الضربة المحتملة لسوريا لن ترفع سعر النفط أكثر من (4) دولارات
قالوا إنّ توقع وصوله سقف الـ(150) غير منطقي .. خبراء لـ«الجزيرة»:
الضربة المحتملة لسوريا
لن ترفع سعر النفط أكثر من (4) دولارات
الجزيرة – نواف المتعب
توقع خبراء في قطاع النفط أنّ توجيه ضربة لنظام الأسد لن يؤثر في ارتفاع أسعار البترول بأكثر من 4 دولارات فقط، واستبعدوا ما تردّد عن بلوغ النفط 150 دولاراً جراء الضربة المحتلمة، مؤكدين أنّ هذا التوقع غريب ولا تدعمه أساسيات السوق والأحداث التاريخية الشبيهة بالظروف الراهنة. وكان مصرف «سوستيه جنرال» قد أشار في تقرير متخصص إلى توقعه ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل في حال شن هجوم عسكري على سوريا. وقال التقرير إن الفائض في الاحتياطي الخام لدى المملكة من شأنه تهدئة بعض مخاوف المستثمرين بشأن إمدادات المنطقة. وقال الخبير النفطي الدكتور أنس الحجي لـ»الجزيرة» إن السبب الرئيس لارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، ليس مبرره احتمال شن هجوم على النظام السوري كما تقول وسائل الإعلام، وإنما الانخفاض الكبير في صادرات النفط الليبي بسبب إضراب العمال. ويأتي هذا الانخفاض فوق انخفاضات أخرى خلال الأعوام الثلاثة الماضية، لدرجة أن كمية الانخفاض الناتجة عن العوامل السياسية والفنية والطبيعية بلغت نحو 3.6 ملايين برميل في الأيام الأخيرة. وأضاف الحجي: إنتاج دول خارج أوبك زاد بمقدار مليون ونصف مليون برميل وزادت أوبك مثلها، وذلك منذ بداية 2010، في الوقت الذي زاد فيه الطلب على النفط بحدود 2.5 مليون برميل يومياً. هذا يعني أننا نعاني من شح كبير في الإمدادات، رغم الزيادة الكبيرة في إنتاج المملكة والولايات المتحدة. ويقدّر العجز بحوالي ثلاثة ملايين برميل يومياً، وهذا يشير الى أنه حتى لو عاد النفط الليبي والإيراني للأسواق، فإن العجز سيستمر في أسواق النفط ، الأمر الذي سيدعم أسعار برنت فوق90 دولاراً للبرميل، في أسوأ الحالات. وتابع الحجي: أثر احتمال توجيه ضربة لنظام الأسد لا يتعدى 4 دولارات للبرميل، وهذا التقدير مدعوم بالأدلة التاريخية والتحليلات الإحصائية. ولكن إذا نظرنا إلى دور توقف إنتاج النفط السوري، فإنه لاشك أكبر من ذلك، وهو محسوب ضمن 3.6 ملايين برميل المذكورة سابقاً. منوهاً بأن الأثر الكبير للوضع السوري على أسواق النفط سيكون في المستقبل، لأن التوقعات التي كانت تشير إلى نمو الصادرات النفطية لمنطقة الشرق الأوسط، مبنية على بناء خطوط أنابيب تمر من الخليج والعراق إلى سوريا ثم إلى البحر المتوسط، وجزء كبير من الزيادة في إنتاج العراق في المستقبل مبنية على افتراض إمكانية نقله إلى الأسواقالعالمية عن طريق أنابيب عبر الأراضي السورية. وبما أن الوضع الأمني في سورية لن يستقر إلا بعد سنين طويلة، فإن هذه المخططات ربما لن تتحقق. وشدد الحجي على أن توقع ارتفاع الأسعار إلى 150 دولاراً هو توقع غريب لا تدعمه أساسيات السوق ولا تدعمه الأحداث التاريخية. ففي بداية الربيع العربي خسر العالم نفط ليبيا ومصر وتونس واليمن وسوريا والسودان، ومع ذلك لم ترتفع أسعار برنت أكثر من 125 دولاراًَ للبرميل. إضافة إلى ذلك فإن الولايات المتحدة وأوروبا قد تلجأ إلى استخدام الاحتياطي الاستراتيجي، والذي يمكنه ضخ أربعة ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات النفطية لمدة تتجاوز الـ90 يوماً. وذكر الحجي بأنه يجب أن نستصحب تجربة الولايات المتحدة التي تشير إلى انخفاض كبير في الطلب على البنزين عندما تتجاوز أسعاره أربعة دولارات للجالون، والذي يترجم إلى سعر 120 دولاراً لبرميل برنت. من جهته أشار وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي إلى أن النفط السوري ليس بالحجم الكبير الذي يؤثر على أسواق النفط، فمنذ أن فرضت الدول الأوربية وأمريكا الحظر على الصادرات السورية، فهي في حالة توقف شبه كامل، وليس هذا فقط، بل إن الإنتاج لا يزيد الآن على حوالي50 ألف برميل يومياً، وتعتمد الحكومة السورية الآن على ما تحصل عليه من مشتقات نفطية بشكل أساسي من إيران والعراق. مضيفاً أن هذا الحال هو نفسه مع الصادرات الليبية التي تعرّضت موانئ التصدير الرئيسية فيها الى سيطرة المليشيات، وانخفاض الصادرات من مليون وستمائة ألف برميل يومياً إلى 100 ألف برميل يومياً فقط، ورغم ذلك لم تتأثر الأسواق كثيراً بسبب زيادة العرض من دول منتجة خارج الأوبك كالولايات المتحدة وغيرها ودول داخل المنظمة وبشكل خاص السعودية، مما أدى إلى محافظة الأسعار على معدلات تتراوح بين 104 إلى 110 دولارات. وأشار الجلبي إلى أنه مع قرب توقعات ضربة سوريا، فقد أخذت الأسعار بالارتفاع التدريجي وصولاً الى حوالي 115 دولاراً وربما تستمر بالصعود كلما اقترب موعد شن الهجمات، إلا أنه يجب أن يعلم الجميع أن زيادة الأسعار ليست بسبب شح المعروض من النفط في الأسواق، وإنما بسبب المضاربات التي تجري في الأسواق والبورصات العالمية، والتي عادة ما يكون أمدها محدوداً. مضيفاً أنه قد تتجاوز الأسعار حاجز الـ 120 دولاراً، ولكن لا أتوقع أن تصل الى 150 دولاراً للبرميل، وخاصة بعد أن اتضح أن الضربة سكون محدودة الأهداف ولن تستمر سوى ليومين أو ثلاث حسب توقعات المراقبين والمحللين. وقال الجلبي إن المخاوف تبقى ذاتها بالنسبة لصناعة النفط، إلا أنه قلل من وقوع هزات كبيرة كتلك التي حصلت في الثمانينات والسبعينات، حيث قال: من حيث الدول المنتجة سيبقى الطلب على النفط التقليدي قائماً ومتنامياً بمعدلات تقرب من المليون برميل يومياً، رغم استمرار زيادة إنتاج النفط والغاز غير التقليدي وخاصة من أمريكا. وتوقع الجلبي أن لا تحدث تقلبات كبيرة في الأسعار، إلا أذا حدثت مخاطر عسكرية أو جيوسياسية تؤثر على مناطق الإنتاج وخاصة ما هو قريب من منطقة الخليج العربي، كإغلاق مضيق هرمز، رغم أنني أستبعده شخصياً، وبالتالي من المتوقع أن تبقى الأسعار حول المائة دولار مع استمرار تذبذباتها.