اثنان وعشرون يوما على الضربة تحت الحزام
اثنان وعشرون يوما على الضربة تحت الحزام
ولا رد ..
زهير سالم*
تنشغل الولايات المتحدة هذه الأيام بإحياء الذكرى الثانية عشرة لجريمة الاعتداء على برجيها في 11 / 9 . كما تنشغل بترتيل آيات الوفاء لأبنائها من الضحايا الأبرياء الذين قضوا في تلك الجريمة المدمرة . وجميل من الولايات المتحدة إدارة وشعبا أن تفعل ذلك ، وجميل من كل إنسان على الأرض أن يظل يعلن تعاطفه مع الإنسان المقتول ظلما بغير وجه حق ؛ ولكن على قاعدة أن بني البشر تتكافأ دماؤهم ..
بالمقارنة العاجلة بين الجريمة التاريخية التي يقال إن منفذيها مجموعة من ( الإرهابيين ) وبين جريمة الغوطة التي وقعت اثنين وعشرين يوما فقط من هذا التاريخ سيلحظ المتابع أن جريمة الغوطة قد تم تنفيذها من قبل ( رئيس ) لا يزال يتمتع بالصفة الاعتبارية ، ولا يزال له ممثلون يجلسون على مقاعد النوادي الدولية ، وسفراء يمثلونه في معظم عواصم العالم . هذا الفارق وحده يجعل للجريمة الأخيرة في إطار الموقف القانوني الدولي معنى آخر وتجسدا مختلفا . إنها جريمة مكتملة الأركان وليست نزوة من مجموعة من المغامرين أو المتطرفين . وهي من فعل جهة إن سكت ممثلو القانون الدولي على من ارتكبها لأي اعتبار فمعنى ذلك أنهم يشرعنونها ويعطونها بعدا قانونيا، لا يحق لمن قبل بها اليوم أن يستنكرها غدا . لقد طورد مرتكبو الجريمة الأولى ( جريمة الحادي عشر من سبتمبر ) حول العالم ولا يزالون ، فما بال مرتكبي الجريمة الثانية ( جريمة الواحد والعشرين من أغسطس ) لا يزالون يعاملون كرؤساء ودبلوماسيين وسفراء . سؤال يطرحه كل سوري وهو يتابع المشهد المأساة .
ومن جهة أخرى حيث المقارنة بين ضحايا جريمة الحادي عشر والحادي والعشرين ، صحيح أن ضحايا الجريمة الأول هم من حيث العدد ضعف عدد الجريمة الثانية ولكن المقارنة الدقيقة ستبين أن ثلث ضحايا الجريمة الثانية هم من الأطفال تحت سن العاشرة ، ومع إيماننا أن الحياة الإنسانية لا تقاس ( بكم ) ، وأن حياة إنسان واحد تهدر بغير وجه حق تعدل حياة الإنسانية جمعاء ؛ إلا أن المعنى الإنساني في العدوان على هؤلاء الأطفال الذين تباركهم كل الشرائع والأديان ، وبهذا الحجم يبقى له حضوره في قلوب بني البشر أجمعين ...
اثنان وعشرون يوما مرت على جريمة الحادي والعشرين ، ورغم أن الجرح لا يزال ساخنا ، وأن تداعياته على الأرض السورية ما تزال حاضرة ؛ إلا أن ( قيادات التفويض ) للمعارضة السياسية السورية التي فوضت أمرها وقرارها للغرب يفعل بها ولها ما يشاء ويحكم لها بما يختار لم تستطع بعد أن تدرك حقيقة الموقف الغربي . ولم تحاول الإجابة على السؤال الذي طرحه المواطن الأمريكي والمواطن الأوربي وبرلماناتهم الممثلة لهم : ماذا لنا في ذلك الصراع ؟ لقد كتب صحفي أمريكي منذ اليوم الأول لهذه الثورة ( لا كلب أبيض ولا كلب أسود لنا في ذلك الصراع ) ...
إن ما جنته الثورة السورية حتى اليوم من الارتباط المباشر وغير المباشر بأجندات ما يسمى العالم الحر المزيد من التضييق والمزيد من القيود والمزيد من التقارير المنحازة والمزيد من المماطلة والتسويف وإضاعة الوقت والتدخل في الخصوصيات وفرض التشكيلات المعيقة والشخصيات الضامنة ...
بشار الأسد وجد حلفاءه في هذا العالم . وكانوا حلفاء صدق بالنسبة إليه . وجعل كل مواثيق وقوانين ( بان كيمون ) وراءه ظهريا . وراح يقّتلنا رجالا ونساء شيوخا وأطفالا بكل سلاح وصل إلى يده حتى الآن ...
لقد تلقى شعبنا في الحادي والعشرين من آب ( أغسطس ) ضربة موجعة تحت الحزام ولقد تابع العالم أجمع كيف ردت الولايات المتحدة على جريمة الحادي عشر من سبتمبر وما تزال . هكذا يرد من يريد أن ينتصر على كل الضربات تحت الحزام ..
يسألني : هل نقدر ؟! وأجيبه : هل تريد ؟!
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية