد قلق المجتمع الدولي حيال البرنامج النووي.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الجمعة عن أمير محبيان، الخبير السياسي والمستشار لدى القادة الايرانيين، أن هؤلاء رحبوا بالرسالة التي وجهها أوباما إلى روحاني بعد توليه منصبه الشهر الفائت.
وأضاف محبيان أن إيران ترغب في رفع سريع للعقوبات، وهي مستعدة من أجل ذلك للحد من اتساع برنامجها النووي.
وكان علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، قد أكد أنه يرى "انفراجة" في الخلاف النووي لإيران مع الغرب، في إشارة إلى أن طهران تتوقع تحركاً جديداً لإنهاء الجمود.
ويرى محللون أن التقارب الإيراني الغربي على وجه العموم يأتي في سياق العمل على حل الملف النووي الإيراني، ولكن الجديد في هذا التقارب أنه يتزامن مع محاولات دولية لحل الملف السوري، كما أنه جاء نتيجة لبروز تطور هام على صعيد الشأن السوري مؤخرا، ويتمثل في التهديد الأمريكي الجاد بتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري الحليف الأبرز لطهران.
ويبدو أن الدول الغربية بدأت تهيئ الرأي العام لتقارب غير مسبوق مع طهران قد يرقى إلى مستوى صفقة، يشكل الملف السوري أحد بنودها.
فقد دعت صحيفة تايمز البريطانية السبت في مقال للكاتب دوغلاس أليكساندر إلى استغلال فسحة الدبلوماسية في الأزمة السورية لإشراك إيران، وقالت إن كاميرون ينبغي له أن يتحلى بشهية للسلام مثل شهيته لتوجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد في سوريا.
وقد طالبت ميركل بتجسيد تصريحات روحاني في أفعال، قائلة إنه يجب أن تكون لما سمته "سياسة الاعتدال التي أعلنها روحاني" تأثيرات إيجابية على الجهود الدولية الرامية إلى حل نزاعات عالقة، في إشارة إلى الأزمة السورية.
من جهتها أكدت فرنسا الجمعة أن الرئيس فرانسوا هولاند يأمل في إقناع السلطات الإيرانية بأن تسعى لإيجاد حل سياسي للنزاع المسلح في سوريا، وذلك في لقاء من المنتظر أن يجمعه مع روحاني الثلاثاء المقبل في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وكشف مسؤولون فرنسيون أن اللقاء بين هولاند وروحاني جاء بطلب من هذا الأخير، وأنه سيركز على الأزمة في سوريا وعلى ملف البرنامج النووي الإيراني، ما يشي بتماهي الملفين وضرورة بحثهما في سياق واحد من وجهة نظر فرنسية.
فيما أشارت صحيفة تايمز في افتتاحيتها الجمعة إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني يغزل غزلا ناعما بشأن أزمة البرنامج النووي الإيراني، داعية السلطات الإيرانية إلى تقديم المزيد من التنازلات النووية.
وأوضحت أن الرئيس الإيراني استجاب لرسالة من أوباما لإطلاق سراح أحد عشر سجينا سياسيا، وأن روحاني عين وزير خارجية معروف عنه بالمقاييس الإيرانية موالاته وميله للدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وأن الرئيس الإيراني أعلن على شبكة تلفزيونية أميركية أن إيران لن تسعى أبدا للحصول على أسلحة نووية.
ودعت صحيفة ذي غارديان في افتتاحيتها الجمعة إلى ضرورة اغتنام الفرصة، وذلك إذا أرادت إيران تقديم التنازلات اللازمة لرفع العقوبات الدولية المفروضة على البلاد، وبالتالي عمل خريطة طريق واضحة لحلّ الأزمة النووية الإيرانية، في ظل السياسة الدبلوماسية الناعمة التي يتبعها الرئيس الإيراني.
وفي الوقت الذي تلوح فيه بوادر اتفاق ما بين الدول الكبرى وإيران بالتزامن مع التطورات التي طرأت على الملف السوري يبرز السؤال الأهم في هذا السياق وهو: ما هو موقع الشأن السوري من المباحثات القادمة بين الطرفين؟ وهل ستفرض صفقة مقايضة نفسها على المشهد؟ وما هي معالم تلك المقايضة المرتقبة؟
وفي الإجابة على تلك التساؤلات يرى محللون سياسيون أن لقاء روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي أكدته مصادر فرنسية، واحتمال اللقاء بالرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو الأمر الذي لم تستبعده المصادر الأمريكية، سيحدد الخطوط العريضة – على أقل تقدير – لمسار المفاوضات الإيرانية وطبيعة ارتباط الملفين السوري والنووي في سياسة الغرب تجاهها.